برعاية

لماذا لن يكون ميسي الأعظم في التاريخ، أبدًا !

لماذا لن يكون ميسي الأعظم في التاريخ، أبدًا !

وجهة نظر تُخص الكاتب نفسه ولا تُعبر عن رأي الموقع..

صفحة الكاتب على فايسبوك   {حسين ممدوح} - تابعني على تويتر 

علينا أن نتقبل وجهة النظر المُخالفة، كما نتقبل الحياة بتناقضاتها، وربما تختلف أنت الآن مع وجهة نظري وتعتبرني حاقدًا، بينما يراك الآخرين حاقدًا عليهم لرأيك في مسألة ما، إذن لماذا لا نجلس سويًا ونُفكر في هذه المسألة مثلًا، لماذا لن يكون ميسي الأعظم في التاريخ حتى وإن فاز بكأس العالم!

بداية أقول أنني تابعت ميسي من أول وهلة، كنت أجلس بغرفتي لأتابع رونالدينيو مع برشلونة، فريق فرانك ريكارد، سجل البرازيلي الساحر هدفًا رائعًا، لا أذكر اسم الفريق الذي كان يواجه البارسا حينها، ما أذكره تحديدًا هو أنني انتشيت تمامًا لأنني أُعجبت بما لدى البارسا من مواهب، لاعب صغير يدخل الميدان ويسجل من الوهلة الاولى هدفًا رائعًا بعد أن قام بلعب الكرة من فوق الحارس وذهب لاحتصان رونالدينيو، قلت "يا للمواهب التي يملكها البارسا بسبب أكاديميته"، لم أكن أظن بعد تلك السنوات أنني سأضطر للكتابة عن هذا الصغير الذي أصبح حديث العالم لسنوات وسنوات، هذا الصغير الذي لديه ملايين الأحباء، ولديه الكثيرين ممن لا يحبونه لأنه خصم ناديهم المُفضل، وهناك آخرين تابعوه من بعيد، وتابعوا غيره، ولهم أن يقرروا، ما هو موضع هذا البرغوث الصغير الرائع من تاريخ كرة القدم العالمية والرياضة؟، ولماذا قد أراه أنا أقل من آخرين لأسباب اعتبرها وجيهة وهى كالتالي..

في عدة مواقف ظهر ليو دون أي وسائل تحفيز وثبات نفسي خاصة عندما يلعب مع منتخب الأرجنتين، عندما يلتحم أكثر بخشونة وحدة المواجهات الفردية بالكرة أو بدون، فأنت لا تحتاج فقط للمهارة، وهى التي لا تنقص ميسي بأي حال، لكن الاحاديث داخل الملعب، النظرات، القلوب عندما تكون مُطالبة أن تشتبك وتتحد، لا تتوفر لديه، ونحن نعلم مثلًا كم أن هذا مهم في مواجهات الفرق اللاتينية لبعضها، نفس الأمر حينما يكون مطلوبًا منه تحقيق المعجزة، البعض يُحمله أكثر من طافته.

قد نفهم أن يقول البعض بأن ميسي عندما يكون بهذا التأثير والعظمة الفنية في برشلونة، فإنه يكون معرضًا أكثر من أي أحد آخر للضغط، لكن عذرًا، ألا نشبه وتشبهون كرة القدم كثيرًا بمصطلحات يومية حياتية، بمصطلحات عاطفية انسانية بحتة، اللاعب والرياضي ليس آلة، ان لديه مقومات أخرى يجب أن توضع في الاعتبار، مثلما لا يمكنك بمهارتك وعبقريتك في شيء ما تصنعه أن تصل لما ترنو إليه إلا إذا تعرضت لضغوطات لم يتعرض لها أقرانك، وعليك أن تتعامل معها.

ليس هناك رياضي متكامل، ربما هناك كثيرين اقتربوا من الكمال، ولكن ففي هذا العصر فإن الرياضي المتفوق كميسي وكريستيانو وفيدرير ونادال يعتبرون مؤسسات وليس أشخاص، وميسي لا يمتلك شخصية متفردة يُمكنه بها أن يسرق قلوب الجميع حتى خارج الميدان، مثلما كان مارادونا، باتيستوتا، روماريو وآخرين، فهو صامت، متبلد، لذا فإنه وصل بطريقة أخرى، عن طريق الدعايات الخاصة لكبرى الشركات في العالم، قيمة استضافة ميسي في أي قناة أو حدث من الجانب المادي هائلة، ولكن هذا الوصول عند البعض لا يُمكن أن يكون مثيرًا للإعجاب من وجهة نظرهم.

وهنا يقفز إلى أذهاننا جميعًا اسم جونزالو هيجواين، هذا السمين البغيض الذي يضيع الفرص والأهداف المحققة أمام المرمى من وجهة نظر مُحبي ميسي، لكن ان استعرضنا مشوار راقصي التانجو في المونديال الاخير، وقائمة الفريق، فسنرى أكثر من لاعب ممتاز، مجموعة لم تتوفر سابقًا في أجيال الأرجنتين الماضية، واتهام لاعب بعينه في ضياع كل البطولات هو محض هراء.

بضعة ملايين إضافية لن تجعلك رمزًا

حقق ميسي دورًا هو الأعظم في الكثير من بطولات وأمجاد برشلونة، حقيقة، لكنه أيضًا هو من لاقى العناية الكبيرة من البارسا منذ صباه، عالجه النادي الكاتالوني من نقص النمو، قام بتأهيله في أكاديمية اللا ماسيا عى خير وجه، وعندما يأتي الآن في عامه الثلاثين ويماطل في عملية التجديد ليأخذ بضعة ملايين إضافية، فعفوًا، من الصعب أن أجده رمزًا، لم يُعاني في مسيرته بالشكل الذي يمكن أن تلحظه في مسيرة الآخرين، لم يهبط للدرجة الثانية أو لم يوافق على التضحية بنصف راتبه من أجل ناديه، آخرون فعلوا ذلك، واستحقوا أن يكونو رموزًا، قل عنه أسطورة، قل أنه لا أحد يشبهه، لكن لم يكن رمزًا في برشلونة كما يجب أن يكون.

المدافعين عنه يرتكبون خطئًا قاتلًا بالتقليل من الآخرين

كتب أحدهم مقالة - بل مقالات- يُدافع فيها باستماتة عن ميسي بعد فشله في التفوق على جاري ميديل في نهائي بطولة كوبا أميركا، وخسارة اللقب مجددًا أمام تشيلي، موضحًا أن مارادونا نفسه كانت له بضعة لحظات سيئة مع منتخب الأرجنتين، فلنتحدث إذن بما يُعقل، هل تُقارن التطور الكبير لكرة القدم الأرجنتين في دوريها المحلي، والعتاد الهائل من المواهب بأرجنتين الثمانينات، بل عفوًا، لم يجد مارادونا نفسه ملكًا في المنتخب الأرجنتيني إلا قبل أن يحقق البطولات، إضافة لأنه لم يكن يلعب لناديًا كبيرًا للغاية يدعمه ويقف بجانبه، ميسي يتعرض لضغوط نعم، لكن أقل بكثير من الآخرين، هل كان بيليه بسن الـ17 عامًا حينما حقق كأس العالم مُجرد طفل مُراهق حققه أم أن لديه الاستعداد الذهني لصناعة الفارق في كل الأحوال؟، لماذا لا نقول بأن وسائل وقنوات الإعلام والتواصل الاجتماعي حاليًا تلعب فارقًا في صالح ميسي، حيث تجعله يكسب نقطة على خصومه قبل أن تبدأ المباراة حتى؟، ربما تكون مسألة الضغوط تلك جدلية، ولكنها مرتبطة كذلك بالمقومات النفسية للرياضي والتي سبق عرضها بالأعلى.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا