برعاية

هيرفي رينار.. أستاذ المرونة التكتيكية وعاشق القارة السمراء

هيرفي رينار.. أستاذ المرونة التكتيكية وعاشق القارة السمراء

"أفريقيا حبيبتي، القارة التي أعطتني الفرصة للظهور على الساحة العالمية، وتقديم أفكاري في بطولة عريقة بحجم الكان، أدين بالكثير إلى هذه المنطقة وسأظل وفيا لها طوال مسيرتي". على طريقة وما جزاء الإحسان إلا الإحسان. سار الفرنسي الرحالة هيرفي رينار على هذا الدرب، حينما فاز بنسخة كأس أفريقيا برفقة المنتخب الزامبي عام 2012، في أكبر مفاجأة هزت أركان الأدغال السمراء خلال السنوات الأخيرة.

يشبه رينار حال ذلك الفتى الذي لا يعرف طريق النجاح في بلاده، فيهجرها على أمل اكتشاف نفسه في مكان بعيد، وبعد أن يتذوق هذا الشرف المنشود، يحاول مرة أخرى العودة من حيث أتى، حتى يرضي غروره ويعيد تلك الحالة المميزة أمام المقربين منه، لكنه سرعان ما يواجه نفس العقبات، ليقرر الهروب مرة أخرى إلى الطريق الذي آمنه وآمن بموهبته.

هيرفي مدرب فرنسي أتيحت له الفرصة للعمل في أفريقيا عن طريق كلود لوروا ضمن الجهاز الفني لمنتخب غانا، ثم انطلق بعد ذلك باتجاه عدة منتخبات كزامبيا، وكوت ديفوار، أنغولا، والمغرب. والمفارقة الغريبة في مشوار رينار أنه كلما نجح في أفريقيا، كلما عاد إلى بلاده فرنسا لمحاولة إثبات نفسه مرة أخرى، كلما فشل في الدوري الفرنسي دون أسباب مقنعة، فالمدرب حقق اللقب الأفريقي مع زامبيا وعاد إلى سوشو غريبا، ثم قاد ساحل العاج إلى البطولة ليتحدى أقرانه رفقة ليل، لكنه أقيل سريعا ليدرب أسود الأطلسي هذه المرة.

النجاح ليس في النتائج بقدر عملية الأداء، ورينار نجح بامتياز في اكتشاف خبايا القارة الأفريقية، ومعرفة الأدوات التي تساعده على الاستفادة القصوى من نقاط القوة ومواطن الضعف على حد سواء، لكنه ظهر ضعيفا مشتتا خلال تجربتي سوشو وليل، لدرجة تقديم هذه الفرق مستوى سيئاً بعيدا عن النتائج الكارثية، ويبدو الفرنسي من نوعية المدربين الذين يريدون وقتا طويلا للإعداد والتجهيز، لذلك تناسبه أكثر فكرة تدريب المنتخبات أكثر من الأندية.

يقول رينار في حوار قديم مع النسخة العالمية لموقع جول،"يتمتع لاعبو أفريقيا بمهارة فائقة وسرعة مذهلة، لدرجة أنهم أفضل في هذه الخصائص من نجوم أوروبا، لكنهم يعانون من فقدان التركيز والعصبية الزائدة في بعض المراحل، مع نقص في فهم معنى الاحتراف وعلاقته بتمثيل منتخبات بلادهم، لذلك كل ما يفعله محاولة جعلهم محترفين أكثر من اللازم، حتى يحصل منهم على أفضل نسخة ممكنة".

وعندما وصل المدير الفني إلى ساحل العاج، كان يعرف جيدا أن هذا المنتخب يصنفه الكثيرون كأفضل منتخبات القارة، لكنه يواجه سوء طالع رهيباً في الكان، وبالتالي عمل منذ اليوم الأول على تقوية الشق الدفاعي لهذه المجموعة، ومحاولة إيجاد تكتيك يناسب قدراتها، مع الحفاظ على الأسلوب الأساسي الخاص بالمبادرة والكرة الهجومية.

تبدأ كوت ديفوار البطولات المجمعة بطريقة قوية ثم يهبط معدلها في المواجهات المصيرية، لكن مع رينار حدث العكس، دخلت النسخة بهدوء شديد ثم ارتفع النسق حتى النهائي، مع طريقة لعب 4-4-2 صريحة، حتى يستفيد من الثنائي جيرفينيو وبوني في الأمام، رفقة الطرفين ماكس جارديل وتييني، مع حماية تقدم توريه بوجود سيريه ديه بجواره في محور الارتكاز، شكل خططي قريب مما فعله مع زامبيا من قبل في 2012.

عادت المغرب إلى الواجهة مع رينار في نسخة 2017 بعد 13 عاما من الغياب عن الأدوار الإقصائية، وامتاز الفريق المغربي على مر تاريخه بأصحاب المهارات الخاصة، لكنه عانى كثيرا من الفردية وانخفاض المستوى الناتج عن الاستهتار. وبعد تولي المدرب الفرنسي المهمة، بعث برسالته للجميع، سيلعب من يستحق فقط دون النظر إلى الأسماء، وكان حكيم زياش هو أشهر ضحاياه قبل انطلاق البطولة.

يضم عمق المنتخب المغربي مجموعة من المواهب المنتشرة في أكثر من مكان، لكنه عانى من ضعف الانضباط التكتيكي، وهذا ما أضافه الفرنسي بالمدة التي قضاها، من خلال الاعتماد على رسم 3-4-2-1، بتمركز ثلاثي دفاعي صريح أمام الحارس، بالإضافة إلى رباعي آخر بالمنتصف، مع ثنائي على الأطراف ومهاجم في الثلث الأخير.

كوستا أقرب إلى الليبرو بين قلبي الدفاع، لميل بنعطية وسايس إلى الطرفين وإعطاء الفرصة لصعود درار ومنديل تجاه الأجنحة، بينما يحمي الارتكاز كلا من بوصوفة والأحمدي، فيما يكمن العمل الهجومي بين أقدام فيصل فجر، نجم الديبور الذي يربط الوسط بالهجوم، ويجمع بين مركزي صانع اللعب والمهاجم المتأخر عند الحاجة.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا