برعاية

ما بعد المباراة | رهان زيزو الناجح يُنقذه من كمين سيلتا المُفتقر للحلول، ولكن!

ما بعد المباراة | رهان زيزو الناجح يُنقذه من كمين سيلتا المُفتقر للحلول، ولكن!

التحليل الفني لفوز الميرينجي الصعب على السيليستي...

تحليل | عمرو عبد العزيز 

اعتلى نادي ريال مدريد صدارة الدوري الإسباني منفردًا بعدما حقق انتصاره الثاني في البطولة على حساب ضيفه سيلتا فيجو بهدفين مقابل هدفٍ مساء اليوم السبت على ملعب سانتياجو بيرنابيو، ليحقق المدرب "زين الدين زيدان" انتصاره الرابع عشر على التوالي في البطولة الإسبانية.

دعونا نحلل أداء الفريقين ...

ريال مدريد | رهان ناجح + دكة قوية = فوزٌ صعب أن يتكرر مُجدداً

بدأ الريال المباراة على الورق بثلاثي هجومٍ مُعتادٍ مُكونٍ من جاريث بيل يميناً، أسينسيو يساراً وموراتا في قلب الهجوم، ولكن الشوط الأول شهد تداخلاً كبيراً في المهام بين الثلاثي، فشاهدنا أسينسيو كثيراً ما يسقط للخلف للعب في مركزه الأصلي كثانع ألعاب، فيما كان بيل يميل كثيراً لليسار، فنراه تارةً يتبادل الثنائيات مع مارسيلو يساراً، وتارةً أخرى يعود إلى مركزه الأصلي على اليمين في محاولةٍ للاختراق والتسديد بقدمه اليسرى العكسية على مرمى الضيوف.

تألق الظهير الأيمن كارباخال بشدةٍ في المباراة الافتتاحية للميرينجي في الليجا، إلا أن هذا التألق يبدو أنه كان وبالاً على فريقه، إذ أصابه بثقةٍ زائدةٍ في النفس، فصار يتقدم كثيراً تاركاً مساحاتٍ كبيرةٍ للجناح البلجيكي السريع بونجوندا خلفه، أملاً في أن يُغطي قلب الدفاع الأيمن فاران ولاعب الوسط المُدافع كاسيميرو على تقدمه، ولكن هذا لم يحدث بالشكل المطلوب، مما كاد يُكلف الريال غالياً بعرضيةٍ من بونجوندا شتتها الدفاع في اللحظة الأخيرة من أمام المرمى، وهجمةٍ مرتدةٍ أخرى إثر ضغط اللاعب نفسه على كارباخال وقطع الكرة منه لترتد بهجمةٍ سريعةٍ أضاعها البلجيكي الشاب برعونته وتسرعه باتخاذ قرار التسديد، بدلاً من التمرير لزميله المعاجم جيديتي المتمركز أمام المرمى في وضعٍ أفضل للتسجيل.

تداخل مهام ثلاثي المقدمة فتح المجال لتألق مودريتش بالتقدم وإطلاق 3 تسديداتٍ من ضمنهم واحدةٌ اصطدمت بالعارضة فيما تكفل حارس السيلتا سيرخيو ألفاريز بالتصدي للتسديدتين الأُخرتين بصعوبةٍ بالغة بعد مرور نصف ساعةٍ فقط على بداية اللقاء.

نقص خبرة أسينسيو ظهر واضحاً في عرضية مارسيلو التي تردد الأول بين تسديدها وتمريرها لزميله بيل داخل منطقة الجزاء، لتخرج الكرة لضربة مرمى بغرابةٍ شديدة، مما يوضح أهمية وجود نجمٍ بحجم خاميس أو إيسكو على الأقل، لمنافسة نجم لاروخا الواعد -20 عاماً- على مركزه في صفوف الميرينجي هذا الموسم، منعاً للغرور من التسلل إلى عقل الأخير، خصوصاً بعدما ضمه المدرب لوبيتيجي لقائمة منتخب بلاده الأول عقب التألق في 3 مبارياتٍ فقط مع النادي الملكي في الموسم الجديد.

عانى موراتا من ضغط محاولة إثبات وجوده في أسرع وقتٍ ممكنٍ قبل العودة المنتظرة لكلٍ من الثنائي كريم بنزيمة وكريستيانو رونالدو لإكمال أضلاع المثلث الهجومي الشهير بالـBBC مع زميلهما بيل، فعاب مُهاجم إسبانيا نقص التركيز، والذي أدى لسوء التمركز مما أوقعه في مصيدة التسلل في مناسبتين في الشوط الأول وأخرى في الشوط الثاني، بالإضافة لأنانيةٍ مُفرطةٍ أدت للكثير من التسرع والرعونة في أدائه والتصميم على خيار التسديد دائماً بدلاً من النظر حوله لرؤية أماكن تمركز زملائه المتواجدين في أماكنٍ أفضل لتسجيل الأهداف.

تأخرت كتيبة زيدان كثيراً في تطبيق الضغط العالي أثناء فقدان الكرة، فكان الفريق يتراجع كثيراً مما يسمح بخطورةٍ كبيرةٍ على حدود مناطقه عبر الثلاثي: أوريانا، فاس وبونجوندا، إذ لم يلقَ كاسيميرو المُساندة المطلوبة من الثنائي مودريتش وكروس دفاعياً، فيما زاد تقدم كلٍ من الظهيرين مارسيلو وكاربالخال باستمرار من العبء المُلقى على كاهل النجم البرازيلي في مُحاولاته المُستميتة لوأد هجمات الضيوف في مهدها، إلا أن رهان زيزو على الدبابة البرازيلية كان ناجحاً -مع عدم خلوٍّه من المخاطر- وهذا ما سنلاحظه في الشوط الثاني.

فطن زيزو بين الشوطين لنقاط ضعف فريقه، فأمر كارباخال بالتراجع لرقابة الخطير بونجوندا، ونجح ظهير لاروخا في إخفاء البلجيكي بالفعل في الشوط الثاني... وقام زيزو أيضاً بوقف تبادل المراكز الهجومية المستمر في الشوط الأول، والذي أربك ثلاثي الهجوم كثيراً، فثبَّت بيل عاليمين، موراتا في قلب الهجوم وأسينسيو كصانع ألعابٍ مع تقدم مارسيلو ليلعب على الجبهة اليسرى بأكملها كـLWB مع تغطيةٍ بالتناوب بين مواطنه كاسيميرو والألماني كروس في حالة تقدمه.

أدى هذا التنظيم الهجومي لإرباك حسابات دفاعات السيلتا والتي أعادت الكرة للحارس في أكثر من مناسبةٍ مما وضع ضغطاً كبيراً عليه، فأخطأ الحارس في التشتيت مرتين، قبل أن يقرأ مودريتش ارتباك الحارس، فيقطع الكرة في المناسبتين، وينجح في المرة الثانية في صناعة الهدف الأول لفريقه عبر موراتا بعد ربع ساعة من بداية الشوط الثاني، قبل أن يهدر المُهاجم نفسه فرصةً أخرى بالتسديد في القائم من انفرادٍ تام بعدها بدقائقٍ قليلة عقب تمريرةٍ ساحرةٍ من كروس.

لاحظ زيزو تراجع لياقة أسينسيو في منتصف الشوط الثاني، بالإضافة لنقص خبرته، خصوصاً في انفراده الذي أهدره بالتسديد في يد الحارس قبل لقطة الهدف مباشرةً، فدفع بخاميس مكانه في مركز صانع الألعاب، فيما دخل الجناح الأيمن لوكاس فاسكيز على اليمين مع تحول بيل لقلب الهجوم كمهاجمٍ ثانٍ مع موراتا في الثلث ساعة الأخيرة، بدلاً من مودريتش وأسينسيو على الترتيب، لتتحول الخطة لـ3-4-1-2 في ظل استمرار تقدم مارسيلو كجناحٍ دفاعيٍ على اليسار، في محاولةٍ لاستعادة التقدم بعد تعادل السلتا قبل ثلث ساعةٍ على النهاية.

بمناسبة تعادل السيلتا، فقد استغل مغامرة زيزو بالثقة المفرطة بقدرات كاسيميرو وحيداً في مركز الارتكاز، دون مساندةٍ من مودريتش أو كروس المتقدمين باستمرار، مما أسفر عن هدف الضيوف اللذين استغلوا تعب البرازيلي وبطئه الواضح في العودة لتسجيل التعادل من تمريرةٍ ذكيةٍ من جيديتي لأوريانا خارج منطقة الجزاء، في المكان المفترض على كاسيميرو التواجد فيه لرقابته، إلا أن انشغال الأخير بالتغطية على التقدم المستمر لمارسيلو قد أرهقه كثيراً خصوصاً مع التقدم المُبالغ فيه من كلٍ من مودريتش وكروس.

على أي حال، لم يكن رهان زيزو على كاسيميرو خاسراً، بل كان مُقامرةً نجحت في تلك المباراة بفضل ارتباك دفاعات الضيوف من الضغط الهجومي الكاسح لبطل أوروبا، بالإضافة لغياب الفعالية الهجومية للسيتا بغياب اللمسة الإبداعية من الثقيل جيديتي والاعتماد على العرضيات التي كانت أغلبها في متناول الثنائي راموس وفاران في الخلف... وظهر نجاح رهان زيزو في تقدم مودريتش في الشوط الثاني ليقطع كرتين متتاليتين فشل حارس الضيوف في تشتيتهما، وصنع من خلال الكرة الثانية الهدف الأول لفريقه، فيما كان الرهان على تحرر كروس ناجحاً أيضاً، مع توفيقٍ كبيرٍ في اختيار التبديلات وتوقيتها الصحيح من جانب المدرب الفرنسي في لقطة الهدف الثاني، فبدأت الكرة باختراقٍ على اليمين عبر البديل خاميس، قبل أن تنقطع الكرة منه، صم يُقاتل لاسترجاعها قبل أن تصل إلى البديل الآخر فاسكيز، والذي يمرر بدوره بذكاءٍ كبيرٍ للقادم من الخلف كروس، فيسدد الأخير بباطن قدمه اليمنى على طريقته الخاصة من مسافة 25 متراً تقريباً، لتستقر الكرة داخل الشباك على طرقة البيلياردو عقب اصطدامها بالقائم.

وتجدر الإشادة أيضاً بدور الثنائي بيل وماريانو -الذي دخل بديلاً لموراتا- في إرباك دفاعات السيلتا، وإجبار ثنائي قلب الدفاع رونكاليا وكابرال على البقاء في مناطقهم وعدم التقدم لتطبيق الضغط العالي، مما أعطى مجالاً كبيراً لتحرر لاعبي الوسط، فشاهدنا خاميس، كروس وحتى كاسيميرو يتقدمون كثيراً في الربع ساعة الأخيرة بحثاً عن التعويض، وكان لبيل رهبةً كبيرةً في عمق منطقة الجزاء، خصوصاً في لقطة عرضية فاسكيز التي حولها النفاثة الويلزية براسه وصدها الحارس بصعوبة على مرتين قبل 10 دقائق على النهاية."

في المُجمل، استحق زيزو التحية على رهانه الناجح في تلك المباراة بالرغم من الظروف التي ساعدته، كما في لقطة الهدف الأول التي وضح فيها تواجد بنزيمة في موقف تسللٍ وتداخله الصريح على الكرة... ووجب تحذير زيدان ايضاً من تكرار تلك المغامرة أمام فرقٍ أقوى من السيلتا في الفترة القادمة، لأنه كما يقول المثل "لا تسلم الجرَّة في كل مرَّة".

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا