برعاية

منتصر الوحيشي لـ «الشّروق» ... مستوى الـ «كان» متواضع ... واللقب في متناول «النسور»

منتصر الوحيشي لـ «الشّروق»  ... مستوى الـ «كان» متواضع ...  واللقب في متناول «النسور»

محلّل فني أنيق، وصاحب رأي عميق، يعشق «جوزي مورينهو»، و»موريزيو ساري». واشتغل ضيف «الشّروق» في اثنين من أكبر، وأعرق الجمعيات التونسيّة، وهما النّجم والافريقي الذي افترق عنه هذا المنسّق المتخلّق، والمدير الرياضي الحاذق لفنون الكلام، والعارف بالأقدام المحليّة، والحافظ للدوريات الأجنبيّة وسط جدل كبير خاصّة أنّ الرجل حقّق المطلوب في منصبه، وتذوّق طعم النّجاح مع فريق «باب الجديد».

إنّه دون شكّ، ولا اختلاف منتصر الوحيشي الذي نستأنس اليوم بمعارفه الكرويّة الواسعة، ونظرته الفنيّة الثّاقبة لتشريح وضع الـ»نّسور» القادرين حسب ضيف «الشّروق» على التّحليق عاليا في سماء الغابون، ولم لا مطاردة التاج بالنّظر إلى دهاء المدرّب، والعطاء الغزير للاعبين، وأيضا تقارب المستوى الفني لـ»فرسان» الـ»كان» الذين لا يوجد بينهم حسب منتصر مرشّح فوق العادة، أوكامل الأوصاف.

حقّقنا جملة من الانتصارات في عهد البلجيكي «جورج ليكنز» الذي عشنا معه أيضا بعض المسرّات دون التّوفيق في القضاء على «الغصرات»، وتقديم أداء راق يليق بثقل تونس في خريطة الكرة الإفريقيّة، ومن شأنه أن يبعث الإطمئنان في صفوف المحبين على مستقبل الفريق. ويؤكد منتصر في هذا السياق أن المنتخب شهد تحوّلا كبيرا، وانقلابا جوهريّا مع «كاسبرجاك»، حيث انتقل الفريق من مرحلة الدّفاعات «الاسمنتيّة» إلى طور صناعة اللّعب، والسعي الدائم لإعلاء كلمته، وفرض ألوانه على الخصوم بعد أن كان هاجسنا غلق المنافذ، والمراهنة في المقام الأوّل على الهجومات المعاكسة. وقد تغيّر الوضع مع الفني الفرنسي - البولوني الذي أدرك أنّ الجيل الحالي يملك كلّ مقوّمات النّجاح، وتتمتّع المجموعة المتوفرة بحوزته بالمهارة سواء تعلّق الأمر بعناصر الوسط، أوالهجوم أمثال بن عمر، والفرجاني، ولحمر، والمساكني، والسليتي، والخزري، أوحتّى هؤلاء الذين ينشطون في المنطقة الخلفيّة مثل معلول، والنقاز...

يشيد المدير الرياضي السّابق للنادي الإفريقي بـ»الفلسفة» التدريبيّة لـ»كاسبرجاك» معتبرا أنّ أفكاره واضحة، وتوجّهاته صائبة، وقد كانت خياراته ناجعة بصفة عامّة سواء عندما راهن على ثلاثة مدافعين محوريين، أوعندما تخلّى عن قناعاته بصفة جليّة انطلاقا من الحوار الودي أمام مصر محدثا تغييرات جذريّة أصبحنا بموجبها نعتمد على رسم تكتيكي قوامه (4 / 3 / 2 / 1 )، وذلك دون أن تكون هذه الأساليب «جامدة»، وهو ما تأكد في لقاء الجزائر عندما فرضت علينا متطلّبات المباراة تعزيز الدفاع بعنصر إضافي أثناء اللّعب (محمّد علي اليعقوبي).

اشتغل منتصر في «ليتوال»، وتحمّل مسؤولية تعويض فوزي البنزرتي لفترة ليست بالقصيرة، ويعرف الوحيشي حارسنا الخبير، والمتألّق على الدوام مع النّجم، والمنتخب أيمن المثلوثي. وقد تكلّم ضيفنا بإعجاب عن «البلبولي» قائلا:» إنّه لاعب برتبة مدرب فوق الميدان. وهذه حقيقة ساطعة برزت للعيان في لقاء الجزائر الذي برهن أثناءه أيمن أنّه عنصر لا استغناء عنه في تركيبة الـ»نسور» بالنظر إلى روحه القيادية العالية، ومهاراته العريضة، وحضوره الذّهني الكبير».

مثّل الأداء المهزوز في الدفاع النّقطة «السوداء» في مشوار الـ»نسور» الذين دفعوا غاليا ثمن هذه الأخطاء في حوار السّينغال الذي تلقّت فيه شباكنا هدفين قبل أنّ ينتصر المنتخب في لقاء الأشقاء دون إنهاء العناء في المنطقة الخلفيّة. ويقول الوحيشي بخصوص هذا الموضوع:» لاحظت أنّ بعض المتابعين يلحّون إلحاحا على مسح الهفوات التي وقع فيها دفاعنا في قميص محترف فالنسيا أيمن عبد النّور، والحقيقة أنّ هذا الموقف لم يخل من الظّلم، والتعسّف على عنصر مهمّ في منظومتنا الدفاعيّة التي تعاني من مشاكل أعمق بكثير من مجرّد خطأ فردي كذلك الذي صدر عن أيمن في مواجهتي السّينغال، والجزائر (تسبّب في ضربة جزاء في الأولى، وارتكب بعض الهفوات في الثانيّة). ونؤكد بأعلى صوت أنّ المسؤولية جماعيّة، وينبغي أن لا يتنصّل منها أيّ طرف. ونشير إلى أنّ الخلل تنظيمي بالأساس».

النّقاز ومعلول قاما بالمطلوب ولكن

الحديث مع الوحيشي ممتع، ويجعلك تنتقل معه من موضوع إلى آخر دون ملل. وبعد الكلام عن حراسة المرمى، وصداع الدفاع تطرّقنا معه إلى الجهتين اليسرى، واليمنى، حيث يتمركز معلول، والنقاز. ويقول منتصر:» لقد قاما بدورهما على أحسن وجه، وتمكن علي من محاصرة رياض محرز، ونجح حمدي من جهته في دوره المزدوج بين الدفاع، ومعاضدة الهجوم. وأظن أنهما أنجزا المهمّة رغم أنّ التوازن كان مختلاّ في بعض الأحيان، ولا حظنا أن اللّعب كان مركّزا أكثر في الخانة اليسرى، وهو أمر يمكن تفسيره بالنشاط «المكثّف» لمعلول، والمساكني، والسليتي... في هذه الجهة». ويشيد منتصر بلاعب الوسط محمّد أمين بن عمر الذي كسب كلّ الثنائيات في حوار الجزائر، وكانت عودته قويّة، ومؤثّرة في تشكيلة تونس رغم افتقاره لنسق المقابلات. كما أنّ بن عمر أوجد الانسجام المطلوب مع الفرجاني ساسي.

«لن نبالغ في شيء إذا قلنا إنّ لاعبنا الدولي الناشط في الإمارة القطريّة يوسف المساكني يعدّ أحد أفضل اللاّعبين في الكرة العربيّة، والافريقيّة، وأظنّ شخصيا أنّه فوّت على نفسه فرصة تاريخيّة لتقمّص أزياء أكبر الجمعيات الأوروبيّة، واللّعب في أشهر الدوريات العالميّة». هكذا يصف الوحيشي موقفه من جوهرتنا الكرويّة يوسف المساكني الذي صنع الهدف الأوّل أمام الجزائر، وكان العنصر الأفضل في حوار الأجوار بفضل لمسته الفنيّة، وتجربته الدوليّة التي بلغت مرحلة النّضج. ويضيف الوحيشي أنّ يوسف كان بوسعه الإرتقاء بمستواه الفني نحو الأفضل لو أنّه أقدم على الهجرة بإتّجاه القارة العجوز، حيث يكون النّسق أرفع، وهامش التحسّن أكبر. وينوّه منتصر بالدور الفاعل للمساكني في صفوف المنتخب، ويؤكد أن مهاراته الفرديّة كانت حاسمة. كما أنّه أظهر جاهزيّة جيّدة على الصّعيد البدني.

اعتبر البعض أنّ النّجم الجديد في صفوف «نسورنا»، وهو نعيم السليتي القادم من ليل الفرنسي يعدّ أحد أهمّ الاكتشافات السّارة، وذلك في الوقت الذي يعتقد فيه ضيف «الشروق» أنّ بروز السليتي كان متوقّعا بعد أن كان قد تابعه عن كثب منذ فترة ليست بالقصيرة. ويتحدّث منتصر عن ملف نعيم بأكثر تفاصيل على النّحو التّالي:» تؤكد الأرقام التي لا تكذب أن نعيم السليتي يعتبر ضمن أحسن اللاعبين المراوغين في «كان» الغابون، والأهم من إتقان المراوغة أنّه يجتاز خصومه المباشرين بنجاح، وبشكل ناجع، وموظّف لفائدة المجموعة. وكنت شخصيا قد واكبت أهم التطورات في مسيرة لاعبنا الدولي الذي أخذ على عاتقه مسؤولية تنفيذ ضربة الجزاء التي جاء منها هدف الحسم للـ»نسور» أمام الجار. ولاحظت أنه يتمتّع بمؤهلات فنية عالية برهن عنها منذ أن كان ينشط في صفوف «راد ستار»، واستطاع أن يفرض نفسه بقوّة، ووقع اختياره ضمن التشكيلة المثالية في الرابطة الثانية، وذلك قبل أن ينتقل إلى ليل. والحقيقة أنّ التحاقه بمنتخبنا كان متأخّرا نسبيا. وأظن أنه كان بوسعنا أن نستقطب هذه الموهبة الكروية من زمان. ولا يستقيم الكلام عن نعيم (من مواليد عام 92) دون الإشارة إلى علاقته «العضويّة» بالمساكني. ذلك أن هذا الثنائي المميّز في تركيبة «كاسبرجاك» هو من يتحكّم في نسق اللّعب في المنتخب».

بلغنا مع الوحيشي المحطّة الأخيرة في تشكيلة «كاسبرجاك»، وهي مقدّمة الهجوم التي أسندت مهمّة قيادتها لمهاجم اتّحاد جدّة، وهدّاف «كان» 2015 أحمد العكايشي. ويؤكد الوحيشي في هذا السياق أنّ العكايشي بذل مجهودات بدنيّة كبيرة في المنطقة الأماميّة، وشكّل ثقلا كبيرا على مدافعي منافسي المنتخب. كما أنّه صنع عدّة فرص سانحة للتسجيل دون النجاح في تحويلها إلى أهداف. ويضيف منتصر أنّ «ماكينة» العكايشي التي دارت من قبل بقوّة في الـ»كان»، والـ»شان» ستستعيد نشاطها المعهود بمجرّد أن يعانق اللاّعب الشباك، ويتجاوز الحاجز النّفسي.

ينفي منتصر الوحيشي صفة «المظلوم» عن بعض عناصرنا الدولية الاحتياطية التي قيل بشأنها الكثير مع انطلاق مغامرتنا القارية في الملاعب الغابونية. ومن المعلوم أن المتابعين انتظروا أن تكون الأولوية في الهجوم لهدّاف البطولة ياسين الخنيسي الذي كان (على الورق) أكثر جاهزيّة من العكايشي. كما طالب البعض بمنح الفرصة لخليفة خاصّة أنّه يتمتّع بخبرة قارية لا يستهان بها، ويملك أيضا مؤهلات فنيّة معترف بها. ويؤكد منتصر في هذا الصّدد:»أعتقد أنّ آراء الفنيين، والمتابعين تتّصف بـ»النسبيّة»، ومن شبه المستحيل أن تصبح «مرجعيّة» مهما كانت دقيقة، وذلك لسبب بسيط يتمثّل في أن مواقفنا صادرة من الخارج: أي أنّنا لا نعلم أدق التفاصيل، والجزئيات داخل المنتخب. وهذا الأمر لا يعرفه سوى المدرب، وبقية مكونات الفريق الموجودين على عين المكان. وأظنّ أنّ لاعبا مثل الخنيسي يعدّ أحد أفضل المهاجمين على الساحة، ويمرّ بإنتعاشة كبيرة، وكنت شخصيا من الفنيين الذين توقّعوا له مستقبلا زاهرا، لكن ذلك لا يعني أن نضعه في خانة «المظلومين»، ونطالب بتشريكه في التشكيلة الأساسية للفريق الوطني، حيث تظل الخيارات من مشمولات «كاسبرجاك» دون سواه. وينطبق الأمر نفسه على صابر الذي لا يحتاج إلى شهادة من الفنيين بخصوص إمكاناته الكبيرة التي تؤهله ليلعب دورا بارزا مع الـ»نسور» عندما يقرّر المدرّب اقحامه».

كيف يتعامل الـ»نسور» مع المباراة الفخّ التي تنتظرهم اللّيلة أمام الزمبابوي؟ سؤال أجاب عنه منتصر على النّحو التالي:» ينبغي التسلّح بالكثير من الحذر في لقاء اللّيلة، ولم أهضم شخصيا انخراط البعض في الكلام عن الخصم المرتقب لتونس في الدور الثاني في حين أنّنا لم نقتلع بصفة رسميّة بطاقة العبور. وتبدو حظوظنا كبيرة للإطاحة بالزمبابوي في ظلّ السذاجة الدفاعيّة الواضحة في أداء هذا المنتخب الذي تتضاعف أوجاعه في منطقته الخلفيّة جرّاء الأخطاء المتكرّرة لحارس مرماه. وسيكون هذا الفريق في متناول المنتخب شرط تجنّب الوقوع في الاستسهال، واستغلال ضعفه في الدفاع، مع شلّ تحرّكات لاعبيه في الهجوم ذلك أنّ الزمباوي تمكن من خلق كمّ هائل من الفرص السانحة للتسجيل، وهزّ شباك الجزائر في مناسبتين، وهو ما يستدعي توخّي الحذر».

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا