برعاية

ميسي العراق"..هرب من "داعش" فجذبه برشلونة

ميسي العراق"..هرب من "داعش" فجذبه برشلونة

شيئاً فشيئاً بدأ حلم "ميسي العراق" يتحقق، فها هو يجذب أنظار المسؤولين في مدرسة برشلونة الكروية "لاماسيا" ليوجهوا له دعوة يتمناها كل موهوب، كاسراً كل القيود ومحطماً كل الحواجز التي وقفت في طريق تحقيقه حلمه، أبرزها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

تبدأ القصة من بيت طيني بسيط يقبع في قرية الشيخ علي، في قضاء القيارة بمحافظة (الموصل 450 كلم) شمالي العراق، هناك، في ذلك البيت، يرتبط الطفل أحمد ضياء اللهيبي، المولود في سبتمبر/ أيلول 2006، بعلاقة حب جنونية مع الكرة، فهو منذ عامه الرابع لا ينام إلا ويحتضن معشوقته المستديرة، وفي صحوه لا يفارق مداعبتها وجريه خلفها، فيما يسرح خياله أنه يراوغ أمهر دفاعات فرق العالم، ويجتاز أقوى الخصوم ليسجل الأهداف وينطلق فرحاً نحو الجماهير التي تهتف باسمه.

وبحسب رواية والده الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، ففي السابعة من عمره، وفي مطلع العام 2014 تحديداً، افتتح اللاعب الدولي العراقي السابق، عادل خضير، مدرسة كروية في قضاء الشرقاط القريب من القيارة، فكانت فرصة لأحمد أن يبني مهاراته ويؤسس مشوراه الكروي بشكل صحيح وسليم مدروس.

ثلاثة شهور ونصف قضاها أحمد في المدرسة الكروية، حتى خيم الظلام على مستقبله؛ إذ سيطر تنظيم "داعش" على المدينة، وتوقفت الأنشطة الرياضية، لكن أحمد وبسبب رغبة والده في أن يحقق ولده ما فشل هو في تحقيقه أن يصبح لاعب كرة مشهوراً، بقي يتمرن داخل بيته ووسط قريته.

في يناير/كانون الثاني الماضي، كان لابد للوالد أن يفترق عن أسرته، إذ كان مطلوباً من قبل "داعش" وتعرف عن طريق آمن للهرب، يمتد إلى مسافة 18 كلم وسط طرق زراعية، يوصله إلى قضاء مخمور التابع لمحافظة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، إقليم شمال العراق.

لكن أحمد أصر على مرافقة والده، فترك الأخير زوجته وطفلين يصغران أحمد عند أقاربه، وهرب مع ولده الموهوب في ليل شديد البرودة.

يقول ضياء اللهيبي، إن ولده أحمد بكى كثيراً من شدة البرد، لقد تجمدت أطرافه، وكنت كل حين أنفخ على كفيه الصغيرتين، وأشجعه على الصمود، حتى وصلنا بعد عناء إلى مخمور، ولم يمض من الوقت الكثير، حتى انطلقت عمليات تحرير القيارة، وبعد فترة قصيرة تم تحرير مناطقنا وأخليت عوائلنا نحو كركوك، واجتمعت عائلتنا مرة أخرى.

في مخيم النزوح بكركوك، الجميع هنا ينتظرون المساعدات التي تقيهم شر الجوع، خيم لا تقي حرارة الصيف وبرد الشتاء، لكنه مكان يأمنون به شر "داعش".

الولد الصغير لا يعبأ بكل هذا، فهو لا يفارق معشوقته. يمارس هوايته في مخيم النزوح، وفي الشوارع والأسواق.

القرار الذي اتخذه والده أن يعرضه على المركز التخصصي بكرة القدم الموجود في بغداد، ففيها أشهر المدربين، ومن بين أيديهم يبزغ نجوم الكرة.

بالفعل أعجب المختصون في بغداد بموهبة أحمد، وفيما كانت رغبة عائلة أحمد أن يتبنى المركز إقامة العائلة في بغداد من أجل ولدهم الموهوب، الذي سيكون نجماً عالمياً ينطلق من العراق، رفض المركز توفير سكن لهم، وأخبرهم أنه لا علاقة له بأي مصاريف.

عاد أحمد ووالده نحو مدينة كركوك وقد انهارت أحلامهما، فهما وعائلتهما مهجرون، ولا عمل للأب بعد أن غادر قريته، التي لم يعد له فيها شيء، حتى بيته الطيني في القرية تهدم بفعل المعركة التي دارت بين الجيش و"داعش".

بدأ الأمل يعود إلى أحمد ووالده، حين سلطت الصحافة الضوء على هذا الطفل الصغير، وهو يتحرك بالكرة ويركلها كما يفعل كبار مشاهير اللعبة.

وبات للصغير أحمد قناة على "يوتيوب" وموقع على "فيسبوك" يحويان مقاطع مصورة له وهو يستعرض مهاراته الكروية، تلك المقاطع وصلت لأحد كشافي المواهب، الذي بدوره أوصل ما حصل عليه من كنز كروي لأهم مدرسة كروية في العالم، "لاماسيا" التي تعتبر الأكاديمية التابعة لنادي برشلونة العريق.

يقول والد أحمد، إن المسؤولين في لاماسيا أبلغوا فرع الأكاديمية بالأردن، أن يلتحق أحمد بمقرها في عمان تحضيراً لسفره إلى برشلونة.

يتحدث اللهيبي، ويلهج لسانه بحمد الله، لقد بدأ الحلم يتحقق ويصبح واقعاً، على الرغم من المآسي التي مرت بها تلك العائلة التي كانت تعيش تحت رعب "داعش".

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا