برعاية

الرحلة التي صنعت رياض محرز

الرحلة التي صنعت رياض محرز

كان اللاعب رياض محرز أحد أهم مصادر الإلهام وراء تصدر فريق ليستر سيتي الانجليزي غير المتوقع للدوري الإنجليزي الممتاز.

ولد محرز في ضاحية سارسيل في باريس، أحد الأحياء الأقل حظا في المدينة. وتوفي والده، أحمد، وهو ما زال في الخامسة عشر من عمره.

لكن إصرار محرز ومهارته أتاحت له الانتقال عبر أندية فرنسا، ومنها إلى قمة الدوري الانجليزي.

اعتاد محرز الذهاب إلى مصفف الشعر نسيم في طفولته، وهو مصفف جزائري أيضا. وما زال نسيم هو نقطة اتصال محرز بماضيه.

ويقول نسيم: "طوال الوقت، يطلب مني الأطفال، بسن الخامسة والسادسة، أن أقص له شعورهم مثل محرز. ويأتي الكثير من الزبائن إلي بسبب رياض. يأتون من بلجيكا ومن كل مكان. أعرف كل قصات شعره، وهو دائما ما يغيرها. ودائما ما يقلده الناس. كأنه كريستيانو رونالدو في سارسيل".

وتابع نسيم: "غيّر (محرز) فريقه والبلد التي يلعب بها، لكنه لم يغير نظامه اليومي أبدا. ما زال يلتقي بأصدقائه، ودائما ما يزور سارسيل. رياض هو رياض. إنه فتى رائع. أنا سعيد جدا لأجله. كان أمرا خارقا عندما رأيته في الدوري الإنجليزي، يواجه فريق تشيلسي، ويتسبب في طرد مورينيو (مدرب الفريق آنذاك). يقشعر بدني حين يحرز رياض هدفا. أشعر بحاجة للبكاء عندما أراه يلعب".

والتحق محرز في بداياته بنادي إي إي إس سارسيل، عام 2004، وهو نادٍ يلعب في دوري باريس المحلي.

ويقول هايل مبيمبا، أحد زملاء محرز السابقين في الفريق إنه كان يلعب كرة القدم "طوال اليوم كل يوم تقريبا. عندما ننتهي من التمرين مع الفريق، كان يتوجه إلى صالة الألعاب الرياضية في سارسيل. والرياضة، وخصوصا كرة القدم، هي الوسيلة للابتعاد عن الشارع والانجراف إلى طرق أخرى".

وتابع: "ربما خلال الأشهر القليلة القادمة قد نبني ملعبا جديدا ونسميه باسمه. أتمنى أن نفعل ذلك. رياض مثال يحتذى، ومصدر إلهام للشباب".

Image caption انتقل محرز من سارسيل إلى فريق كيمبيه، الذي يقع في مدينة قديمة تُعرف بكتدرائيتها الأخاذة

كيمبيه هي مدينة قديمة، في أكثر المناطق الممطرة في فرنسا، تقع على بعد 350 ميلا غرب المدينة، وتعرف بكاتدرائيها الأخاذة.

وفي عام 2009، حاول الفريق الاستفادة من الشاب البالغ من العمر 18 عاما آنذاك. لكنه لم يقدم له عقدا لعدم وجود ما يكفي من المال.

وبحسب كريستوف مارشاند، الصحفي الفرنسي الذي يغطي أخبار كيمبيه، فقد "أجهش رياض بالبكاء وهو يتحدث إلى والدته عبر الهاتف. ورأي رئيس النادي الموقف، ووقع له عقدا بعد 24 ساعة. ربما ما كان حصل على العقد إن لم يكن له رد الفعل هذا. لم يكن رياض معروفا منذ ست سنوات، لكن الآن أصبحت له عبقريته".

ولم يعلم أهل باريس الكثير عن محرز في ذلك الوقت، لكن هذه الدموع هي التي ساعدته في الوصول إلى الدوري الانجليزي الممتاز وكأس العالم بعد ثلاث سنوات ونصف في دوري الدرجة الثانية الفرنسي.

كان كيمبيه في الفئة السابعة من الكرة الفرنسية عندما انضم إليه رياض، وذلك بعدما فاز الفريق بثلاثة تصعيدات في فترة قصيرة قبل انضمامه. وأمضى ستة أشهر في الفريق الرديف قبل التدرج داخل النادي. وعاش برفقة اللاعب ماثياس بوغبا، شقيق بول بوغبا الذي يلعب في نادي يوفينتوس الإيطالي، في شقة صغيرة في وسط المدينة. وانتقل من وإلى التمرين بصحبة صحفي محلي لأنه لم يستطع القيادة.

ويقول بوغبا عن محرز كرفيق في السكن: "لم أتوافق معه في البداية لأنه لم يكن منظما، وأنا شديد النظام. اعتاد أن يأكل ويترك طبقه. وكان على أن أهذبه. وأصبح الأمر جيدا بعد شهرين أو ثلاثة. وكنا نتبع حميه غذائية شديدة السوء. كنا نأكل اللحم المحمر والبطاطس المقلية. وعشنا حياة الطلبة كشابين لا يستطيعان الطبخ".

وتابع: "اعتبرته أخي الأصغر. كنت أنصحه حتى ولو لم يستمع للنصيحة. ولا يمكن إيقافه إن أمسك الكرة. وكنت دائما ما أقول له إنه بحاجة لزيادة وزنه لأنه كان شديد النحافة. لا يوجد لاعب في نحافته حاليا، لكنه أصبح أكثر مهارة لذا، لا يحتاج لاستخدام جسمه".

وعما إذا كان يمكن أن يصبح مش بول بوغبا، قال ماثياس: "أعتقد أن بإمكانه ذلك. إذا استمر بهذه الطريقة، فسيصبح لاعبا كبيرا. لكنه بحاجة لاكتساب المزيد من الوزن".

ويقول رونان سالاون، مدرب محرز في كيمبيه: "نظمنا يوما للتدريب، ولعبنا مباراة ودية مع عشرين لاعبا، واحتفظنا برياض فقط. أدركت حاجتنا إليه بعد عشرين دقيقة فقط. ورغم وجود بعض المشاكل في بنائه الجسماني، لكن لديه مهارات متميزة".

وتابع: "كان جوهرة في الوحل. لابد أن يستمر في النمو حتى وإن فاز ليستر بالدوري. الخطوة المنطقية هي أن يتقل إلى نادٍ أوروبي كبير ليتألق في الساحة الدولية".

ويقول جو دورفال، أحد أعضاء مجلس الإدارة في كيمبيه، إن محرز وصل إلى النادي "ومعه حقيبة بها ثلاثة أشياء فقط؛ فرشاة أسنان، ومعجون، وأحذية كرة القدم. كما أحضر قدمه اليسرى التي يكمن فيها سر مهارته، لكنها لم تكن في الحقيبة".

Image copyright Reuters Image caption يتبع كلوديو رانييري، مدرب ليستر سيتي، طرقا في تدريب محرز تشبه طرق مدربه في لو هافر الفرنسي

"كتبت آنذاك أنه سيصبح عظيما"

وأثناء وجود محرز في كيبيه، جذب عروضا من أندية باريس سان جيرمان، ومارسيليا. لكنه انتقل إلى نادي لو هافر على ساحل نورماندي، والمعروف بتبنيه للمواهب الشابة أمثال بول بوغبا، ودميتري باييت.

وكان رياض يبلغ 19 عاما عندما انضم إلى لو هافر عام 2010، وبقي فيه حتى انتقاله إلى ليستر عام 2014.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا