التريبونا (3) | حلم رجل سخيف!

التريبونا (3) | حلم رجل سخيف!

منذ 7 سنوات

التريبونا (3) | حلم رجل سخيف!

سطور معنية بما يحدث خارج المستطيل الأخضر الكبير، أكتبها لكم من المقصورة أو التريبونا..

كما تنتقل الكرة من مناطق متعددة في مستطيل أخر، تنتقل وتتبدل الآراء، الغضب لسرور والسرور لامتعاض، لا يوجد تروي، وفي عصر الشبكات الاجتماعية يُمكن لك أن تُقرر وتنتقد، وهو من حقك، تلك هي الكرة أو البالون، لكنني سمعت ورأيت وراقبت ما يقال عبر الميديا المصرية وهو بحر واسع لو تعلمون، عشرات الساعات ومئات المواقع والحسابات والرهانات على رجل في رصيده 25 عامًا كمدرب، هيكتور راؤول كوبر، إذا خسر مباراة غانا مساءًا، قد يُركل خارجًا صباحًا، إذا فاز قد يكون ظاهرة، ستهدأ الانتقادات وتراقب ما يأتي، لكن هذا لا يهمني في شيء.

تابعت حديثًا للاعب كرة قدم دولي مصري سابق على قناة فضائية وكان يخص منتخب الجزائر، اتهمهم بانعدام الولاء، لا أهمية لقميص المنتخب عندهم، وعندما حاصره المحاور دون أن يدري بقوله "لكنهم ذهبوا بعيدًا في مونديال 2014"، هنا وجد اللاعب السابق والمحلل الفذ مهربًا بسرعة وهو أمر يُحسد عليه حين قال "البطولات المُجمعة تختلف" فحينها حسب رأيه يشمر كل لاعب عن سواعده ويُظهر وطنيته الحقة لكن ذكاءه خانه فكأس العالم أيضًا بطولة مُجمعة، فأنهى تلك النقطة بقولٍ يدينه ويدين جيله قبل كل شيء "مثل هذه المنتخبات التي تمتلك نجومًا كُثر في أوروبا كالجزائر لا تهتم ببطولة أفريقيا"، فلماذا إذن نهتم نحن حقًا؟.

كوبر كذلك يهتم حقًا بالوصول للمونديال، لا يهتم كثيرًا باللعب الجميل والقيام بشو وعرض فني، ومثل هذه النوعيات من المدربين قليلة، وإن وجدت فهى تحتاج لبيئة خاصة، وجودة مختلفة، ولكن ألم نهزم كوت ديفوار في 2008 بالهجمة المرتدة، وكذلك الكاميرون في نهائي المسابقة، مع احترامي لحسن شحاتة وتاريخه مع هذا المنتخب فهو ليس بصاحب عقلية ثورية، بل في كثير من الأحيان كان مُحافظًا، يلعب للتأمين وكانت الجودة ومهارات خاصة جدًا في صالحه وصالحنا، لكن هذا الجيل لا يملك نفس النضج، ربما، لكن دون استباق لأي أحداث علينا أن نسأل أنفسنا لماذا أقّر الاتحاد المصري قبل شهور بأن الكان 2017 "فُرصة إعداد" لتصفيات المونديال، وهو الحلم، والآن أصبح مستسلمًا لوسائل الإعلام ويُطالب بالكرة الجميلة.

كما قلت قد يتحول كوبر لمارتشيلو ليبي جديد لو أكمل الفراعنة مشوارهم بجرأة حتى النهاية، ربما يُركل، ربما يتحلى الرأي العام بالصبر؟ هذا ما أشك به كثيرًا.

علامة مُقلقة حدثت عند تسجيل عبد الله السعيد لهدفه في مرمى أوغندا قبل نهاية اللقاء بدقائق وهو احتفال كوبر بمفرده بالهدف بينما ركض كل اللاعبين بما فيهم لاعبي دكة الاحتياط مُحتفلين بمسجل الهدف، تذكير: أوغندا لم تستقبل سوى هدفين بتصفيات أفريقيا، لم تستقبل أي هدف في آكرا أمام منتخب نجوم غانا المُرعب هناك، حصل على لقب المنتخب الأفضل في القارة لتطوره السريع في آخر 12 شهرًا، الكل أغفل ذلك وأراد حفلة صاخبة، لكن ماذا عن اللاعبين؟ لا أريد أن أكون قاسيًا على اللاعب المصري، لكن أزمة استبعاد لاعب وسط الأهلي حسام غالي كشفت الكثير، فبغض النظر عن التناحر الجماهيري الأهلاوي الزملكاوي المعتاد حول "من المخطيء؟" هو أم المدرب العام والمهاجم السابق للأبيض "أسامة نبيه"، لكن غالي كان مشروع نجم كبير ولكنه فشل في التكيف مع كرة أوروبا بقيودها وتفاصيلها التكتيكية، حتى الآن فإن كوبر نجح في أول خطوة من حلمه السخيف! -أصبح سخيفًا في الشارع المصري الذي يريد المتعة الفنية والإبهار في مباريات أفريقيا أولًا-، وحتى إن كان كوبر قريبًا من اكتساب تلك الصفة نفسها من قبل الشارع المصري فإنه نجح أن يكسب صف اللاعبين على الأقل داخل الملعب - حتى الآن- بإلتزامهم برؤيته، تعليماته وتطويع الجودة لصالح الفكرة، أو المجموعة.

«بإمكان أبي أن يُعطيني 10 آلاف ليرة لشراء قميص الإنتر، لكن لو أعطاه لي بيكالوسي بنفسه بعد نهاية المباراة لأصبحت رجلًا أفضل» 

كان هذا لسان حال أحد مشجعي إنتر في القديم، وأنا أشبه هذا الموقف بموقف مُتتبعي كرة القدم الحديثة الذين يريدون فوزًا مريحًا وبنتيجة عريضة أمام منافسين يملكون تقريبًا ثقافة تكتيكية ربما تفوقك الآن فاللاعب الأفريقي لم يعد كما كان في السابق، المعاناة لا مفر فيها في كرة القدم الحديثة، المتعة أقل، لكنها قد تكون عقيمة تمامًا، أو ربما تأتي بأشد لذة ممكنة مع معاناة!، ولن أسهب أو أفرط في القيام بعد كثير من الأمثلة من ذاكرة الكرة المصرية عن حلم سخيف تحقق بمعاناة، حتى أسطورة الجماهير الأهلاوية مانويل جوزيه لم يحقق إنجازاته بأريحية إلا حينما أعطاه أباه 10 آلاف ليرة لشراء قميص بيكالوسي!، نعم، جوزيه يعتبر بطولة دوري أبطال أفريقيا 2001 هى الأهم والأقيّم (كما ذكر في برنامج صاحبة السعادة قبل شهور مع مقدمته إسعاد يونس)، حينها كان فارقًا ومدربًا صنع من تشكيلة عادية نتائج يتذكرها به الجميع الآن، لكن ألم يسجل خالد بيبو أغلب أهدافه في أمسية الـ6-1 ضد الزمالك من مرتدات؟ّ نعم! -حينها كان الزمالك أقوى كأسماء وله الحظوظ الأكبر في الانتصار-.

الخبر من المصدر