برعاية

طارق ذياب لـ «الشّروق»: أنتظر انتفاضة الجارين «الجريحين»

طارق ذياب لـ «الشّروق»: أنتظر  انتفاضة الجارين «الجريحين»

ضيفنا معدنه ذهب، وساقه اليسرى صنعت العجب في «باب سويقة»، والمنتخب، وقهر بها المغرب، وأسعد بفضلها بها الشّعب من الشّمال إلى الجنوب لسنوات طويلة كان خلالها طارق فريد زمانه، ووحيد عصره.

والحقيقة أنّنا نحتاج إلى مجلّد من الحجم الكبير للحديث عن المسيرة الخرافية للامبراطور الخالد في وجدان التونسيين، والوزير السّابق الذي ينزل على «الشروق» ضيفا ليس ككلّ الضيوف، ويطلّ على الجمهور بآرائه المسموعة، وموضوعيته المعروفة.

هجر طارق السّاحة «المتعفّنة» بل الفاسدة منذ أن انتهت مهامه في وزارة الشباب، والرياضة، وأصبحت إقامته شبه دائمة في الإمارة القطرية في ظلّ إلتزاماته المهنيّة في عالم التحاليل الذي لم يمنعه من متابعة الوضع الأليم لكرتنا من بعيد، بقلب حزين. ويقول طارق في هذا السياق:» لن نبالغ في شيء إذا قلنا إنّ الكرة التونسية تعيش الآن أسوأ فتراتها، وهي حقيقة واضحة. ولا تحتاج إلى دليل، ذلك أنّ سفراء تونس في المسابقات القاريّة خرجوا من «المعركة» الافريقية بخفي حنين، وإنهاروا جميعا بطريقة غريبة، وعجيبة، وتؤكد بما لا يدع مجالا للشكّ حالة الإفلاس التي تعرفها كرتنا، وتصبح الصّورة سوداويّة أكثر عندما نقوم بجرد كامل للإخفاقات، والخيبات التي منيت بها منتخبات الشبّان، وتعكس أزمة الأشبال الوضعية الكارثيّة على مستوى التكوين صلب الجمعيات، وهي الخزّان الكبير للـ»نسور» في كلّ الفئات العمرية. ولاشكّ في أنّ هذه المؤشرات الخطيرة تبعث على الحيرة، وتجعلنا نطلق صيحة فزع لعلّ أهل الحلّ والعقد يراجعون مخطّطاتهم، وينهضون بالكرة التونسية التي انحرفت منتخباتها الوطنية عن السّكة الصّحيحة منذ رحيل «لومار» من الجامعة (2002 / 2008 ). ولن نخوض طبعا في تلك الأزمة المستديمة، والمملّة للجمعيات في كلّ الرّابطات على مستوى التمويلات. ولا أظن أنّ حفنة المليارات التي سيقع ضخّها في شرايين الأندية، والمتأتيّة من حقوق بثّ المقابلات ستقضي على «الفقر» المدقع الذي تعيشه جمعياتنا...

حطّم طارق ذياب جملة من الأرقام القياسية مع المنتخب الذي عانق معه العالمية، وسجل لفائدته أجمل الأهداف على الإطلاق، فكيف يقرأ الفتي الذهبي للكرة التونسية واقع «النسور الكبار» مع الفني القدير، والصّامد - رغم الداء والأعداء - «كاسبرزاك»؟ يؤكد طارق في هذا الموضوع أن «هنري» نجح حيث أخفق أسلافه، ويضيف قائلا:» لا يختلف اثنان حول الكفاءة العالية لـ»كاسبرزاك»، وأؤمن شخصيا بقدراته التدريبية العالية، ونزاهته الكبيرة. وأعتقد أنه حقّق إلى حدّ اللّحظة المطلوب رغم أنّه يشتغل في ظروف استثنائية. ولابدّ من توفير الحماية لـ»كاسبرزاك»، ودعمه من قبل كلّ الأطراف المعنية، وعدم إضعافه كما حصل من قبل مع أكثر من مدرب وطني. وأصيح بأعلى صوت في وجه بعض «النجوم» الذين «يزايدون» على الراية الوطنية. وأقول إن تونس ليست في حاجة إلى أي لاعب غير مستعدّ للقتال في الميدان لإعلاء علم البلاد، وأطالب كل من ينخرط في هذه «المزايدات» أن يحترم نفسه، ويبقى في فريقه، أويلازم منزله...

سألنا طارق عن حظوظ تونس في التّصفيات الموندياليّة، والنهائيات الافريقيّة المرتقبة في الغابون فقال:» أظنّ أن منتخبنا بحوزته مجموعة من اللاّعبين الذين يملكون مؤهلات جيّدة حتّى لا نقول كبيرة، ويتمتّعون أيضا بخبرة قاريّة واسعة لذلك، فإنّه من حقّ التونسيين أن يعقدوا آمالا عريضة على الـ»نسور» للعبور إلى المونديال بعد غياب طويل. ولا يساورني أدنى شكّ في أن منتخبنا قادر على تخطّي عقبة ليبيا الشّقيقة بسلام، ومواصلة حصد الإنتصارات في بقية مشوار تصفيات كأس العالم خاصّة أن المنافسين في المتناول نسبيا (غينيا، وليبيا، والكونغو الديمقراطية). أمّا بخصوص مشاركتنا المنتظرة في الـ»كان»، فإنّه لا أحد ينكر صعوبة المهمّة في مجموعة تضمّ السينغال، والجزائر الشّقيقة علاوة على زمبابوي، ولكنّني واثق تماما من القدرات التونسية على تجاوز الصعاب، والذهاب بعيدا في كأس إفريقيا شرط القيام بتحضيرات ناجحة، وحسن التعامل مع الخصوم».

يتمتّع طارق بصيت عالمي، ويعرف العديد من الشّخصيات الدوليّة البارزة وهو ما يسمح له بإبداء رأيه في «الدبلوماسية» الرياضيّة لتونس، ويؤكد في هذا الصّدد أنّ الضّجة الكبيرة التي أحدثتها مؤخرا جامعة كرة القدم بسبب مسائل هامشية في علاقة بالاتحادين الليبي، والجزائري غير مقبولة في هذه المرحلة المفصليّة التي يحتاج فيها المنتخب إلى التركيز على تحضيراته، ويضيف طارق:» لم أفهم شخصيا الأسباب الحقيقية للخلاف مع روراوة، وهو مسؤول كبير، ويلعب في المستوى العالي، ولا أظنّه يلتفت إلى صغائر الأمور، وكنت أفضّل مدّ جسر الودّ مع الأشقاء اللّيبيين لما فيه مصلحة تونس بدل شنّ معارك لا طائل منها. وقد تكون خسائرها أكثر من منافعها».

كلام من القلب إلى القلب

نغلق ملف المنتخب لنفتح مع طارق موضوع الترجي، وهو فريقه الأمّ الذي عانق معه المجد، وأعطاه من روحه، ويؤكد اللاّعب الأفضل في تاريخ الجمعيّة:» انقلب الوضع في الحديقة بعد فترة من الضياع، وحقّق النادي مع السويح نتائج ايجابية بطولة، وكأسا. ونحرص على التّذكير بهذه النّقلة النوعية حتى لا نظلم الرجل. ولا نتعسّف عليه، ويعرف القاصي، والداني أنّني من المساندين بقوّة لتكريس الإستقرار في الفريق. ومن الرافضين بشدة لأيّ تغيير، وذلك ليقيني بأنّ النادي تضرّر من تبديل المدربين، ولإعتقادي الرّاسخ بأن شيخ الأندية سيبلغ بمرور الأيّام ذروة تألقه، ويصبح كامل الأوصاف كما يريده جمهوره الكبير، لكن من الواضح أنّ الفريق مازال على بعد مسافات كبيرة من أهدافه المرسومة على الصّعيدين المحلي، والدولي. والحقيقة أنّ الترجيين تسلّحوا بالكثير من الصبر في عهد السويح بما فيه من «غصرات»، وصعوبات. وأعرف من خلال تجربتي الطويلة في الفريق العريق أن «للصّبر حدود». وذلك ما ينبغي أن يفهمه المدرب الذي يملك زادا بشريا أعتبره الأفضل في بطولتنا. ونعرّج على نقطة أخرى مهمّة، ومطروحة بقوة الآن في الحديقة وهي مسألة «النجوم» لأؤكد أنّ الوفرة المسجلة في عددهم ينبغي أن تكون نعمة. وأن لا تتحوّل إلى نقمة. ولابدّ من التعامل بشكل جيّد مع هذا الملف».

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا