برعاية

قروض الأندية.. «كالمستجير من الرمضاء بالنار»

قروض الأندية.. «كالمستجير من الرمضاء بالنار»

    قدم عضو شرف نادٍ ملف رئاسته للرئاسة العامة لرعاية الشباب، يدفعه إلى ذلك حماسه الشخصي، وصوت المديح المرتفع من جلسائه الخاصين في زوايا مجلسه، اقترب من مذياع حفل تنصيبه رئيساً للنادي الجماهيري، أطلق وعوداً عن تنفيذ خطط ولدت اللحظة تلك من بنات أفكاره، لم يقدم برنامجاً للمتسمرين أمامه، اختار أن يكون برنامجه ما تلد بنات فكره من دون تخطيط مسبق، انتصب على كرسي الرئاسة يغير ويبدل في جلسته، وبعد أن التُقطت له الصور الأولى رئيساً للنادي الجماهيري، انطلق يسابق الريح ويبحث في كل اتجاه عن أسماء ذات شهرة في الملاعب السعودية، اخذ يتعاقد مع لاعبين على مشارف الاعتزال، وآخرين خفت بريق نجمهم، دافع هذه التعاقدات هو نيل رضا المدرجات بغض النظر عما سيعود بالنفع على الفريق.

من الناحية الفنية غالباً ما تفشل هذه الصفقات، ومادياً يستنفذ النادي مبالغ أكبر بكثير من إيراداته السنوية، بعد موسم أو موسمين لا ترى الجماهير منجزات تحتفل بها، ولا فريقاً تستند عليه في المقبل من المواسم، فلا ترى أمامها عدا فريق مبعثر، وديون تحاصر خزينة النادي من كل اتجاه، لتنسلخ عن عاطفتها وتبدأ مطالبها إما بتصحيح الأوضاع، أو إبعاد هذه الإدارة لإيقاف العبث داخل النادي مادياً وفنياً، أو على الأقل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، أو ربما يحقق الفريق لقباً أو اثنين ولكن ثمن هذا المنجز يثقل كاهل الخزينة لسنين طويلة مقبلة.

ربما هذا هو السيناريو الأكثر تكرراً في الكرة السعودية، ومن النادر جداً أن يواكب منجزات الفريق عملاً مرتباً وتخطيطاً يسبقه، فأصبحت الأندية رهينة الديون، خالية من النجوم، يستحوذ عليها لاعبون مستهلكون فنياً وهم أنفسهم من يستهلك خزائنها من الناحية المادية.

نتاج هذا العمل الفوضوي بات يظهر واضحاً على المنتخب الأول، والغائب منذ سنين عن تحقيق ألقاب أو المنافسة على الوصول إلى كؤوس العالم، فأصبح من الطبيعي أن تقرأ عن لاعب كرة قدم يتسلم راتباً فلكياً لا يصل إليه كثير من النجوم البارزون في أوروبا، أو تستمع إلى مفاوضات تصل حاجز الخمسين مليونا، حول لاعبٍ يجمع كثير من النقاد الفنين على انخفاض مستواه، هذا الارتفاع المهول بعقود اللاعبين نتاج للفكر الإداري في معظم الأندية السعودية.

رغم أن اتحاد الكرة أصدر قراراً قبل نحو عام يقيد عقود اللاعبين بعدم مجاوزة مليونين وأربعمائة في الموسم الواحد، لكن هذا القرار لا يظهر نافذاً على أرض الواقع، فمن خلال المفاوضات بين الأندية ولاعبوها يظهر مجاوزة هذا الرقم وبفارقٍ كبير، والدافع لأن تواصل الأندية مفاوضاتها مع لاعبيها حتى بعد مجاوزة السقف الرسمي، خشية أن يدخل نادٍ آخر للتوقيع مع اللاعب، والأمر لن يختلف ما لم يكون هناك تعاضد بين إدارات الأندية جميعها بعدم التوقيع مع أي لاعب تتجاوز مطالبه هذا الحاجز، لأن الأمر ممكن إخفاؤه عن اتحاد القدم من خلال عدم قيد المبلغ كاملاً في العقد، لذا فإن إيقاف هذه الفوضى وتقيد الجميع بما أقره اتحاد القدم لن يكون إلا باتحاد إدارات الأندية بعضها مع بعض.

هرباً عن جحيم الديون وحرمان الأندية من التسجيل، لجأت إداراتها إلى طلب قروض من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، يتم سدادها من خلال موارد النادي لدى اتحاد القدم، بدأ الأمر مع الاتحاد مطلع الموسم الجاري، ثم لحق الهلال والنصر وحصلا على القرض قبل أيام قليلة، يرى الأمير عبدالله بن مساعد أن في هذه القروض مخرج مناسب للأندية السعودية، للهروب بها عن العقوبات التي قد تصدر عليها أو تفاقم هذه الديون.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا