برعاية

أفضل ظهير أيسر بالليغا.. خارج أسوار برشلونة وريال مدريد

أفضل ظهير أيسر بالليغا.. خارج أسوار برشلونة وريال مدريد

المدرب هو الشخص الذي يوفر أساليب تدريبية مميزة، يقوم بتطوير لاعبيه، يحولهم من تقدير جيد إلى جيد جدا، ومن جيد جدا إلى ممتاز، هذا هو تعريف المدرب وفق منظور التكتيك، وجورجي سامباولي واحد من هؤلاء الذين يتميزون في هذا الشق، من خلال تحسين مستوى لاعبيه، وإضافة مزايا التمركز والحركة لقدراتهم، مع جعلهم أقرب لفهم الكرة وتفاصيلها، لذلك صنع حالة فريدة من نوعها في إشبيلية، رغم أنهم سيخرجون بدون بطولة نهاية الموسم.

" أعطني حفنة من اللاعبين وسوف أعطيك فريقا جيدا، وإذا أعطيتني مجموعة مميزة سوف أعطيك فريقا جيداً جداً، أما إذا وفرت لي فريقا جيدا، فسوف أجعله الفريق الأفضل في العالم، هكذا يقول فاليري لوبانوفيسكي، عراب الكرة الأوكرانية وأستاذ مدرسة الضغط في الاتحاد السوفييتي قديما، عن أسلوبه التدريبي وطريقته في تحسين مستوى فريقه. كلمات بسيطة لكنها تحمل في طيّاتها توضيحا صريحا حول فلسفته في كرة القدم، الفريق أهم من اللاعبين، والجماعية قبل الفردية بالنسبة لأي جيل ناجح.

وحرص سامباولي منذ اليوم الأول على تطبيق هذه المقولة أيضا، لذلك شاهدنا مستوى مغايرا لكل من سمير نصري ويوفيتيتش ونزونزي والبقية. ورغم الانتقادات التي طاولت الأرجنتيني بسبب حبه للهجوم ونسيانه الدفاع، إلا أن طريقة أداء مدافعيه أيضا تغيرت إلى الأفضل، خصوصا سيرجيو إسكوديرو، اللاعب الذي حصل على دور 3 في 1 مع فارس الأندلس، من خلال قدرته على الجمع بين الشقين الدفاعي والهجومي، وقيامه بأكثر من وظيفة خططية خلال المباراة الواحدة.

يشبه تطوير إسكوديرو هذا الموسم ما فعله مدربه من قبل مع معظم لاعبي منتخب شيلي، لأن اللاعب تألق فقط في مركز الظهير الأيسر خلال السنوات الماضية، ولم يشارك كثيرا تحت قيادة المدرب السابق أوناي إيمري، لكن برفقة سامباولي أصبح واحدا من أهم 3 لاعبين في النظام الجديد، برفقة نزونزي لاعب الارتكاز ونصري المتحرك في وبين الخطوط، وبالتالي يمكن لمونشي ورفاقه تسويق هذا النجم مستقبلا قبل أن يصل إلى سن الثلاثين.

يلعب فريق إشبيلية بأكثر من رسم خططي، يبدأ في بعض المباريات بخطة 3-1-3-3 التي تتحول إلى 3-4-3، قبل أن يكشف أوارقه في الشوط الثاني بالتحول إلى رباعي الدفاع والرهان على 4-1-4-1 ومشتقاتها في بعض المباريات. ويحتاج هذا النوع من المدربين إلى مجموعة مرنة تجيد التكيف مع مختلف مراكز الملعب. مدافع يحتاجه في الهجوم، ومهاجم يعود إلى منطقة الوسط، وظهير يشارك كقلب دفاع ثالث ولاعب وسط حقيقي عند الاستحواذ، وهذا ما يفعله إسكوديرو خلال المباريات السابقة.

يبدأ سيرجيو على الخط الجانبي كظهير صريح، لكن عند الاستحواذ والبناء من الخلف، يستخدم إشبيلية أكثر من خيار من أجل فتح الملعب عرضيا، إما بعودة نزونزي بين القلبين وصعود الأظهرة إلى نصف ملعب المنافس، وقتها يصبح إسكوديرو لاعب جناح حقيقي بالثلث الهجومي الأخير، ويتحول إلى لاعب ثالث حر ينتظر الكرات الطولية من العمق إلى الأطراف، بينما الخيار الثاني يتمحور حول عودة إسكوديرو نفسه للدفاع، وقيامه بدور المدافع الثالث، ليحصل فيتولو وقتها على دور الجناح، ويقترب نزونزي من نصري في عمق الملعب.

تنتشر أظهرة إشبيلية بذكاء في كافة أركان الملعب، لذلك يدخل إسكوديرو كثيرا في العمق من دون الكرة، ليصبح لاعب ارتكاز آخر على مقربة من نزونزي، من أجل التحكم في التحولات وتقليل المرتدات إلى حد ما. وبمجرد الحصول على الكرة تبدأ المرتدة السريعة، لينطلق نفس اللاعب من الوسط إلى حافة منطقة جزاء في أنصاف المسافات، من أجل خلق الفراغ أمام لاعب الجناح على الخط، وإتاحة الفرصة أمام المهاجم المتقدم للحصول على موقع أفضل، نتيجة وجود أكثر من زميل داخل وخارج منطقة الجزاء.

وبالتالي فإن إسكوديرو يبدأ المباراة كظهير حقيقي، ثم يتحول إلى دور الجناح الحر، ويقوم بمهام لاعب الارتكاز "البوكس تو بوكس"، من خلال مشاركة نزونزي في قطع الكرات، والتقدم السريع من المنتصف إلى الثلث الأخير أملا في التسديد من بعيد، أو صنع ما يعرف بالفوضى الخلاقة ليحصل غيره على حق إنهاء الهجمة في منطقة أفضل بالقرب من المرمى.

تخاف معظم الفرق الكبيرة من التعاقد مع أي لاعب يزيد عمره عن 25 عاما، إلا إذا كان معروفا بقوة في الأوساط الجماهيرية والإعلامية، ويبدو هذا الإتجاه خاطئاً على كافة المستويات، فيمكن لأي لاعب مهما كان سنه إضافة الشيء الناقص إلى تكتيك المدرب، ولنا عبرة بما فعله كونتي مع تشيلسي هذا الموسم، بعد أن تحول سريعا إلى 3-4-2-1، وتعاقد مع الإسباني المغمور ماركوس ألونسو من فيورنتينا، رغم أنه مواليد عام 1990 ويلعب منذ فترة طويلة دون ضجيج أو اهتمام.

نجح ألونسو في رد الجميل لمدربه، وحصل على مساحة كبيرة للحركة على الطرف الأيسر، كجناح صريح في طريقة ثلاثي الخلف، ومدافع إضافي من دون الكرة، لإغلاق كافة الفراغات أمام هجوم الخصم والتمركز كخماسي قوي أمام المرمى، ليقترب تشيلسي بشدة من لقب الدوري، لأنه يضم بين صفوفه ثنائيا خارقا كهازارد وكوستا، ويمتاز دفاعه بأنه الأقوى في إنكلترا بعد توتنهام.

يستطيع إسكوديرو أيضا الذهاب إلى أي ناد كبير وتحقيق النجاح، بسبب قوة شخصيته في الاحتفاظ بالكرة تحت ضغط، وقدرته على المراوغة وهزيمة المدافعين، مع مميزاته الخاصة بالافتكاك والقطع والعرقلة من الأساس. وتؤكد لغة الأرقام أن لاعب إشبيلية يجيد أيضا التعامل مع الكرات الهوائية، من خلال مشاركته في لعب الرأسيات، بنفس نجاحه في كسر هجمات الآخرين، ولعب العرضيات إلى زملائه داخل المنطقة، وبالتالي يصبح عملة نادرة في كونه ظهيرا مهاريا لا يلعب فقط على الأرض كمعظم أقرانه.

يعتبر البرازيلي مارسيلو من أميز الأظهرة في السنوات الماضية، بسبب مهارته وسرعته وصناعته لعدد وافر من الأهداف، بالإضافة إلى مزايا الاختراق من الطرف إلى العمق والتسجيل من مسافات قريبة، لذلك شكل عاملا رئيسيا في نجاحات الملكي مؤخرا. ومع القوة الهجومية الكبيرة لمارسيلو، يعاني اللاعب اللاتيني دفاعيا حتى في أوج عطائه، لتكون الجبهة اليسرى بمثابة الصداع لأي مدرب مدريدي في المباريات القوية التي تعتمد على المرتدات القاتلة.

وخلال هذا الموسم، انخفض مستوى مارسيلو بشكل واضح في أكثر من مباراة، ليكون هو نقطة الضعف الوحيدة في مباراة بلباو الأخيرة، لدرجة أن فريق الباسك الذي يعتمد فقط على العرضيات وألعاب الهواء، نجح في الوصول إلى مناطق خطيرة خلف دفاعات الريال، بسبب سيطرة الشاب إيناكي ويليامز على الأجواء أمام مارسيلو، واختفاء البرازيلي تماما في أي مواجهة، مع صعوده المستمر إلى نصف ملعب الفريق الآخر.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا