برعاية

(كتاب رونالدو 4) أزمة الهوية ومشاكل سبورتنغ لشبونة

(كتاب رونالدو 4) أزمة الهوية ومشاكل سبورتنغ لشبونة

يقول المحلل النفسي الألماني الشهير صاحب مصطلح "أزمة الهوية" إن خصائص كل منا تتشكل في حقب عمرية متنوعة: من الخامسة للثانية عشرة يبدأ الأطفال في اكتشاف الأشياء التي تهمهم ويشرعون في التعرف على مواهبهم الخاصة، إلى جانب العثور على ما يميزهم على البقية ومن الثالثة عشرة حتى التاسعة عشرة يبدأ المراهقون في الانتقال لمرحلة البلوغ بالبحث عن أجوبة لأسئلة مثل "من أنا؟"، "ما الذي سأغدو إليه؟"، ويعملون على تطوير هويتهم ولكنهم في نفس الوقت يصارعون من أجل حجز مكان لهم في العالم. تنتابهم رغبة في العثور على مكانهم والحصول على الاستقلالية والاكتفاء الذاتي وتلك المعاملة التي يتلقاها البالغون.

رونالدو كان النجم الذي يفوز بالمباريات منذ اليوم الأول: قائد بالفطرة ويحاول فرض هذا منذ البداية. الآن يطالب بالحفاظ على هذا النوع من التميز مقابل المجهود والقيادة التي يقدمها للفريق، ولكن هذا الأمر ليس وليد اليوم بل بدأ في سبورتنع لشبونة حينما كان في الرابعة عشرة من عمره.

كل من على شاكلة رونالدو في هذا العالم يصبون تركيزهم بالكامل على أهدافهم ويستخدمون قدرتهم على التنافس وذكاءهم قبل أي شيء. المدرسة مجرد شيء مستفز. تأتي تربية كريستيانو من الشارع وغرفة الملابس. تعلم في سبورتنغ لشبونة الانضباط وضرورة احترام السلطة والعمل الجاد وسبل النجاح ولكن..

إذا ما نشأ طفل في بيئة تخلو من قدوة ونموذج واضح؛ في ظل وجود أب غائب، فإن هذا الأمر قد يولد حالات من انعدام الأمان والثقة في طريقه نحو حياة البلوغ. هذا الأمر لا ينتج عنه سوى حالة من الارتباك على المدى الطويل. وانعدام الأمان والثقة. هل يشعر رونالدو بهذا؟ هل فكرت مرة في امكانية أن مجهوده لإبقاء جسده مثاليا ينبع من هذا الأمر؟ فكر في هذا: بدون نموذج تنبع حالة انعدام الثقة ومعها آلية التكبر كمجرد تمويه.

يقول أوريليو بيريرا حول رونالدو الذي أصبح لاعبا في أكاديمية سبورتنغ لشبونة الصغيرة في أغسطس/ آب 1997: "لا يجب أن يشعر اللاعبون بأننا نقدم بديلا لعائلاتهم وفقط أننا هنا لمساعدتهم على حل مشكلاتهم. الأمر دائما ما يكون صعبا لأولئك الذين يأتون من بعيد خلال أيامهم الأولى. تكون الليالي طويلة ومعها الوقت أطول للتفكير".

تكون هذه الأشهر الأولى حاسمة والبعض يعود بعدها مباشرة لمنزله دون رجعة ويبذل فيها النادي مجهودا كبيرا حيث يضيف أوريليوا: "المدربون والإداريون بل والأطباء.. الكل يبذل مجهودا كبيرا لأقلمة الفتى على الأجواء والاعتناء به والعمل على اندماجه في المجموعة".

التقى فريق عمل الكتاب بهوجو بينا. ربما لم تسمع به من قبل ولكن لديه الكثير من القصص التي يجب أن تعرفها حول الحقبة التي قضاها كريستيانو مع سبورتنغ لشبونة.

يقول بينا "كان كريستيانو متدربا في الرابعة عشرة من عمره حينما انضممت للنادي. التحقت بفريق تحت 17 عاما وكريستيانو كان في فريق فئة عمرية أقل. كان أفضل من البقية لذا صعدوه لفريقنا. هذه كانت طريقة معرفتنا. لم يكن يتحدث البرتغالية كما نفعل في لشبونة. اللهجة في ماديرا كانت مختلفة بصورة كبيرة وهو كان يشعر بالخجل منها. في مرة من المرات أثناء مراجعة الغياب والحضور في الفصل حينما نطق أول كلمة انفجرت مجموعة من الفتية في الضحك على لهجته. بدأ في التعرق. يقولون إنه هدد المدرس بضربه بمقعد. لست واثقا من هذه الرواية. كريستيانو كان مؤمنا بأن عدم تفهم المجموعة لما يقوله كان أمرا غريبا. بكى كثيرا وأخبر والدته بأنه يرغب في العودة للمنزل".

يتابع زميل رونالدو السابق "بعدها وضعت كرة القدم كل شخص في مكانه. تراجعت حدة النكات وبدأ الاحترام في النمو. هذا أفضل ما تفعله كرة القدم لك. بدأ التناغم في الحدوث. مزحة من هنا ونكتة من هناك وتلك الأمور الطفولية. لدي قناعة بأن الناس لا تعرف كريستيانو إطلاقا. كريستيانو الذي يظهر على التلفاز ليس كريستيانو الذي أعرفه. طريقة احتفاله أو في بعض الأحيان حديثه لا ترتبط بشخصيته الحقيقة. إنه شخص مهتم ومحب".

يضيف بينا "اعتدنا تناول العشاء في غرفنا بمقر إقامتنا؛ مرة في غرفته والأخرى في غرفتي. كان يجب أن يكون لكل غرفة قائد وحقق هذا الأمر سريعا. كانت غرفته ذات شعبية كبيرة. في التدريبات كان يرغب في فهل كل شيء. كريستيانو يرغب في صناعة التاريخ. أي شيء آخر يأتي في مرتبة ثانوية".

يكمل بينا حديثه قائلا "رونالدو كان يتدرب وحيدا ليصبح سريعا مثل تييري هنري. أسرع لاعب في العالم بتلك الفترة. كان يتدرب وحينما تسأله (ما الذي تفعله بحق السماء؟) يجيبك (امنحني أسبوعين وسأكون سريعا مثله). كان لدينا لاعب برازيلي في سبورتنغ يدعى أندريس كروز ضخم العضلات. شاهده كريستيانو وهو يرفع 90 كجم وقال (سأتمكن من هذا بكل تأكيد. إذا كان يفعل هذا فما الذي يمنعني من القيام به؟) بدأ في ممارسة تمارين الضغط والعقلة".

يضيف زميل كريستيانو السابق "كان يستيقظ ليلا ليذهب لصالة الأوزان دون إحداث أي صوت ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع. أحيانا كان يذهب وحيدا أو يأخذ اثنين من أصدقائه ليقفز من فوق السور الفاصل ويصعد فوق السقف ثم يدخل من النافذة. يلعب بالأوزان ويعدو فوق ماكينة الركض لمدة أربعين دقيقة. في بعض الأحيان كان يتم الإمساك به لأن ما يفعله لم يكن مسموحا ولكنه كان يعود مجددا. مجنون. كنت أستيقظ صباحا لأجده بالفعل يلعب بالكرة. يضرب الكرة باليمني واليسرى باليمنى واليسرى وهكذا. في بعض الأحيان كان يجري حاملا أوزانا ودرجة الحرارة 35 مئوية. بالنسبة لي؟ لا الجو حار للغاية!".

يقول بينا "لدي صديق كانت تجمعه مشكلات كثيرة بكريستيانو رونالدو. أتحدث عن ريكاردو كواريزما، والذي كان أيضا معنا في الأكاديمية. المنافسة بينهما كانت قائمة طوال الوقت. حينما كان رونالدو يفعل شيئا يرغب كواريزما في فعل المثل، بل إن كلاهما لم يكن يمرر للآخر. كان يلعبان في الأمام أحدهما على اليمين والآخر على اليسار ولكن نادرا ما كان يمرر أحدهما للآخر".

يتابع اللاعب السابق في صفوف سبورتنغ لشبونة "كان الحديث بينهما شبه معدوم. الآن لا يتحدثان مطلقا. أنا لاعب وسط لذا كنت أمرر الكرة للاعب المتمركز بصورة أفضل: إذا ما مررت لكريستيانو فإن كواريزما كان ليتأوه وإذا ما مررت لكواريزما فإن كريستيانو كان يشكو. كريستيانو اندفاعي للغاية. إنه لا يمانع في انتقادك بالملعب. هذا الأمر يحدث كثيرا وكنت أقول له (ولكنه ما الذي تريده؟ توجد كرة واحدة في الملعب) في نفس الوقت لم يكن شريرا. بعدها بعشر دقائق كان يأتي ليعتذر ويقول (هيا نذهب لنأكل معا)".

يواصل بينا تقديم ما لديه من قصص قائلا "في إحدى المرات كان يجب أن نلعب أمام ماريتيمو في فونشال. كان كريستيانو متحمسا لرؤية عائلته. لم يتدرب جيدا خلال هذا الأسبوع لم يكن في قمة تركيزه. لم يمرر أو يسدد بشكل جيد وكان يتشاجر مع أي حد لم يمرر له. تدريباته كانت سيئة، لذا قرر المدرب إخراجه من التشكيل. لم يصدق كريستيانو الأمر وبدأ في البكاء والبكاء لأنه لن يتمكن من رؤية عائلته".

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا