برعاية

(كتاب رونالدو 18).. أنشيلوتي والكرة الذهبية وقنص العاشرة

(كتاب رونالدو 18).. أنشيلوتي والكرة الذهبية وقنص العاشرة

كان كريستيانو وريال مدريد في صيف 2013 على موعد مع مدرب جديد وهو كارلو أنشيلوتي الذي طبق واحدة من نظريات كرة القدم والحياة على الفريق: اجلب قليلاً من الفاصولياء غير المطهوة وضعها في طبق، ستجد بعضها فوق الآخر، أليس كذلك؟ الآن هز الطبق وسترى حبات الفاصولياء تتحرك تدريجيا لمكانها.

هذا الأمر ينطبق على المباريات والفرق، ففي النهاية يجد الجميع مكانهم في هذا العالم. أنشيلوتي سبق له التعامل مع أندية كبيرة ورؤساء من أصعب ما يكون. كان قد تعلم بكل بساطة كيف يهز طبق الفاصولياء. تعيينه كان منطقيا لأنه كان يمثل كل ما هو معارض لمورينيو وفوق كل هذا يعرف ما هو معنى الفوز.

شهد هذا الصيف انضمام آسيير إياراميندي وداني كارباخال وإيسكو بجانب تصعيد ألبارو موراتا للفريق الأولى وقدوم الويلزي غاريث بيل في الأول من سبتمبر/ أيلول، قادماً من الـ"بريميير ليغ"، تحديداً من توتنهام بعد مفاوضات صعبة.

فاز فلورنتينو بالانتخابات كمرشح منفرد مجدداً ووضع نصب عينيه هدفا واحدا: ضرورة حصد العاشرة عقب التعثر ثلاث مرات في نصف النهائي، بينما كان اللاعبون لديهم رغبة في إثبات قدرتهم على الفوز بدون مورينيو وانقساماته.

وصل كريستيانو لقمة مستواه في نوفمبر/ تشرين الثاني أثناء لعب ملحق التأهل للمونديال أمام السويد، حيث قدم مستوى مرتفعا في مباراتي الذهاب والإياب، خاصة تلك التي أقيمت في ستوكهولم حيث لم تؤثر عليه هتافات "ميسي ميسي" بالمرة. كان مستعدا للمناخ العدائي والتحدي الموجود أمامه وتمكن من تسجيل ثلاثة أهداف "هاتريك" في المباراة التي فازت بها البرتغال 3-2 لتتأهل لكأس العالم بالبرازيل.

كانت كمية الأهداف التي سجلها كريستيانو في الموسم ودوره في الذهاب بالبرتغال إلى مونديال 2014 هي ما يدعم ترشحه للكرة الذهبية، فيما كان الجانب الآخر يضم الفرنسي فرانك ريبيري بطل ثلاثية الدوري والكأس ودوري الأبطال مع بايرن ميونخ وليونيل ميسي بطل الليغا.

جاء ذلك اليوم الذي حل فيه جوزيف بلاتر رئيس (فيفا) ضيفا على مؤتمر في جامعة أوكسفورد وتحدث فيه عن ميسي وكريستيانو وقال إن الأول "فتى طيب"، بينما البرتغالي يسير بطريقة آلية مثل العساكر، وهو ما تم تفسيره على الفور على أساس أنه سخرية موجهة ضد رونالدو.

طالب ريال مدريد وكذلك كريستيانو نفسه الذي اعتبر الأمر بمثابة إهانة له ولبلاده بالاعتذار، ورد في اليوم التالي بإحراز "هاتريك" وكسر الرقم القياسي لبوشكاش في الليغا من حيث عدد الأهداف واحتفل بأداء التحية العسكرية، وفي المباريات الخمس التالية أضاف 10 أهداف.

مالت كفة الميزان حينها ناحيته فيما قرار (فيفا) تأخير تاريخ التصويت بالنسبة لقادة الفرق والمدربين والصحافيين لما بعد ملحق المونديال الذي كان كل من ريبيري ورونالدو سيظهران فيه، ساهم في إعطاء كريستيانو دفعة إضافية في الأصوات بسبب مستواه.

في 13 يناير/ كانون الثاني 2014 حضر كريستيانو حفل الكرة الذهبية في زيورخ بصحبة رفيقته العاطفية ارينا شايك ووالدته دولوريس ونجله وجورجي مينديش وعدد من أقاربه ورئيس النادي فلورنتينو بيريز. تبادل مع ميسي نظرة تفاهم مشتركة ونكات وتصريحات عامة حول احترام كل منهما للآخر. جاءت اللحظة الحاسمة وفتح بيليه المظروف والفائز هو.. كريستيانو رونالدو.! أخيرا بعد أربع مرات متتالية شاهد فيها ليو يتوج بالجائزة.

هذه كانت اللحظة التي بكى فيها البرتغالي ووالدته وإيرينا وبالنسبة لفلورنتينو لوحظ أنه كان يبتلع ريقه بصعوبة.. "شكرا لزملائي في ريال مدريد والمنتخب ولوكيلي ولشعبي ولوالدتي ولابني الذي يوجد هنا للمرة الأولى".. هذه كانت كلمات رونالدو الذي ظل الجميع يهتفون باسمه في طائرة العودة لمدريد.

لم يكن هناك أحد يشكك في أهمية كريستيانو في الملعب، ولكن بعد الفوز بالجائزة تحسنت تصرفاته على أرض الملعب. أصبح يبتسم ويشكو بصورة أقل بعد القرارات السيئة سواء من قبل الحكم أو زملاء الفريق بل وبات يتجنب الاستفزاز.

بخلاف هذا أصبح مرتبطا بمسؤولي النادي وأعمالهم اليومية بصورة أكبر. أصبح رونالدو يفهم أن كل الأمور لا تتعلق به: أن المباريات لا تنتمي له وحده فقط وبدأ بالتصرف بشكل منضبط.

يقول أنخل دي ماريا "حينما كنت في بنفيكا كنت أعتقد أنه ليس سوى شخص أناني يدور عالمه حول ذاته، ولكن لاحقا حينما التقيت به أدركت أن هذا بعيد تماما عن الحقيقة. إنه شخص طبيعي وبسيط وودود"، فيما يضيف تشابي ألونسو "ربما كان غير عقلاني حينما وصل في البداية ولكنه لاحقاً نضج بصورة تدريجية".

بدأت العلاقة تتوطد بصورة أكبر بين رونالدو وسرخيو راموس وكاسياس بالعشاء معا أكثر من مرة لمناقشة شؤون شخصية وأخرى تتعلق بالفريق. لم يكن قائداً ولكنه أصبح مدعواً بصورة دائما ليشكل جزءاً من القيادة.

لا يقتصر الأمر على هذا بل إنه حينما حصل دي ماريا على عرض تمديد غير ملائم فإنه توسط لدى فلورنتينو من أجل حل المشكلة، حيث يقول دي ماريا بنفسه "عاملني دائما بصورة جيدة وكان موجوداً في الأوقات الصعبة، بل إنه تحدث مع الرئيس بخصوص عقدي".

هضم رونالدو جيدا تصاعد دوره داخل المجموعة وحصوله على الاعتراف الذي كان يرغب فيه من العامة، لدرجة أن مجلة (تايم) وضعته في قائمتها الصادرة بأبريل/ نيسان 2014 ضمن أكثر الشخصيات المؤثرة في العالم.. هل أصبح "القلوق" شيئاً من الماضي؟ أم أنه سيعود مجددا؟

يقول أوسكار كامبيو مدير جريدة (ماركا) "كارلو أنشيلوتي رجل يعرف أن القانون الأول في كرة القدم هو أن اللاعبين هم الأكثر أهمية". وهذا الأمر حقيقي فكارليتو رجل يعرف كيف يدير أموره بأفضل صورة.

لم يتفهم نجوم ريال مدريد في البداية الطابع اللطيف والمتواضع لأنشيلوتي وعدم ميله لفرض نوع من السلطة العليا فوق الفريق ولكنهم أدركوا لاحقا أنه كان يتدخل فقط عند الحاجة ويطلب ما هو ممكن فقط.

كانت مطالب أنشيلوتي ترتكز على قدرات كل لاعب قبل أي شيء آخر وما كان يحتاجه منه، ولكن مع وجود استثناء وهو بالطبع كريستيانو رونالدو، حيث يقول بول كليمينت مساعد المدرب الإيطالي في تلك الفترة "حينما وصلنا كان كارلو يرغب من كريستيانو أن يلعب في مركز رأس الحربة الصريح لكي لا يحمل فوق كاهله مهام دفاعية".

يضيف كليمنت "الحقيقة أننا حاولنا هذا الأمر ولكنه لم يشعر بالراحة. تحدث المدرب معه وأخبره كريستيانو بوجهة نظره وقال: (أفضل استلام الكرة على اليسار والهجوم من تلك الجبهة. تطورت وأنا ألعب بهذه الطريقة)".

بهذه الطريقة كان يجب على الجهاز الفني إيجاد حل على الصعيد الدفاعي؛ لأن كريستيانو ربما لا يعود ويغطي الجناح. تمثل هذا الحل في أنخل دي ماريا الذي كان مستعدا للركض طوال المباراة ليصبح حاميا لهذه الجبهة.

يتابع كليمنت "كريستيانو كان يسهل التعامل معه. كان يدرك أنه لا يمكنه القيام بكل الأمور بنفسه".

عثر كريستيانو على الراحة المرجوة في خطة 4-3-3 التي لعب بها الإيطالي، والتي أعطته حرية في الجبهة اليسرى كما كان يتمنى مصحوبا في المقدمة مع بنزيمة في دور رأس الحربة المتحرك الذي تمت أقلمته ليتناسب مع احتياجات كريستيانو، وأيضا غاريث بيل المبتسم دائما على الناحية اليمنى.

هل كانت صفقة بيل سبباً في التحول الذي تعرض له رونالدو؟ هل هذا كان رد فعله؟ أم أنه كان يظهر أفضل ما لديه بعد فوزه بالكرة الذهبية وإثباته للجميع أنه الأفضل؟ أم أن الأمر يتعلق بكيفية تعامل أنشيلوتي مع حبات الفاصولياء الموضوعة في طبقه؟ أم أنها مسألة النضج والاقتراب من سن الثلاثين؟

لم يتمكن أنشيلوتي من قيادة الريال نحو لقب الليغا الذي ذهب لأتلتيكو مدريد في الجولة الأخيرة من البطولة بعد التعادل مع برشلونة بهدف لمثله على ملعب كامب نو، ولكن الفريق تمكن من التأهل لنهائي كأس الملك ودوري الأبطال.

كان الريال على موعد في نهائي كأس الملك أمام برشلونة ولكن كريستيانو كان مصابا في الساق. لم يرغب في المخاطرة من أجل البطولة الأهم وهي التشامبيونز لذا لم يشارك في ذلك اللقاء الذي كسر فيه غاريث بيل حالة التعادل بهدف لمثله في المنعطف الأخير بهدف الهروب الشهير ليتوج فريقه باللقب.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا