برعاية

جوارديولا وطرق أخرى للفوز – (12) العلاقة الصعبة بين بيب وميسي.. وسداسية البرنابيو

جوارديولا وطرق أخرى للفوز – (12) العلاقة الصعبة بين بيب وميسي.. وسداسية البرنابيو

كان الموسم يتقدم بشكل جيد. كان هناك دلائل على أن أمر هام يحدث: الاستحواذ مرتفع والضغط فعال وشابي وإنيستا وهنري وإيتو أفضل بكثير من الموسم السابق، فيما أن الوجوه الجديدة كانت تثبت نفسها بجدية.

تعافى برسا من أزمته الصغيرة بالفوز في تسع مبارايات متتالية، تلاها تعادلين مع فالنسيا (2-2) في الليجا ومع تشيلسي (0-0) في ذهاب نصف نهائي دوري الأبطال.

كان الكلاسيكو على ملعب برنابيو في مايو يحمل أهمية كبيرة، حيث أن برسا كان يتصدر في ظل تبقي خمس جولات على انتهاء الليجا بفارق أربع نقاط عن ريال مدريد، لذا فإن فوز النادي الكتالوني كان سيعني حسم الدوري بشكل كبير وعودة اللقب لكامب نو.

تعامل جوارديولا مع المباراة كما لو كانت كنهائي وطالب لاعبيه بالتحلي بنفس الجرأة التي كانوا عليها طوال الموسم، ففي الوقت الذي كان يرى فيه البعض التعادل أمرا جيدا، إلا أن الملاحم الكبرى لا تكتسب عظمتها من التعادلات.. هكذا كان يفكر.

"نرغب في أن نصبح أبطالا، أليس كذلك؟ إنها لحظة الحقيقة.. ما أطلبه منكم؟ الخروج من أجل الفوز، لأن هذه المباريات هي التي تحدد شخصيتنا وهي التي تصنع العدالة في هذه المهنة".. هذه كانت كلمات بيب التحفيزية للاعبيه قبل المباراة.

تكتيكيا، كان جوارديولا استقر على إلقاء مسؤولية كبيرة على عاتق ميسي تتمثل في اللعب كمهاجم وهمي لأول مرة منذ البداية، خاصة وأنه اكتسب ثقة اللاعب الأرجنتيني وبدأ عملية جعل الفريق يدور حوله.

لم تكن العلاقة بين الثنائي دائما سهلة، حيث أن الأشياء لم تبدأ بصورة جيدة منذ اللحظة الأولى في معسكر اسكتلندا، ولكن يحسب لبيب أنه سمح لميسي بتحقيق رغبته والسفر للعب الأوليمبياد مع منتخب بلاده.

مر وقت قليل ثم أدرك بيب ما كان يرغب فيه وهو وجود ميسي بجانبه، فذلك الفتى صاحب الـ21 عاما حينها كان استثنائيا وأمامه هامش رهيب للتطور وكل المقومات التي تجعله مرجعية لبرسا.

لكن المهمة لم تكن سهلة لأن التعامل مع فتى خجول ومتحفظ وغير مبال خارج الملعب أحيانا تتطلب الكثير من الجهد، خاصة اذا ما كان الأمر يتعلق بمسؤولية كبيرة.

بالنسبة لميسي في تلك الفترة كان جوارديولا هو "المدرب الجديد"، صحيح أنه كان نجم سابق في برشلونة ولكن الأرجنتيني لم يكن يشعر بأهميته مثل أسماء مثل شابي وإنيستا الذين رأوا فيه قدوة.

هذا بخلاف أن ظروف توليه المنصب والتغييرات التي صاحبته برحيل ريكارد الذي لعب أول مباراة تحت امرته مع الفريق الأول والاستغناء عن رونالدينيو، القدوة الحقيقية بالنسبة للـ"برغوث"، جعلت الأمور معقدة للغاية.

بخلاف هذا كان بيب يرغب في إفهام ليو فكرة أن الجماعة فوق كل شيء.

جوارديولا في بداية علاقته بميسي أساء فهم اللاعب، كان يظنه أنانيا. لكن من صحح له هذا المفهوم كان صديقه مانيل استيراتي بطل كرة الماء.

يقول استيراتي: "كنت أرغب في أن يتفهم أن مراوغات ميسي طموح لا أنانية. ليو شخص متطلب مع نفسه يرغب في لعب كل المباريات والفوز بكل الألقاب، الأمر أشبه بشيطان يعيش داخلك ولا يمكنك التحكم فيه، هذا هو ما جعله أفضل لاعب في العالم وهذا هو ما شرحته لبيب".

تركت كلمات استيراتي أثرا كبيرا عند بيب الذي فكر فيها ليتذكر ذلك الدرس الذي تعلمه حينما كان مجرد حامل للكرات ولم يتمكن من الحصول على توقيع بلاتيني، حيث أدرك حينها وبمرور الوقت أن تلك المقولة لشائعة في كرة القدم التي تقول إن جميع اللاعبين يعاملوا بنفس الصورة ليست سوى كذبة كبيرة.

بالعودة مجددا إلى موقعة "سداسية برنابيو"، فإن بيب كان يواجه حينها أكبر تحد في حياته للسير نحوم موسم مثالي أمام ريال مدريد الذي كان تمكن قبل تلك المباراة تحت قيادة مدربه خواندي راموس من لعب نصف موسم ثاني رائع حيث حصد 52 نقطة من أصل 54 نقطة.

قبل كلاسيكو برنابيو كانت الصحافة الكتالونية تشعر بالقلق وتشجع الجماهير على القبول بالتعادل، ولكن بيب كان واضحا مع فريقه حينما قال "لن نترك الأمور للظروف والحظ، لن نتنازل عن كل ما قمنا به هذا العام، سنتكلم نحن في البرنابيو وسنفرض كلمتنا".

كانت المباراة تأتي قبل ثلاثة أيام من اياب نصف نهائي دوري الأبطال أمام تشيلسي على ملعب ستامفورد بريدج بعد التعادل سلبيا على كامب نو.

صحيح أن الفوز على الريال في البرنابيو كان هاما ولكنه لم يكن أساسيا، لذا فإن جوارديولا لم يفعل كما توقع الجميع باراحة عدد من اللاعبين، بل لعب بقوته الضاربة وذلك بتشكيل مكون من فالديز وأبيدال وألفيش وبيكيه وبويول وشابي وتوريه وإيتو وهنري وميسي وإنيستا.

كان جوارديولا حلل طريقة لعب ريال مدريد وعيوبها بشكل دقيق واجتمع مع ميسي وشابي وإنيستا قبل المباراة بساعة ونصف وقال لهم " أنتم الثلاثة أمام لاسانا وجاجو، أعرف أنه بامكانكم النجاح، اذا ما افتعلتم مواجهة ثلاثة ضد اثنين، سنفوز بالمباراة".

كان سيجب على لاسانا ديارا وجاجو الدفاع أمام رجل ثالث: ميسي الذي سيلعب كمهاجم وهمي بينهم وقلبي الدفاع..

سيطر برشلونة منذ البداية وبعد مرور 20 دقيقة لاحت لتشافي فرصة للتسجيل وإيتو بعدها بدقائق، ولكن الفريق الأبيض كان صاحب المبادرة حيث سجل عن طريق إيجواين.

أصر برشلونة على فكرته التي جعله مدربه يؤمن بها طوال الموسم لذا فإن هنري تمكن من التعادل ثم أضاف بويول بعدها الهدف الثاني بثلاث دقائق، ليتقدم النادي الكتالوني 2-1.

لم يعرف كانافارو وميتسلدر ما الذي يجب عليهما القيام به، فاذا ما تقدما لمساعدة جاجو ولاس ضد لاعبي البرسا الثلاثة الذين يشغلون الوسط، فإن هذا الأمر كان سيجعل الدفاع مكشوفا لتحركات هنري وإيتو من الطرفين.

واذا ما تقدم أحدهما فإن ميسي سيحظى بخيار اللعب في العمق لمساحة كبيرة في الأمام أمام دفاع بطيء يعاني مع الركض.

تميز شابي وإنيستا وميسي بالسرعة في اتخاذ القرارات والدقة في التمرير لإغراء الخصوم بالتقدم نحو الكرة وتمريرها قبل وجود خيار أمامهم لاستعادتها، حيث تحولت المباراة إلى خليط مثالي بين الفنيات والتكتيك والاقناع، بخلاف أنها كانت بمثابة اعلان عن "تفجر ميسي"، الذي تحول من ظهير لمهاجم وهمي، لأن هذا التغيير التكتيكي هو الذي ساهم في تدمير دفاعات فرق إسبانيا وأوروبا واحداث ثورة في كرة القدم.

سجل برسا الثالث قبل الاستراحة عن طريق ميسي ولكن جوارديولا طالب لاعبيه بين الشوطين بالمزيد وعدم التأثر بالتقدم أو حتى بأهمية المباراة القادمة في دوري الأبطال مع تشيلسي، ولكن مع بداية الشوط الثاني سجل ريال مدريد الهدف الثاني عن طريق راموس ولكنه كان الأخير للفريق الأبيض.

على مدار الشوط الثاني سجل برشلونة ثلاثة أهداف أخرى، حيث جاء الهدف الرابع بواسطة هنري ثم الخامس الذي كان الأجمل من ميسي بعد تمريرة سحرية من تشافي، حتى اختتام السداسية بكرة بدأت من ميسي لإيتو الذي مررها عرضية حولها بيكيه لداخل الشباك.. لتصبح هذه النتيجة بمثابة اعلان واقع جديد في كرة القدم الأوروبية والإسبانية.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا