برعاية

هنا البريميرليج | كلوب .. من العاطفية إلى الواقعية

هنا البريميرليج | كلوب .. من العاطفية إلى الواقعية

من حق أي شخص الإيمان بحدوث المعجزات برغم صعوبتها أو نُدرتها ، في الواقع لن أعتقد أن ذلك الحالم مجنوناً إلا إذا أساء فهم المعجزات

لم تكن أجازته قد بدأت للتو وانهالت عليه الاتصالات التي تخبره بأنه مطلوب هنا وهناك ليتحول فمه إلى آلة للرسائل المُسجلة والي فحواها توجيه الشكر لهم على اهتمامهم مع الاعتذار لهم على عدم مبادلتهم إياه لأنه خرج للتو من صدمة عاطفية بعد انفصاله عن دورتموند ليس اختيارياً بحجة أن التغيير مطلوب مثلاً  ولكن مُجبراً لأنه لم يكن في قمة عطائه ، نهاية لم تليق بكل ما قدمه ولكنه تقبل ذلك على مضض لأن كل حواديت العشق لابد وأن يكون بها جانب مؤلم ، وهذا ما جعل قرار رحيله أصعب مما يتخيل بعد أن ترك مكانه وهو يشعر بأنه غريب أو ربما وحيد.

ولأن النفق المظلم في نهايته ضوء خافت صادر من هاتفه المحمول ، تلقى يورجن كلوب تلك المكالمة التي أعادت له هدوءه وابتسامته المُبهجة التي يعرفها الجميع ويرسمها على شفاه فتنتقل إلى شفاه الآخرين بالألوان ، لقد تم إخباره من قبل المدير التنفيذي لليفربول " آيان آير " أن النادي الإنجليزي يريد التوقيع معه خلفاً لبراندن رودجرز ، يا آلهي ! هل تحولت تلك التلميحات - برغبته في التدريب بالبريميرليج وبالأخص نادي كان ترتيبه حينها بعيداً عن التوب فور ويرغب بالعودة للقمة – إلى مفاوضات رسمية وبهذه السرعة ؟ أنها قصة حب جديدة بات الارتباط الرسمي فيها وشيكاً.

عام بالتمام والكمال مر على تعيين يورجن كلوب مدرباً لليفربول ، ذلك الثنائي الذي حّول أنفيلد إلى قاعة أفراح كبيرة بدون عروسين ، فالتفاؤل لا يفارق تصريحات مسئولي النادي الذين استطاعوا نقل الفريق إلى مرحلة جديدة لا علاقة لها بالأسماء ولكن بالأداء ، فهم من تجرأوا على إقالة كيني دالجليش وتعيين الأيرلندي المغمور الذي قدم معه الفريق كرة هجومية ممتعة عوضاً عن الكلاسيكية المُملة ، ولكن نقص خبرته لم يعد يُطاق ، لذا بدا وجود كلوب بدون نادي بعد بداية الموسم وكأنه إتفاق خبيث بينهما على خطف توقيعه قبل أن يقتنع مانشستر يونايتد بأن فان جال لا يصلح ، ويقرر تشيلسي قطع رأس مورينهو بعد موسم واحد تُوج فيه باللقب تماماً كأضاحي العيد.!

ليس من الدقة قول أن كلوب مثالي لليفربول دون التأكيد على أن ليفربول نفسه مثالي لكلوب أيضاً ، الكثير من اللاعبين الذين تعاقد معهم رودجرز مناسبين لفلسفته الفنية ، ونفسياً ؟ هناك شُحنات كثيرة جداً من الطاقة الإيجابية تنتظره عندما يستمع في كل مباراة إلى النسخة الأصلية من نشيد " لن تسير لوحدك أبداً " والأهم إدارة تثق به وتمنحه كافة الصلاحيات ، ولكن ما الذي تغير حقاً في ليفربول وكلوب نفسه منذ 8 أكتوبر من عام 2015 ؟

من حق أي شخص الإيمان بحدوث المعجزات برغم صعوبتها أو نُدرتها ، في الواقع لن أعتقد أن ذلك الحالم مجنوناً إلا إذا أساء فهم المعجزات وتلك الأمور التي لا تُصدق ولا تتكرر كثيراً وظن أنها عبارة عن حدوث تغيير جذري في لمح البصر ، سيدخل دائرة مفرغة يعاني منها كل من يظن أن الصبر ملهاة أو مضيعة للوقت ، ودون النظر إلى أية إحصائيات تابعة لوكالات عالمية أو ما شابه ، فرصة أي مدرب في كرة القدم للحكم عليه بشكل نهائي في الوقت الراهن يجب ألا تقل عن ثلاث مواسم ولكن مع إحراز تقدم ملحوظ.

أما بالنسبة ليورجن فقط ظهرت بصماته في الموسم الأول وأبرزها شخصية مختلفة تماماً أمام الكبار مثل الفوز على تشيلسي للمرة الأولى منذ 2011 ، اكتساح مانشستر سيتي برباعية على ملعب الإتحاد ، ومنذ ذلك الحين تقريباً لم يعد ليفربول ذلك الفريق الذي يكتفي بالمستوى الرائع في أي مباراة قمة خارج ملعبه بل أجبر مستضيفيه أن يخشوه أكثر من أي فريق آخر ، شئ من ليفربول الذي نعرفه العملاق أمام الكبار والملحمي في مواجهة الصغار.

بطولة الدوري كما هو مُنتظر كانت تجريبية له ، هناك الكثير من المدربين الذين واجههم للمرة الأولى وتوجب عليه أن يفهم طريقة لعبهم حتى لا يُستفز بسهولة مثلما حدث مع الآن بارديو بعد الخسارة من كريستال بالاس على أنفيلد ، وحتى لا يحرج نفسه ويرفض تحية توني بوليس بعد نهاية المباراة بحجة أن لاعبي ويست بروميش تعمدوا إيذاء لاعبيه ، تلك التخبطات كانت مقبولة لأن ردود أفعاله كانت تظهر كم هو متفاجئ من أسلوبهم ولكنه كان بإمكانه التعامل بصورة أفضل مع أهم مباراة للفريق منذ سنوات ، وهو نهائي الدوري الأوروبي ضد أشبيلية والذي كان بمثابة عرض مُذهل لبداية مثالية ، الفوز ببطولة أوروبية ، التأهل إلى دوري أبطال أوروبا والمنافسة على لقب آخر وهو كأس السوبر الأوروبي.

بعض النظر عن القرارات التحكيمية المثيرة للجدل في الشوط الأول ، لم يجيد كلوب إدارة اللقاء ، هل هناك يوجد تفسير لما حدث في الشوط الثاني سوى تكتيكاته ؟ فكما صرح السير أليكس فيرجسون منذ شهر تقريباً ، كان للمجهود البدني الكبير في الشوط الأول الأثر الواضح في إنهاك الفريق تماماً في الشوط الثاني ويُحسب لأوناي إيمري الذكاء في توفير مجهود فريقه لتلك اللحظات التي تنهار فيها لياقة لاعبي الريدز لينقض إشبيلية بدون رحمة ويسجل ثلاث أهداف ، لماذا لم يتراجع ليفربول بعد الهدف ؟ لقد أثبت في مواجهتي دورتموند وفياريال خارج الديار في مشوار البطولة أنه يستطيع أن الفريق يستطيع أن يدافع ككتلة واحدة بصورة لا بأس بها أبداً !.

تلك المباراة تحديداً لم تُبرز مشكلة كلوب في التعامل مع النهائيات فحسب ولكن مدى تركيزه على عواطف الجماهير ، فعندما تم سؤاله إذا ما كان غير محظوظ بخسارة نهائي آخر أجاب بأنه محظوظ بتدريب ليفربول ، أتفهم أن كلوب كان يحاول – بطريقته المعهودة - أن يحافظ على ثقة مشجعي النادي به حتى يُكون الفريق الذي يريده ، وهو متميز في ذلك ، يكفي أن الجميع يتذكر كلمة بوووم بعد الفوز على السيتي في مباراة تحصيل حاصل بالدوري أكثر من نهائي كأس الرابطة الذي خسره قبلها بأيام ، ولكن هل هذا وقته ؟ كلمات الحب لا تغفر ولا تشفي القلب الجريح.

برغم من الإشارة لمرونته التكتيكية بالتوقف عن اللعب بطريقة 4-2-3-1 ، لأن المتاحين وحتى الصفقات الجديدة غير ملائمين لها ، إلا أن كلوب لم يبدأ الموسم الجديد والذي عنونه بأنه " بلا أعذار " بصورة جيدة فنياً ، ولم يكن لذلك علاقة بارتفاع نسق المباريات والاندماج مع طريقة 4-3-3 فحسب ، ولكن باستمرار أحد العيوب وهو قراءته السيئة للمباريات ! فوز دراماتيكي على آرسنال الذي لعب بتشامبرز وهولدينج في قلب الدفاع كان خادعاً بعض الشئ لأن المباراة على ملعب الإمارات ، هجوم يُشجع على الاحتفالات ودفاع يدعو لإلغائها ، في المباراة الثانية تلقى هدف مبكر أمام بيرنلي وفشل مجدداً في التعامل مع أي فريق يركن الحافلة ولم يصل إلى المرمى إلا بتسديدات عشوائية ! وأخيراً سرق منه توتنهام نقطة غير مستحقة طبقاً لما قدمه الفريقين في التسعين دقيقة ، في مجمل التوقف الأول خسر أربع نقاط لأنه لم يحسن من الوضع في تيرف مور وعلى النقيض لم يحافظ على أفضليته حتى في الوايت هارت لين !!

أما تصريحاته فمنذ انطلاقة الموسم الحالي كانت أكثر عقلانية وبها لمحات كثيرة من تحمل المسئولية بدايةً من عدم رضاه عن تلقي ثلاث أهداف برغم الفوز على آرسنال والتعليق على احتفاله بالهدف الرابع مع ماني وأنه إحدى أسباب تخاذل اللاعبين بعدها وتلقي هدفين لأنه أشعرهم أن المباراة قد انتهت ، مروراً باعتبار مباراة بيرنلي الأسوا له منذ قدومه ، ردة الفعل ضد السبيرز كانت قوية من اللاعبين ولكن غير مكتملة من يورجن ، ماذا يفعل ستيوارت في الثواني الآخيرة من المباراة ؟ وإلى متى تلك التبديلات المتأخرة ؟ استيقظ يورجن ، بوتشينيو هو من فُرض عليه إضاعة الوقت للخروج بنقطة ثمينة جداً له ، أما أنت فكنت قريباً من الثلاث نقاط بشدة.  

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا