برعاية

حمدي المدب لـ«الشروق»: السويّح سيواصل رغــم أنف «النبّارة»

حمدي المدب لـ«الشروق»: السويّح  سيواصل رغــم أنف «النبّارة»

هو قامة كبيرة في عالم الإقتصاد، وعلامة فارقة في تاريخ ترجي البلاد، وهو بشهادة الترجيين، وكلّ الرياضيين التونسيين «رئيس» نادر الوجود لأنّه أعطى لشيخ «المحترفين» من ماله، وروحه في زمن انهار فيه الدينار، وهو رمز للحكمة، والرّفعة في عصر انفلتت فيه الألسن بإسم الحريّة.

إنّه حمدي المدب لا غيره الذي ينزل مرّة أخرى ضيفا خفيف الظلّ على «الشّروق»، قوّي التأثير في الجمهور الرياضي الذي يكن له التقدير على اختلاف ألوانه.

عندما تحاور شخصيّة رياضيّة بثقل المدب، وهو رقم صعب في دنيا المال، والأعمال علاوة على قيادته لـ»غول» افريقيا، فإنّه يستحيل عليك أن تحدّد البداية، والنّهاية. لذلك فقد اخترنا أن نبدأ الكلام من «دربي» العاصمة بوصفه الحدث الذي استولى على اهتمام الجميع خلال الأيام الأخيرة. ويتكلّم المدب في هذا السياق بهدوئه المعتاد، وتواضعه الكبير قائلا:» لقد سمحت لي تجربتي الطويلة مع شيخ الأنديّة التونسيّة بأن أعيش مواجهات محلية، وقارية، وعالمية، كبيرة ومثيرة. وقفت أثناءها على أهميّة الحضور الجماهيري الذي يلهب حماس اللاعبين، ويضفي رونقا خاصا على اللّقاءات كما حصل في النسخة الأخيرة من حوار الأجوار، حيث صنع جمهورنا الحدث، وأكد مرة أخرى أنّه - مثل ناديه - ظاهرة استثنائية بكلّ المقاييس. وكم أتمنى أن تعود الروح إلى ملاعبنا، وترفع كل القيود المفروضة على جماهيرنا لتأثيرها الكبير في أداء الجمعيات، وهو ما وقفت عليه شخصيا في مشوار نادينا، ذلك أن أبناءنا تضرّروا كثيرا جراء عدم الانتظام في حضور المحبين، ويكفي أن نشير هنا إلى الضّغط الرّهيب الذي عاشه اللاعبون في الـ»دربي»، حيث اختلفت عليهم الأجواء مقارنة بالمقابلات التي سبقت مباراة رادس التي قدّم خلالها فريقنا أداء مقنعا، وكان يستحقّ بشهادة المتابعين الخروج بنقاط الفوز على حساب جاره الذي أظهر بدوره مردودا محترما. وقد انتهت المقابلة بلقطات جميلة بين مسؤولي الفريقين، حيث تبادلنا التحيّة وذلك ما ينبغي تكريسه بين الـ»كبار»، وهم قاطرة الكرة التونسيّة، ومموّن المنتخب، ولا ينبغي أبدا «إضعافهم» لأنّ في ذلك مضرّة للـ»نسور»، ولفرسان تونس في المسابقات القاريّة التي أصبحت فيها مشاركتنا مخيبة للآمال».

هاجم أكثر من طرف السويح المتّهم بتعطيل تطوّر الفريق، وصعوده درجة أخرى في سلّم النجاح جرّاء «فلسفته» التدريبية العقيمة التي خلّفت من وجهة نظرهم «غصرات» كثيرة، وثلاثة تعادلات متتالية في البطولة، وفي هذا السياق، يؤكد المدب:»مازالت تجربة ابن الجمعيّة بن يحيى عالقة في أذهان كلّ الترجيين، حيث تعرّض خالد إلى ضغوطات كبيرة، وانتقادات شديدة، وهو ما عجّل آنذاك برحيله، قبل أن يعاتبنا الأشخاص أنفسهم على إبعاده، ويطالبوا برجوعه إلى الحديقة. والحقيقة أنّني أردت استحضار هذه الحادثة التي عشناها بالأمس القريب لننفذ إلى الموضوع الذي يشغل بال الجميع، والذي أثار جدلا واسعا وعقيما، ولا طائل منه. ويتعلّق بوضع السويح مع الفريق. وأؤكد بأعلى صوت أنّ التجربة علّمتنا بأنّ مصلحة الجمعيّة تقتضي الإستمراريّة، وتفرض علينا حماية السويح، ودعمه، والوقوف في صفّه، والصّبر عليه. ويتذكّر جميعنا الخسائر التي تكبدّها الفريق بعد أن تناوب على تدريبه فيلق من الفنيين في فترة زمنية قصيرة (كرول، ديسابر، بن يحيى، دي مورايس، أنيقو).

الحصيلة إيجابيّة والقادم أفضل بكثير

يواصل المدب الحديث عن مسيرة السويح مع الترجي بعين المجرّب الذي خبر عشرات اللاعبين، والمدربين من كلّ الجنسيات، والجهات. ويقول:» أنا مؤمن بأهميّة الإستقرار، ومن الرافضين للتّغيير الذي عادة ما يعود بالوبال على الجمعيات، والمنتخبات على حدّ السواء. وأظنّ أننا نملك من الحكمة، والخبرة ما يسمح لنا بتقديم قراءة موضوعية لمشوار عمّار، وتشير الأرقام التي تكذب، ولا تتجمّل أن الفريق نجح في عهده في تجاوز فترة الفراغ التي عاشها على الصعيدين المحلي، والقاري. وتحصّل على المركز الثاني في البطولة، وتأهل بذلك إلى رابطة الأبطال التي تظلّ في صدارة الأولويات بالنّسبة إلى جماهيرنا الكبيرة، وكنّا قاب قوسين من القبض على اللّقب لو لا بعض المظالم التحكيميّة. واستعاد الفريق مع السويح «الأميرة» التونسية، وأسعد عشّاقه في كلّ مكان. كما أن النادي في نسخته الحالية نجح في تقديم أداء مقنع في أكثر من مواجهة، وذلك رغم موجة الإصابات، وكثرة الغيابات في الرسميات، وأثناء التحضيرات التي أضطرّ أثناءها المدرب إلى الإستنجاد بستة عناصر من الآمال. كما تأخر تأقلم بعض الوافدين الجدد على غرار بن محمّد. وبالمختصر المفيد، تفرض لغة المنطق أن نتحلّى بالمزيد من الصّبر، ونوحّد الصّفوف، ونبتعد عن التسرّع، ليكسب الفريق جميع التحديات على المستويات المحلية، والافريقية، والاقليمية. ولاشكّ في أنّ العارفين بالبيت الأصفر والأحمر، والمتابعين لمسيرته عن كثب يتذكرون جيدا الفترة الأولى من رئاستي للجمعية عندما وضعنا نواة فريق عتيد استطاع فرض ألوانه في البطولة، ورفع رابطة الأبطال وشارك أيضا في المونديال، وذلك رغم الصعوبات، والعراقيل التي واجهها النادي في الفترة الأولى من البناء تماما كما هو الحال في الوقت الراهن، ذلك أن كل المؤشرات تؤكد أن فريقنا خطّط بشكل سليم، وبوسعه أن يعيد بسط نفوذه من جديد خاصة بعد أن تنضج تجربة بعض اللاعبين، ويبلغ كل المنتدبين مثل منصر، وبن محمد، ذروة تألقهم، وهذا فضلا عن استعادة بن يوسف... ولا يساورني أدنى شكّ أن القادم أفضل بكثير.

لم يخف المدب انزعاجه الشّديد، وغضبه الكبير من الحملات الشّعواء التي تشنّها بعض الأطراف لضرب استقرار الجمعية لغاية في نفس يعقوب، ويؤكد أنّ العديد من الوقائع تثبت النوايا السيئة لبعض الأطراف الذين ينتقدون السويح، ويرسلون إليه في الوقت نفسه رسائل التهنئة كما حدث بعد الفوز في «فينال» الكأس أمام الإفريقي. ويضيف المدب، وهو في قمّة الإسغراب بسبب هذه المفارقات العجيبة أن أصحاب هذه الحملات المغرضة هاجموا أيضا المعد البدني صبري البوعزيزي الذي رفض تغيير أزياء الترجي رغم العروض المغرية، والبريء تماما من كلّ من نسب إليه بخصوص الحالة البدنية للاعبين بدليل النجاح الباهر للفريق في الكأس الذي جاء بعد فترة من التوقف عن النشاط قام أثناءها النادي بتحضيرات ناجحة فنيا، وبدنيا، ويعتقد رئيس الترجي أن غايات هؤلاء غير بريئة، ويؤكد أن حساباتهم أصبحت مكشوفة للجميع.

طالب المدب في خطابه المحبين، ومختلف أبناء العائلة الترجيّة الموجودة في كلّ مكان بمساندة الفريق في المرحلة الحالية، مؤكدا في الوقت نفسه أنّه لا أحد فوق المحاسبة، ويقول في هذا السّياق:» يخطىء كلّ من يتصوّر أنّ الجمعيّة تحكمها الرعوانيّة، وتسيطر عليها الإرتجاليّة، ذلك أن كل القرارات في الحديقة تكون مدروسة، ونحاول قدر المستطاع أن تكون تحرّكاتنا ناجعة، وناجحة بنسبة كبيرة لأن الأمر يتعلّق بفريق يعيش على الألقاب، ويعتبر حالة استثنائية في الكرة التونسية، ولكن ذلك لا يعني أن الهيئة المديرة معصومة من الأخطاء، أوأنها فوق المحاسبة شأنها شأن اللاعبين، والفنيين شرط أن تكون هذه «المساءلة على أسس موضوعية، وأثناء الجلسة العامة. وقد نرتكب بعض الهفوات، وهي أمر بشري، ومتعارف عليه في الرياضة. ولن أنكر مثلا أنني أشعر بالندم على التعاقد مع الهولندي «كرول» في وقت سابق. ولن أخجل من القول إنه كان من الأفضل صرف النظر عنه تجنّبا للجدل الحاصل مع النادي الصفاقسي. ويعرف القاصي، والداني أنني رجل يحترم كلّ الجمعيات، وجميع المسؤولين، ويضع العلاقات مع مختلف مكونات العائلة الرياضية التونسية فوق كلّ الإعتبارات، وهو ما يجسّمه على أرض الواقع جسر الودّ الذي أقامه الترجي مع الـ»صغار»، والـ»كبار» على حدّ السواء.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا