برعاية

اليسارية الكروية أمام غول الإحصاءات..كرة القدم إلى نصفين بـ"الكوبا"

اليسارية الكروية أمام غول الإحصاءات..كرة القدم إلى نصفين بـ"الكوبا"

"نادراً ما يقول المشجع، سيلعب فريقي اليوم. عادة يقول، اليوم سنلعب نحن. وھذا اللاعب هو الرقم 12 حقاً، لأنه يعرف جيداً أن اللعب بدونه أشبه بالرقص دون موسيقى. وعندما تنتھي المبارة، يبدأ المشجع في الاحتفال بالفوز أو صب جام غضبه على اللاعبين والحكم في حالات الخسارة، ثم يعود مرة أخرى إلى وحدته، إلى الأنا التي كانت نحن!".

يصف الكاتب العالمي إدواردو غاليانو كرة القدم بأفضل الكلمات، إنه رجل لاتيني عشق هذه اللعبة بقدر حبه للحياة وما فيها، ليعترف عن نفسه قائلاً "لقد رغبت مثل جميع اللاتينيين فـي أن أصبح لاعب كرة، ولكن كنت ألعب جيداً في الليل فقط أثناء نومي وحلمي بهذه المجنونة، لقد مرت السنوات، ومع مرور الوقت انتھيت إلى القناعة بھويتي، فأنا مجرد متسول أطلب كرة قدم جيدة. أمضى عبر الملاعب أتسول لعبة جميلة، تجعلني أستمتع بما أعيشه".

وتستحق كلمات غاليانو أن تكون العنوان الأبرز لبطولة كوبا أميركا، لأنها تدور أولا وأخيرا حول الشغف، سواء مع اللاعبين أو المشجعين وحتى الجماهير، وبالتالي تحصل هذه المسابقة على اهتمام مضاعف من الجميع، خصوصا هذا الموسم مع لعب أبطال الأميركتين معا في نسخة واحدة، تستضيفها الولايات المتحدة الأميركية في حدث لن يتكرر كثيراً.

وأوسكار واشنطون تاباريز رجل يعكس الوجه الحقيقي للكوبا، يظهر هذا الرجل كصانع أمجاد أوروغواي، والرحالة الجنوبي الذي اكتشف العالم بعد أن فك طلاسم كرة القدم. شخصية عاشت جنون التدريب في كل ملعب ممكن، من أوروبا إلى أميركا، ليعود في النهاية إلى القارة المنسية، ويتولى تدريب الأوروغواي منذ 2006.

هو مؤسس استراتيجية المخلب التي تعرف في الأوساط الكروية باسم Garra "الغارا"، نسبة إلى اللعب القوي الأقرب إلى العنف الذي يمتاز به لاعبو الأوروغواي، مع لياقة عنيفة وضرب من تحت الحزام، بالإضافة إلى مهارات خاصة وأسلوب أقرب إلى لعب الشوارع، ولا سبيل إلا الفوز في النهاية.

أعترف وبكل صراحة أنني وقعت في غرام أميركا اللاتينية منذ زمن بعيد، أتذكر كل بطولات الكوبا أميركا، الديربيات المشتعلة، المباريات المجنونة، الجماهير الشغوفة، سنوات العشق والهوى بالمستديرة التي أنست تلك الشعوب متاعبهم ومصاعب حياتهم، يتحدث تاباريز بلسان عاشق متيم بهذه الطبيعة التي تمتزج فيها جغرافيا المكان بتاريخ الماضي.

السر ليس في سواريز ولا كافاني ولا حتى فورلان من قبل، بل في المدير الفني للفريق. العبقري الذي يجمع كل هذه التفاصيل ويضعها في قالب خاص محكم، فأسلوب لعب الأوروغواي يشبه الكلمات المتقاطعة وأوسكار هو صاحب الحظ الذي ينجح في الوصول إلى اللغز.

لمسة يد سواريز في 2010 والصعود القيصري إلى نصف نهائي المونديال، الحصول علي كوبا أميركا 2011 في سابقة لا تتكرر كثيرا، دييغو لوغانو يحمل اللقب في صاعقة أصابت الجميع بحيرة واستغراب، هو فريق يأتي دوماً من بعيد، سر قوته في المفاجأة التي يتواجد بها، وقيمته تكمن في الفوضي الخلاقة لصانعها ومدبرها ومهندسها، تاباريز.

يوجد عدة نجوم كبار في أكثر من فريق آخر، كليونيل ميسي نجم الأرجنتين وأفضل لاعب في العالم، مع خاميس رودريغز في كولومبيا وأليكسيس سانشيز في شيلي وبقية الأسماء، وبالتالي لن يكون منتخب الأوروغواي هو المرشح الوحيد، بتواجد هذه المنتخبات الأخرى، دون أن ننسى البرازيل مع دونغا، فرغم سوء الأداء مؤخرا وغياب نيمار، إلا أن السيلساو يظل مرشحاً فوق العادة في مثل هذه البطولات.

ومع منتخبات القارة الجنوبية، تظهر المكسيك كأحد كبار النصف الشمالي، والضيف الدائم في بطولات الكوبا أميركا، مع الحفاظ على طريقة اللعب الأساسية، بتواجد ثلاثي دفاعي صريح وثنائي من الأجنحة على الأطراف دفاعيا وهجوميا، والفضل يعود إلى مونديال 2006، حينما استحدث المدرب العملاق ريكاردو لافولبي فكرة تكتيكية مبتكرة، باستخدام القيصر المكسيكي "رافا ماركيز" كلاعب حر بين الوسط والدفاع.

في حالة الدفاع، يعود ماركيز لكي يقوم بدور المدافع الصريح، بينما في الهجوم يبدأ الهجمة ويتحول إلى "ديب لاينغ" يخرج بالكرة من الخلف للأمام، مع تحول الأظهيرة إلى دور الأجنحة وعمل ما يعرف بتمديد للملعب، لتستمر هذه الخطة حتى يومنا هذا مع المكسيك، بلياقة بدنية حديدية تؤثر في المرتدات، وتجعلهم أفضل على صعيد لعبة التحولات.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا