برعاية

تقرير | عمالقة إنجلترا في الدرجة الخاطئة!

تقرير | عمالقة إنجلترا في الدرجة الخاطئة!

صفحات ضخمة من تاريخ مهد الكرة ..

   إعداد | محمود عبد الرحمن     تابعه عبر تويتر  

يحكي ماضي بلاد مهد كرة القدم عن عمالقة أفنوا سنوات في صناعة تراث عظيم وماض مجيد، فمسيرتهم التي أوصلتهم إلى قمة الهرم الكروي تزينت بإبداعاتهم وتخلّدت بتتويجاتهم، فدخلوا التاريخ من بوابة المجد وحفرت أسمائهم بأحرف من ذهب على صخرة العظماء، قبل أن تخونهم كرة القدم ويتبدل حالهم، فكرة القدم مثل الحياة يا صديقي لا تضمن لك الاستمرار على القمة دائمًا.

أحد علامات الدوري الإنجليزي بالمسمى الجديد، خصوصًا في العقد الذي سبق الألفية الثانية، حين كانت الأندية ترتعد من تشكيلة مدججة بالمواهب وتتسلح بملعب صاخب وجمهور لا يمل من الصراخ.

بين 1990 و2000.. كان نيوكاسل الرقم الصعب في إنجلترا، كان على مقربة من الحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز مرتين متتاليتين، في 1995/1996 و1996/1997، لكن مانشستر يونايتد تسلح بعوامل كثيرة ليخمد ثورة «جيوش المدينة».

7 أندية فقط تتفوق على نيوكاسل في عدد مرات التتويج بكأس إنجلترا، لكنه لم يرفع البطولة الأعرق في كرة القدم منذ عام 1955، وكان قريبًا من تحقيق اللقب مرتين في نهائيين متتاليين عامي 1997، 1998.. لكن نحس نيوكاسل امتد إلى البطولة فخسر في المرتين على يد آرسنال ومانشستر يونايتد على التوالي.. لتؤصل السنوات الـ3 في الفترة من 1995 إلى 1998 الفترة الأكثر سودوية لفريق كان قادرًا على فرض هيمنة مطلقة على كرة القدم الإنجليزية.

في الواقع، تبقى البطولات التي حصل عليها «الماكبايس» في نصف القرن الأخير تتمثل في لقبين في دوري الدرجة الأولى (1992/1993 و 2009/2010). ومع ذلك، فإن ملعب الذي يحمل أكثر من 50 ألف مناصر متيم بحب الأبيض والأسود، وتلك القاعدة الجماهيرية الكبيرة في منطقته، وأساطيره، ومساهماته الكبيرة للكرة البريطانية، جعلت مكانته راسخة في قلب التاريخ الكروي في مهد كرة القدم.

حين يُذكر اسم مالكوم ماكدونالد في جنبات «سان جيمس بارك» يقف المستمع تبجيلاً للاعب كان بمثابة آلة تهديف حقيقة في سبعينيات القرن الماضي، الأمر نفسه بالنسبة لجاكي ميلبورن، الذي سجل ما يقرب من 200 هدفًا لنيوكاسل في حقبة الأربعينات والخمسينات.

ويبقى آلان شيرر (الهداف التاريخي للدوري الإنجليزي الممتاز) بمثابة أيقونة للنادي، فمن أجله حطم نيوكاسل أسعار الانتقالات حين دفع 15 مليون جنيه إسترليني في عام 1996 ليحظى بخدماته من بلاكبيرن روفرز، بعد أن قاد الأخير لتحقيق لقب البريميرليج في موسم أسطوري، ومع نيوكاسل وعلى مدار عقد من الزمن حقق شيرر أرقامًا فردية خارقة بتسجيل 206 هدفًا.

أحد ألمع المواهب الإنجليزية على مدار التاريخ، بول جاسكوين، قضى 3 سنوات في نيوكاسل بعد أول ظهور له معه عندما كان يعيش ربيعه الـ17 في عام 1985، وظل منذ هذه اللحظة مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالفريق والمدينة.

في بداية عام 2016، احتل نيوكاسل يونايتد المرتبة الـ18 على لائحة أغنى الأندية في العالم، لكن مع ذلك شهد نهاية الموسم صدمة للكرة الإنجليزية بهبوط الفريق، فعلى الرغم من قدوم مدرب مرموق بقيمة رافا بينيتيز، لكنه لم يكن قادرًا على تجنب الهبوط في 10 مباريات خاضها الفريق تحت إمرته.

في آخر 10 سنوات، فقد نيوكاسل اسمه اللامع، موسمه المميز في 2011/2012 حين احتل المركز الخامس لا يخفي حقيقة أن المالك مايك أشلي فشل في إعادة الأيام الخوالي للماكبايس.

في المرة الأخيرة التي سقط فيها نيوكاسل إلى «التشامبيونتشيب» نجح في العودة للبريميرليج في الموسم التالي، وهذا هو بنسبة 99% ما سيحدث مرة أخرى في الموسم المقبل، فعودة نيوكاسل مسألة وقت لا أكثر.

في الحقيقة ما يُميز مايك أشلي أنه حتى بعد السقوط لا يسمح بانهيار قوام الفريق، وهو ما حدث هذا الموسم، فبخلاف كل التوقعات، استمر المدرب رافا بينيتيز في سان جيمس بارك ولم يرحل عن الفريق بعد هبوطه.

ومع بينيتيز يسير نيوكاسل بخطى ثابتة نحو العودة باعتلاء صدارة دوري الدرجة الأولى قبل 12 مرحلة على النهاية، مع العلم أنه قد يترشح مباشرة حتى لو احتل المركز الثاني.

عزز نجاح نوتنجهام في نيل لقب دوري أبطال أوروبا مرتين متتاليتين عامي 1979، 1980 مكانته الأسطورية في كرة القدم الإنجليزية.. يمكنك هنا تخيل الصدمة التي هزت أركان أوروبا آنذك من هذا الفريق المجهول الصاعد لتوه الذي تسيدها مرتين.

المستحيل كلمة لا تتواجد في قاموس برايان كلوف، الذي اعتاد على أخذ الفرق من الدرجات الأدنى لينسج معها الخيال بعينه.. قصص كلوف يضرب بها المثل الآن، وضرب بها المثل حين توج ليستر سيتي باللقب الموسم الماضي. الحلم في النوم فقط.. عندما تستيقظ بإمكانك لمس السماء إن أردت.

فاز نوتنجهام بالدوري الإنجليزي مرة واحدة فقط في موسم 1977/1978 بفريق جودته أقل من فرق عديدة في ذلك الوقت، كما فاز بـ 4 بطولات لكأس الرابطة وبطولتين لكأس الاتحاد الإنجليزي.

لا يوجد اسم في تاريخ فريق «الغابات» يعلو على اسم برايان كلوف، الذي تمكن بين عامي 1975 و1993 في صناعة تاريخ نوتنجهام دون دعم مالي .. هناك أيضًا جون روبرتسون الذي سجل هدفًا في نهائي دوري الأبطال 1980، إضافة لزميله إيان بوير، وهما من أعمدة حقبة كلوف، وخاضا معًا أكثر من 1000 مباراة بقميص نوتنجهام.

يعد ستيوارت بيرس أكثر لاعب مبدع بالنسبة لهم في السنوات الـ25 الماضية، حيث دافع مدافع إنجلترا السابق عن ألوان نوتنجهام في أكثر من 500 مباراة، وساعدهم على تحقيق كأس الرابطة، وخسر معهم في نهائي كأس إنجلترا.

وقدم كلوف لكرة القدم البريطانية، أحد أفضل اللاعبين في مركز الارتكاز، وهو قائد مانشستر يونايتد روي كين الذي اكتشفه المدرب الأسطوري في نوتنجهام، كما لمع معه أيضًا مارتن أونيل.

سقط نوتنجهام من الدوري الإنجليزي الممتاز 3 مرات منذ تدشينه بالمسمى الجديد، كان آخرها في عام 1999، وقد أنفق الكثير من المال في محاولة العودة، وعندما فشل عانى من مشاكل مالية ضخمة.

في موسم 2003/2004، كان من العار أن يٌصبح نوتنجهام بطل أوروبا الوحيد القابع في الدرجة الثالثة (الثانية بالمسمى في إنجلترا)، لكنه بعد 4 سنوات نجح في العودة إلى «التشامبيونتشيب» وظل ينافس فيه منذ ذلك الحين، لكنه لا ينجح في تسلق سلم الترتيب.

في عام 2012 انتقلت ملكية النادي إلى عائلة الحساوي الكويتية، وهنا ازدادت الآمال في أن تتعزز حظوظ نوتنجهام في الترقي، لكن الأمل لم يتحقق بعد.

ويبدو أن الانتظار سيستمر لموسم آخر، فنوتنجهام بعيد جدًا عن أول 6 مراكز في دوري الدرجة الأولى، رغم امتلاكه تشكيلة مميزة.

إن كانت بريطانيا لم تغب عنها الشمس في فترة من الفترات، لكن تلك الشمس غابت منذ اللحظة التي سقط فيها ليدز يونايتد.. نادٍ بماض مجيد، وحاضر يحدوه الأمل.

بدأ العصر الذهبي للوايتس مع تعيين دون ريفي كمدرب في عام 1971، وخلال 13 عامًا كان ليدز من أقطاب الكرة الإنجليزية بالحصول على الدوري الإنجليزي مرتين، ووصيف في 5 مرات، وفاز بكأس إنجلترا وكأس الرابطة، كما وصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا لكنه خسر على يد بايرن ميونيخ.

مثله مثل نيوكاسل يونايتد، يستفيد ليدز من كونه النادي الوحيد في مدينة كبيرة، وهذا يعني أن لديهم قاعدة جماهيرية هائلة.. في «الأيلاند روود » مع قدرته على استيعاب أكثر من 37 ألف مناصر، فليدز يعد من الأندية التي تتمتع بمساندة جماهيرية من بين الأكبر في كرة القدم الإنجليزية.

يتفاخر ليدز بأنه آخر بطل للدوري الإنجليزي بالمسمى الجديد قبل انطلاق «البريميرليج»، ظل حصانًا بارزًا في البطولة، حتى أن سمعته عادت لأوروبا حين وصل للدور قبل النهائي في دوري أبطال أوروبا 2001، لكنه بعد ذلك عانى من انهيار تام من الناحية المالية مما أدى إلى هبوطه في عام 2004.

بيلي بريمنر، بيتر لوريمر، آلان كلارك وإيدي جراي، من بين العديد من أساطير النادي الذين دشنوا عصره الذهبي في عهد ريفي.

في بدايات التسعينات، لمع مع ليدز جوردون ستراكان وجاري مكاليستر ولوكاس راديبي وجاري سبيد، إضافة إلى إيريك كانتونا، قبل أن يدخل في لائحة الخونة من أنصار ليدز بانتقاله إلى الغريم مانشستر يونايتد، مثل قائد الفريق آلان سميث، الذي أقسم أنه لن يرتدي القميص الأحمر أبدًا.

عندما ننظر إلى آخر فترات لمعان ليدز وعامه الأخير في البريميرليج سنجد كوكبة من النجوم أيضًا مثل مارك فيدوكا، جوناثان وودجيت، وهاري كيول، روبي كين، جيمس ميلنر.

هز هبوط ليدز في عام 2004 أركان الكرة الإنجليزية، هبوطه في حد ذاته مثل صدمة خرجت منها كتب ودراسات، لتحاشي تكرار تجربة انهيار ليدز «العظيم».

جرح ليدز ازداد في عام 2007 عندما هبط لدوري الدرجة الثانية للمرة الأولى في تاريخه.. كانت ليلة سوداء بكل المقاييس في المدينة البيضاء .. أمضوا 3 سنوات من غياهب الدرجة الثانية، قبل أن يعود إلى دوري الدرجة الأولى، لكنه لم يكن منافسًا حقيقيًا على الترقي، لكن هذا الموسم الأمور تغيرت تمامًا وهو ما سنسرده في الفقرة القادمة.

ربما يكون ليدز ونيوكاسل فقط من هذا الموضوع الأقرب للعودة هذا الموسم لمكانتهما الطبيعية، فالحال تبدل في ليدز عن السنوات السابقة، بعد قدوم المدرب جاري مونك، الذي أشرف على سوانسي سيتي في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث كون فريقًا رائعًا يضم أفضل مدافع (بونتوس يانسون) وأفضل مهاجم (كريس وود) في دوري الدرجة الأولى هذا الموسم.

ليدز الآن مستقر بين المراكز الـ6 الأولى في دوري الدرجة الأولى، مع تبقي 12 مباراة على نهاية البطولة، علمًا بأن لوائح دوري الدرجة الأولى تنص على تأهل البطل ووصيفه للبريميرليج مباشرة، فيما تخوض الفرق التي احتلت المراكز من الثالث للسادس تصفيات تأهيلة لتحديد الفريق الثالث الصاعد.

تعززت الآمال في عودة ليدز لسابق عهده بعد نجاح مجموعة آسير القابضة في الحصول على 50% من أسهم النادي مؤخرًا.

لا أنسى أبدًا المباراة الأولى لأستون فيلا في دوري الدرجة الأولى هذا الموسم، والمعلق يقول «أحاول التأكد أن هذه المباراة في محلها الصحيح من الإعراب!».

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا