برعاية

الهرم المقلوب 10.. 4-4-2 أصلها سوفييتي

الهرم المقلوب 10.. 4-4-2 أصلها سوفييتي

سيطرت طريقة 4-4-2 على الملاعب البريطانية لفترات طويلة، واعتقد أغلب المتابعين أن الإنجليز هم من اخترعوا هذه الطريقة، لكن هناك رجلاً آخر له كل الفضل في ما يُعرف بالتكتيك الجديد، لأنه من وضع قواعد اللعبة الحديثة خلال ستينات القرن العشرين مع فريق دينامو كييف، وعمالقة الاتحاد السوفييتي، إنه فيكتور ماسلوف، مبتكر استراتيجية الضغط ومؤسس مركز صانع اللعب كما يجب أن يكون.

قدم ماريو زاغالو دوراً تكتيكياً مهماً في تشكيلة البرازيل، إنه الجناح الذي يعود كثيراً للوسط من أجل دعم ثنائي الارتكاز، وبسبب عدم وجود لاعب مشابه في تشكيلة إنجلترا، قام ألف رامسي بوضع لاعب من ثنائي الأجنحة في الوسط، لضمان التأمين الدفاعي. بينما ذهب فيكتور ماسلوف إلى ما هو أبعد من ذلك، وقرر نسف فكرة الأجنحة على الخط، ووضع هذا الثنائي في قلب منطقة الوسط.

أراد ماسلوف من هذا التغيير أن يمتلك خط وسط قوي وحديدي، مكوّن من لاعب وسط دفاعي صريح، أمامه ثنائي آخر يضم في العمق، في مركز مشابه لفكرة ريشة الوسط الحالية، وأمام هذا الثلاثي يتحرك صانع اللعب المتقدم في الأمام، على طريقة النجم ديدي مع البرازيل. ووجد ماسلوف ضالته في العبقري بيبا، واحد من أعظم لاعبي الوسط في تاريخ السوفييت.

لذلك خطة 4-4-2 لفيكتور ماسلوف كانت قريبة من شكل الجوهرة، دون وجود جناح حقيقي على الخط، ولهذا السبب الفني، لم ينجح اللاعب الشهير الذي صار مدربا عظيما في ما بعد، فاليري لوبانوفيسكي، في التألق مع دينامو كييف، ليرحل سريعاً بعد خلافات مستمرة مع ماسلوف، لأن فاليري لعب في معظم أيامه كجناح مهاري صريح.

من أجل نسف لاعبي الأطراف، والاعتماد الكلي على صانع اللعب من العمق، أراد ماسلوف استخدام أسلوب رقابة المنطقة، في ما يُعرف تكتيكياً بالزونال ماركينغ، عن طريق عدم مراقبة كل لاعب بلاعب آخر، بل الرقابة عن طريق المنطقة فقط، حينما يتحرك لاعب في المنطقة 1، يذهب إليه اللاعب الواقف في هذه المنطقة، لكن حينما يتحرك في المنطقة 2، لا يستمر معه هذا اللاعب، بل يتركه إلى اللاعب الآخر في المنطقة 2، وهكذا.

هي طريقة تعتبر بداية ما يسمى بالكرة الشاملة، لأن فريق دينامو كييف امتاز بعدم الوقوف في مركز واحد فقط، ومن أجل إعطاء صانع اللعب حرية أكبر، كان يجب وجود دعم كامل من خلفه، لذلك أحضر ماسلوف مدافعاً صريحاً داخل الفريق، ووضعه في خانة الارتكاز، توريانتشاك هو أول ارتكاز دفاعي في تاريخ كرة القدم.

يلعب توريانتشاك أمام خط الدفاع، يتحرك في اليمين واليسار، حتى يسمح للظهيرين بالتقدم إلى الأمام، ويعطي كامل الأمان لصانع اللعب المتقدم من أجل اللعب بأريحية. ونجح الفريق تدريجباً في تطبيق نظام دفاع المنطقة، الذي ساعده سريعاً على التحرر من الرقابة الفردية، والتجول بحرية داخل أركان المستطيل الأخضر.

بالإضافة إلى طريقة اللعب، المراكز الجديدة، آمن ماسلوف بالضغط العالي من بداية الملعب حتى آخره. لأنه كان يعتقد دائماً أن خنق الخصم وحرمانه من التمرير، أولى الطرق لهزيمته. لذلك لعبت فرق فيكتور بأكثر من لاعب في منتصف ملعب الخصم، ثنائي هجومي يرافقه رباعي وسط، مع تقديم الظهيرين للأمام، لذلك بعيداً عن الفوز أو الخسارة، قيمة ماسلوف ظلت عالية عبر تاريخ اللعبة.

أقوياء مثل الأسود، بسرعة الغزلان، مع رشاقة النمور، هكذا أراد المدرب الكبير لاعبيه، وكانت أفكاره هي المنبع الأول للتكتيك الجديد، بعيداً عن الأساليب التقليدية واللعب الرتيب المكرر. وبالتالي دخلت مسميات جديدة المنابر الإعلامية، كالضغط، صناعة اللعب، الارتكاز الدفاعي، وخطة 4-4-2 في شكلها العصري.

ورغم ما قدمه ماسلوف إلا أن هناك نقطة سوداء في تاريخه، خاصة بخلافه القديم مع فاليري لوبانوفيسكي، الضلع الآخر في رحلة النجاح السوفييتية، والسبب أن الثنائي لم يتفق أبداً، حينما لعب فاليري تحت قيادة فيكتور في دينامو كييف، وتسبب الخلاف المستمر في رحيل اللاعب إلى فريق آخر، قبل أن يعتزل ويقرر دخول التدريب من الباب الكبير.

الغريب في الأمر أن لوبانوفيسكي لم يتخذ أسلوباً معاكساً في القيادة الفنية، بل أخذ جانباً من أفكار عدوه، وقام بتطويرها وإضافة لمسته الخاصة عليها، ليصبح واحداً من أعظم مدربي اللعبة، ويعترف في نهاية أيامه بواقعة غريبة، مؤكداً أن فاليري المدرب لم يكن سيرضى أبداً بفاليري اللاعب، لذلك يظل ماسلوف قيمة كبيرة، مثله مثل لوبانوفيسكي، الرجل الذي أضاف علم الإحصاءات إلى الكرة، والشخص الذي سيتحدث عنه الهرم المقلوب باستفاضة في قادم المواعيد.

الهرم المقلوب 9.. أشهر رجل في إنجلترا

الهرم المقلوب8..اللعنة والابن الضال..كرة القدم تدخل البرازيل

الهرم المقلوب 7..المدرسة المجرية تفتح أبوابها في ويمبلي

الهرم المقلوب 6..حرارة كرة القدم تهزم تأثير الفودكا

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا