برعاية

تشاكا السيئ وفينالدوم الرائع.. السر في اللاعب أم الفريق؟

تشاكا السيئ وفينالدوم الرائع.. السر في اللاعب أم الفريق؟

توقع أغلب المتابعين موسم كبير للدولي السويسري غرانيت تشاكا في لندن، نتيجة تميزه في الجمع بين الواجبات الدفاعية والهجومية في آن واحد، مع قدرة كبيرة على التغطية أمام الرباعي الأخير، وتفوقه على أقرانه في ما يخص التمرير والاحتفاظ بالكرة، وهذا ظهر بوضوح خلال بطولة يورو 2016 التي أقيمت بالصيف الماضي.

إنه "أينشتاين الصغير" كما أطلقت عليه الصحافة الألمانية في تقرير سابق، بسبب دقة تمريراته وتميزها من الخلف، مع الرؤية الممتازة في بناء الهجمات، والدفاع على طريقة اللعب التمركزي، من خلال شغل الفراغات من دون الكرة، وإغلاق كافة زوايا التمرير على لاعبي المنافس، كأسلوب قريب بعض الشيء من طريقة نجم برشلونة بوسكيتس في اللعب. لكن ليس بالضرورة أن ينجح لاعب بهذه المقومات مع أي فريق، خصوصا إذا كان يستعمل لاعبيه بطريقة مغايرة.

تشاكا لاعب ارتكاز قوي في التمرير، مميز في ألعاب الهواء، ورائع في افتكاك الكرات، مع ميل إلى لعب الكرات الطولية والتمريرات القصيرة في وبين الخطوط. بذلك هو لاعب ارتكاز صريح أو حتى مساند خلف زميل يهاجم باستمرار ويتحرك في وبين الخطوط أمامه. ونتيجة لهذه المعطيات، فإن خطة 4-2-3-1 ليست هي السبب بقدر ما في كيفية تنفيذ آرسنال لها، لتتمحور أهمية لاعب الارتكاز في الحركة المستمرة لا البناء من الخلف.

يفضل تشاكا اللعب بمفرده أمام خط دفاعه، وتألق كثيرا بالبوندسليغا مع فريق مونشنغلادباخ رفقة محمود داهود، بسبب حصول غرانيت على فرصة البناء من الخلف، وتفننه في قطع الكرات بالعرقلة المشروعة، لذلك أبدع في مركز "الريجستا" الدفاعي، وترك الشق الهجومي في نصف ملعب الفريق الخصم لزميله الأقرب إلى لاعب الوسط المهاجم، تشاكا يدافع ويبني أمام دفاعه، ومحمود يخترق وينطلق كلاعب هجومي بالثلث الأخير.

بينما في آرسنال الأمر مغاير، لأن فينغر يعتمد عدة تشكيلات في منطقة الارتكاز، كان آخرها في مباراة الأنفيلد، عندما راهن على ثنائية كوكلين وتشاكا في عمق الوسط، ليواصل اللاعب الجديد أدائه الهزيل، بسبب تداخل المهام الدفاعية بينه وبين زميله الفرنسي، وعدم تألقه على التقدم للأمام والتمرير في أضيق المساحات داخل نصف ملعب الليفر، ليغيب خط وسط المدفعجية عن المباراة، ويعود تشامبرلين كثيرا للدعم تاركا مركزه على الطرف.

بكل تأكيد لم يصل تشاكا إلى مستواه الحقيقي بعد، ربما الأمر بسبب ظروف شخصية يمر بها اللاعب، أو تغير تكتيكي من دوري إلى آخر، لكن في كل الأحوال هناك شبه إجماع على تشتيت اللاعب من خلال إشراكه كلاعب ارتكاز دفاعي ومساند وهجومي في بعض المباريات، ليفقد بوصلته المعتادة ويخرج عن النص في بعض المواجهات ليتم طرده.

ورغم قدراته الفنية الفذة، إلا أنه دخل سريعا في خانة الشك هذا الموسم، والسر في عدم ملائمة تكتيك آرسنال لطبيعة لعبه، وافتقاده لحرية البناء من الخلف، لأن فينغر يركز أكثر على تحرك لاعبي الوسط، وبدأ الهجمة بتمريرة مباشرة من المدافعين تجاه لاعبي الثلث الهجومي، وبالتالي فإن تشاكا مجرد عامل مساعد في هذه التركيبة وليس العنصر الرئيسي كسابق عهده مع فريقه القديم ومنتخب بلاده.

فاز ليفربول في المقابل بثلاثة أهداف مقابل هدف، وواصل كلوب عادته الجيدة أمام الكبار بتحقيق الانتصارات، لأنه يهدف في مثل هذه المباريات إلى السيطرة الكاملة على منطقة الوسط، لمنع منافسه من التمرير بأريحية، ومن أجل تطبيق الضغط المرتد الذي يجيده بشدة منذ أيام ألمانيا، لدرجة أن الليفر افتتح التسجيل مبكرا بأقل عدد ممكن من اللمسات بنصف ملعب المدفعجية، مجرد تمريرتين إلى ثلاث، ليصل فيرمينو إلى الشباك.

أعطى تقدم أصحاب الأرض في النتيجة يورغن راحة أكبر، لأنه وصل إلى ما يريد بالشوط الأول، بعد وضع آرسنال تحت الضغط وتسجيل هدفين، ليحاول فينغر في بقية المباراة التعويض، وهنا يندفع لاعبوه إلى الأمام أكثر فأكثر، ليحصل "الريدز" على الأفضلية في المساحات الشاسعة خلف الدفاع المتقدم، هكذا جاء هدف التأكيد في الدقائق الأخيرة من المباراة. صحيح أن الفريق الفائز سجل أيضا من هجمة منظمة بالهدف الثاني، لكن تبقى لعبة التحولات هي الأساس، دفاعا وهجوما.

يلعب ليفربول على الورق بطريقة قريبة من 4-3-3، لكن داخل الملعب تدور كافة التحركات حول 4-6-0، بسبب عدم وجود مهاجم صريح، وتقارب سداسي المقدمة من بعضهم بشكل واضح. إيمري كان في الخلف، وأمامه فينالدوم ولالانا، ثم كوتينهو وماني وفيرمينو معا، مما يجعل زوايا التمرير أشمل أمام حامل الكرة، ويظهر الوسط الآخر وكأنه محاصر بين الخطوط، ليحاول غلق العمق بأكبر عدد من اللاعبين، ويترك الأطراف أمام الأظهرة المتقدمة وأصحاب السرعات كماني الذي يهرب باستمرار إلى الفراغ المتاح.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا