برعاية

من وحي الأولمبياد: الرّياضة التونسيّة بين صناعة الأبـطال وصناعة الأوهـــام

من وحي الأولمبياد: الرّياضة التونسيّة بين صناعة الأبـطال وصناعة الأوهـــام

في الوقت الذي إزداد فيه المشهد السّياسي في تونس توتّرا وسوادا، توجّهت الأبصار إلى البرازيل بحثا عن متعة قصيرة وفرحة صغيرة قد تصنعها سواعد أبطال الخضراء خاصّة أنّها تشارك بجيش عرمرم من النّجوم في أولمبياد «ريو دي جينيرو».

واشرأبت الأعناق نحو بلد العملاق «بيليه» على أمل أن ينجح سفراء الخضراء في تحقيق أحلام التّونسيين. ويبعثون فيهم بارقة أمل. ويوقظون فيهم النّخوة بالإنتماء إلى بلد القمّودي وقلحية وديوة والشتّالي والجليلي والملولي والغريبي غير أنّ نتائج الأيّام الأولى كانت صادمة. وكانت الفوضى عارمة في قريتنا الأولمبيّة التي اختلط فيها الحابل بالنّابل خاصّة بعد أن اقتحمها ثلّة من الدّخلاء وهو أمر خطير. ومن المفروض أن يخضع بسببه الوزير ورئيس اللّجنة الأولمبية للمساءلة والمحاسبة. ومن المعلوم أنّ ملف الوزارة ولجنة بوصيان قد «ثقل» بعد «الخذلان» الذي تعرّض له «الصّفاقسية» نتيجة الفشل في احتضان الألعاب المتوسطيّة رغم الحملات الدعائية والرّحلات المكوكية وهذا فضلا عن العجز في إحداث التّوافق في السّاحة الرياضية التي تعمّقت مشاكلها الماديّة والإداريّة والقانونية.

وتلاحقت أنباء النّكسات والخيبات التونسية في كلّ الاختصاصات الأولمبية تقريبا (إلى حدود يوم أمس الأوّل على الأقل). وجاءت هذه الاخفاقات والهزّات لتؤكد بما ما لا يدع مجالا للشكّ أن الجهات الوصيّة على الرياضة في بلادنا مازالت بعيدة آلاف السّنوات الضّوئية عن النّهج القويم والأسلوب السّليم لـ»صناعة الأبطال». وتتطلّب هذه «الصّناعة» اتّباع سياسة انتقائية وغير إرتجالية كما هو معمول به في أكثر من «أمّة» رياضيّة فرضت ألوانها بقوّة في الألعاب الأولمبية وهو حال الولايات المتّحدة الأمريكية التي ظلّت رايتها عالية على الدّوام بفضل التركيز العالي على اختصاصات بعينها منها ألعاب القوى والسّباحة. ولفتت الصّين الشّعبية مثلا الأنظار عبر الغوص والجمباز وتنس الطّاولة. وبالمختصر المفيد تسطّر كلّ دولة (بغضّ النّظر عن تقاليدها وامكاناتها المالية) سياسة واضحة ومدروسة لتحقيق المجد في الأولمبياد الذي يجني فيه البطل ثمار عمل شاقّ وجبّار يدوم أربع سنوات على الأقل. كما يتطلّب النّجاح في الألعاب الأولمبية وهي أرقى وأقوى التّظاهرات الدولية الجودة لا الكثرة مثلما توهّم القائمون على رياضتنا.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا