برعاية

الرياضة النسائية في عيد المرأة: ريــادة وتوهّــج رغم التهميـــش

الرياضة النسائية في عيد المرأة: ريــادة وتوهّــج رغم التهميـــش

لا تكاد تمرّ منافسة واحدة من منافسات «ريو» 2016 في البرازيل دون أن نخرج منها بدرس كبير كذلك الذي قدّمته المصارعة «كلمندي» التي أصبحت بطلة قوميّة بعد أن أهدت «كوسوفو» أوّل ميدالية أولمبية. وداوت بذلك الجراح الغائرة لبلد صغير عاش مجازر وحشيّة. ومازال يبحث عن إعتراف أممي «شامل» بإستقلاله. وجاء بعد ذلك درس آخر «نسوي» وعظيم. وسيظلّ عالقا في أذهان كلّ التونسيين الذين عاشوا أجمل اللّحظات بفضل الابنة البارة والبطلة الصّنديدة للخضراء إيناس البوبكري التي أيقظت الهمّة في النّفوس اليائسة. وإقتلعت الميدالية البرونزية في المبارزة بالسّيف في ليلة كانت خلالها الفرحة التونسية هستيرية ولا توصف خاصّة بعد البداية الكارثية لسفرائنا في هذه التّظاهرة الكونية التي أكّدت من جديد الدّور البارز للمرأة في كلّ المجالات والاختصاصات. وأثبتت بطلتنا المتألقة مرّة أخرى أنّ حراير تونس وحفيدات عليسة وأروى القيروانية والسّيدة المنوبية نساء ونصف رغم الظّلم والقهر.

يخطىء من يتصوّر أن الانجاز الذي حقّقته إيناس لفائدة تونس بفضل إصرارها الكبير وعزيمتها التي كانت كالصّخر لا يتعدّى مجرّد تتويج بميدالية من الصّنف الثّالث بل أنّ الأمر أعمق بكثير من ذلك. وتكمن أهميّة هذا الانجاز في حساسيّة ورمزيّة توقيته وفي الأداء البطولي الذي قدّمته صاحبته.

ومن المعلوم أنّ قريتنا الأولمبية في البرازيل سيطر عليها «الدّخلاء» (الذين ركبوا كعادتهم على الحدث). واجتاحها الإحباط بعد الخيبات المتتابعة في الأيّام الأولى من هذه التّظاهرة الرياضية الكونيّة. وجاء نجاح البوبكري في خطف البرونزية رغم التّعب والجراح ليعيد الرّوح والفرح للبعثة التونسية. ويبعث في أبطالنا الأمل بعد أن كاد يقتلهم اليأس. كما شرّفت البوبكري المرأة التونسية والعربية والافريقية عموما ناسجة على منوال شقيقتها حبيبة الغريبي التي سبقتها إلى معانقة المجد الأولمبي مع اختلاف في الاختصاص. وشاءت الأقدار أن يتزامن إنجاز إيناس مع احتفالات تونس بعيد المرأة (13 أوت). ولا شكّ في أنّ الحدث السّعيد الذي عاشته رياضتنا بفضل السّيف الذّهبي للبوبكري يحمل في طيّاته رسالة قويّة مفادها الطّاقات الخرافيّة للتونسيات سواء الرياضيات المتألقات في كلّ الاختصاصات أوقائدات الطائرات والطبيبات البارعات والنّساء الثائرات والمناضلات والعاملات والفلاّحات الصّامدات وكلّ بنات تونس اللّواتي كان لهن السّبق في عدّة مجالات. وتقاتل البطلات التونسيات - مثل سائر حفيدات الطّاهر الحدّاد - في سبيل الدّفاع عن مكاسبهن وحقوقهن في ممارسة الرياضة ورفع الراية التونسية في المحافل الدولية ومشاركة الرجل في رسم صورة ناصعة عن الوطن رغم التضييقات والمشاكل والعراقيل التي تواجهها الرياضة النسائية في بلادنا التي أثبتت بفضل حبيبة ومن بعدها إيناس أنّها مناصرة كعادتها للحياة والتحرّر وصانعة للأبطال والبطلات وبيئتها غير صالحة لإحتضان الإرهابيين والإرهابيات وأرضها غير ملائمة لتصدير «مجاهدات النّكاح».

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا