برعاية

(كتاب ساكي 8): أسرار تدريبية وتكتيكية

(كتاب ساكي 8): أسرار تدريبية وتكتيكية

ينشر موقع "العربي الجديد" حلقات مترجمة من كتاب "أريغو ساكي.. كالتشيو توتالي"، تتناول حياة أسطورة التدريب، والذي لم يلعب الكرة بشكل احترافي خلال مسيرته، ونجح في قيادة العديد من الفرق إلى القمة في فترة الثمانينيات، في ما يلي الحلقة الثامنة:

زارنا أثناء العام الثاني عدد كبير من المدربين لمعرفة كيف نجهز مبارياتنا. كان يساورهم الفضول بخصوص هذا الأمر. أذكر منهم أرسين فينغر وجيرار هولييه ولويس فرناندز. بقوا حوالى سبعة أو ثمانية أيام في ميلانيلو. قالوا بعدها إنهم لم يروا أبداً فريقاً يعمل بهذا الكم وهذه الكيفية.

زارنا أيضاً باني ودي نابولي مع المنتخب وحضروا مراني يومي الأربعاء والخميس. أتذكر أن باني قال لي في النهاية: "ما تفعله في يومين من العمل. نحن نفعله في شهر". دي نابولي كان يعرف هذا الأمر بالفعل، لأنه لعب تحت إمرتي في ريميني، حيث كنا في بعض الأحيان نتدرب ثلاث مرات في اليوم.

لم يكن برلسكوني يوافق على مثل هذه الزيارات، خاصة مع قدوم مدربين آخرين، ولكن كنت أرد عليه دائماً بقولي:

- فليأتوا، يمكنهم نسخ التدريبات إن أرادوا. ما يهم في النهاية هو حساسية المدرب، إنه هو من يعرف كيف يقود ويحسن لاعباً بعينه، إنه هو من يحرك الفريق في الملعب ويصحح الأخطاء في التدريبات.

كان ميلان هذه السنوات الأربع هو أفضل من قدم فكرتي عن اللعب. كان حلمي يتعلق بفريق يلعب بشخصية قوية ولديه رغبة دائمة في الفوز عبر الإقناع والإمتاع. فالفوز دون استحقاق ليس انتصاراً حقيقياً.

القوة الناجمة عن عمل 11 رجلاً بشكل متناسق ومنظم لا يمكن لأحد مضاهاتها فردياً أبداً. كنت أقوم بتدريبات مدتها 10 أو 15 دقيقة بين فريق مكون من الحارس وخمسة مدافعين ضد فريق من 11 لاعباً، منهم فان باستين وخوليت ودونادوني وماسارو وأنشيلوتي وريكارد وآخرين.. مبارة في ملعب كامل بهذه الطريقة. كانت قليلة هي المرات التي تمكن فيها فريق الـ11 لاعباً من التسجيل. كنت أقول لفان باستن: "خمسة لاعبين منظمين أفضل من 11 لاعباً دون خط معين للعب".

كانت هناك تدريبات أخرى بالألوان لتعويد اللاعبين على التحرك بشكل متزامن ومتناسق. كنت أنطق اسم لون (كان كل لون يمثل كرة) وكان على الجميع التحرك إما نحو الأمام أو الخلف أو نحو الأطراف ليصل الكل معاً في نفس الوقت.

كانت هناك أمور ثابتة: الفارق الطولي بين خط الدفاع والوسط والهجوم لا يجب أن يتخطى 10 أو 12 متراً كحد أقصى، بينما المسافة العرضية بين لاعبي الوسط والدفاع لتشكيل تكتل والمشاركة في اللعب لا يجب أن تتخطى أبداً ستة أو سبعة مرات.

كيفية الصعود بشكل تدريجي نحو الأمام أو الأطراف أو السيطرة على أوقات الضغط والتغطية واللعب دون وجود مدافع ثابت دائماً في أقصى مناطق الخلف والبحث عن التفوق العديد في الدفاع عبر التنظيم والحركة؛ كل هذه الأمور كانت تتطلب مجهوداً وتركيزاً كبيراً من اللاعبين.

أثناء التشتيت أو نقل الكرة للأمام كان يجب على الدفاع أن يصعد سريعاً: الفكرة تتعلق بالتكامل لتحسين التعاون والتواصل؛ إيجاد 11 لاعباً نشطاً سواء كانت الكرة بحوزتهم أم لا. هذه هي الفكرة الأساسية لجعل المجموعة تشعر كأنها كتلة واحدة ومتحدة.

كانت التدريبات الفنية جماعية أيضاً. من الأفضل أيضاً أن يتم اكتسابها عبر خلق مواقف تحدث أثناء اللعب ومحاكاتها. لكي يصبح التدريب مفيداً يجب أن يتم محاكاة كل المواقف التي قد تحدث أثناء المباراة وكيفية التعامل معها.

في مرحلة الاستحواذ على الكرة، على سبيل المثال، كنت أجهز مجموعة كثيرة من التدريبات. في المرحلة الدفاعية، كانت تسير الأمور كالتالي تدريبات بين فريق مكون من 11 لاعباً وآخر من حارس وأربعة مدافعين، بعدها يتم رفع الأمر إلى فريق مكون من 11 لاعباً أمام حارس مرمى وأربعة مدافعين ولاعبي وسط، ثم فريق مكون من 11 لاعباً أمام فريق مكون من حارس مرمى وأربعة لاعبي وسط وأربعة أمامهم، وصولاً إلى مرحلة 11 لاعباً أمام 11 لاعباً.

كان يجب على الفريق الذي يبدأ منقوصاً محاولة الخروج للأمام بالكرة من الخلف عبر التمرير أو بمساعدة الحارس. كنا نتدرب أيضاً على الضغط الدفاعي في نصف ملعبنا والهجومي بعد منتصف الملعب بثمانية أو عشرة أمتار والضغط الهجومي الفائق في منطقة الخصم.

وكانت التدريبات تشتمل أيضاً على كل المفاهيم الدفاعية: من الحركة الجماعية للضغط لمصيدة التسلل للرقابة بين اثنين للرقابة اللصيقة لمواقف رجل لرجل لقطع الكرة وبناء الهجمة سريعاً. كانت قليلة هي المرات التي توجد فيها تدريبات فردية.

أقولها مجدداً: كرة القدم رياضة قائمة على الفريق وليس الفرد. أساسها 11 لاعباً. لم أكن أرغب في تضييع الوقت فتدريبات اللعب كانت تمثل مراناً للفنيات الجماعية للاعبين. لا يجب أن يتم تدريب الفنيات بصورة فردية لتدخلها لاحقاً جماعياً لتطبقها لاحقاً في اللعب. أنا كنت أختصر الطريق، بدلاً من أن تكون الكرة قائمة على "واحد ضد واحد ثم واحد ضد واحد ثم واحد ضد واحد.. وصولاً إلى 11 أمام 11، بدأتها كما يجب أن تبدأ 11 ضد 11 أو مجموعة ضد مجموعة".

التمركز من أهم الأشياء. يجب أن يكون لدى اللاعب الذي يمتلك الكرة أكثر من حل ليختار أفضلها لخلق أكبر قدر من المشاكل للخصم. كنت أرغب دائماً في أن يمتلك من بحوزته الكرة أربعة أو خمسة خيارات للتمرير (جانبي+ جانبي+ خلفي+ أمامي) على سبيل المثال.

إذا ما كان من يمتلك الكرة يتعرض لضغط، فإن زميله الأقرب لا يجب عليه تغطية المساحة بل الذهاب لمساعدته، في الهجوم من قلب الملعب كان رأسي الحربة يدخلان للعمق أو يذهب أحدهما للمساعدة فيما يتسلل الآخر للعمق متستراً خلف تحركه مع لاعب الوسط الواقع خلف المهاجمين الاثنين.

في الهجمات الجانبية بالقرب من المنطقة يساعد لاعب أو اثنان ذلك الموجود على طرف الملعب فيما يستعد ثلاثة أو اثنان لاستقبال العرضية، اللاعب المتقدم يقرر أين يجب عليه الذهاب، فيما أن الاثنين الآخرين يذهب أحدهما عند القائم الأول والآخر عند الثاني.

كان مران 11 ضد صفر من أكثر التمارين الشائعة التي أقوم بها في تدريبات المراحل الهجومية. حيث كان كل ما يهمني سرعة اللاعبين والمرور. كان يجب على اللاعبين تخيل من يراقبونهم. كان يجب على الجميع التحرك والتصرف في التوقيتات المضبوطة واستقبال الكرة بشكل صحيح وتغيير اللعب بين الهجمات الجانبية ومن العمق.

كنت أخلق مواقف لمحاكاة اللعب بقواعد متنوعة لجعل اللاعبين دائماً في قمة الانتباه. على سبيل المثال لنتخيل أننا نواجه فريقاً من طوال القامة؟ طريقة اللعب الإجبارية تعتمد على التمريرات الأرضية، إذا لم يفعلوا هذا كانت تحتسب ركلة جزاء عليهم وهكذا.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا