برعاية

الهرم المقلوب 5.. هوغو مايزل و"ميتودو" بوزو

الهرم المقلوب 5.. هوغو مايزل و"ميتودو" بوزو

مباريات كرة القدم لا تُلعب داخل أرضية الملعب فقط، بين 11 لاعباً ضد 11، ولكن أيضاً خارج الخطوط بين مدارس كروية وضعت اللبنة الأولى في عالم التكتيك، وحفرت بجهدها وتعبها وإصرارها مبادئ وأفكاراً وقيماً سار عليها حتى الآن كل من قرر أن يعيش عالمه على مقربة من كرة القدم.

يعتمد الأسلوب الدانوبي على طريقة لعب 2-3-5 أو تكتيك الهرم The Pyramid لكن مع ديناميكية أكثر وتمريرات أدق وكرة تلعب على الأرض، وليس في الهواء على الطريقة الإنجليزية. لذلك كانت كرة المدرب مايزل جذابة ومثيرة وممتعة الى أقصى درجة. تكتيك يتطلب مدافعين أقوياء في التمركز والتوقع لأنهم يغطون الخط الخلفي كله بمفردهم تقريباً.

وهوغو مايزل هو الرجل صاحب القبعة الشهيرة، كان يرتديها دائماً أثناء المباريات وبعدها. ولكن ليست القبعة فقط ما يميز هذا العبقري، بل عمله الرائع وأفكاره الجديدة في كرة القدم، عوامل جعلته من وجهة نظر الكثيرين واحداً من أهم المدربين في النصف الأول من القرن العشرين.

اعتمدت طريقة منتخب النمسا تحت قيادة مايزل في تلك الحقبة على طريقة لعب هجومية، مجرد ثنائي دفاعي بالخلف على طريقة الهرم، مع وجود ثلاثي صريح بالوسط. وكانت الخدعة الكبرى في عمل الخماسي الهجومي، حيث إن سيندلار المهاجم الرئيسي لعب دوراً قريباً من المهاجم الوهمي، بعودته المستمرة إلى الخلف، من أجل السماح لزملائه بالدخول المستمر إلى منطقة الجزاء، أي طريقة لعب قريبة من 2-3-4-1.

في عام 1934 كان المونديال في ضيافة إيطاليا، والتي كانت تئن تحت وطأة نظام بنيتو موسوليني، والذي تابع كل تحركات الفريق الأزرق خطوة بخطوة، صحيح أن الحظ وقف إلى جانب أصحاب الأرض في بعض الحالات، لكن فريق بوزو نال إعجاب المراقبين لما أظهره من إرادة حديدية فوق أرضية التباري.

المدرب فيتوريو بوزو هو قائد هذا الجيل الذهبي للأزوري، ومبتكر خطة "الميتودو" التي قادت الطليان إلى بطولتين لكأس العالم، مع التركيز على إغلاق كل الجوانب الدفاعية، وتطبيق المرتدة القاتلة، وكأن الكرة الإيطالية مرتبطة في أغلب الأوقات بمدربين دفاعيين، وطرق لعب متحفظة تصنع في النهاية ألقاباً وبطولات.

وكما انبثق تكتيك النمساويين من خطة الهرم، فإن الطليان أخذوا خطة "الدبليو إم" وقاموا بتطويرها بعض الشيء، بتواجد ثنائي دفاعي بالخلف أمامه ثلاثي بالوسط على شكل حرف W، ثم الحفاظ على الشكل الهجومي الإنجليزي، ثنائي فثلاثي على شكل حرف W، ليتم صناعة خطة 2-3-2-3 أو ما يعرف بالميتودو.

صورة من الكتاب لمباراة نصف نهائي كأس العالم 1934 بين إيطاليا والنمسا، فازت إيطاليا بهدف نظيف، ووصلت إلى النهائي، وحققت المونديال.

تعتبر هذه المواجهة أول كلاسيكو حقيقي في القرن العشرين، بين فريق يلعب بشكل هجومي وآخر متحفظ بعض الشيء. لعب المنتخب الإيطالي صاحب الأرض والجمهور بقيادة فيتوريو بوزو، مع طريقة 2-3-2-3، مفتاح الخطة كان مونتي لاعب الوسط المتأخر الذي يعود إلى الدفاع عند الحاجة ويمرر الكرات إلى الأطراف.

أما النمسا فلعبت بطريقة 2-3-5 الهجومية، ثنائي دفاعي ثم سميستيك صانع اللعب المتأخر من العمق على يمينه واجنر وعلى يساره أوربانيك. بينما بيكان وتشال كمهاجمين متأخرين خلف المهاجم المتحرك سينديلار وثنائي الأطراف فيتيل وزيتشيك. ثنائي دفاعي ثم ثلاثي بالوسط، أما الهجوم فثنائي متأخر وثلاثي متقدم، يتحول إلى مهاجم في الأمام وأربعة خلفه بالثلث الأخير.

انتهت القمة بفوز إيطاليا بهدف دون رد، واستمر بوزو ورفاقه في صناعة المجد لسنوات طويلة، ليأخذنا ويلسون وكتابه إلى منعرج جديد، وينسف الدفاع والهجوم ليتجه إلى الضغط العالي، والرحلة هذه المرة ستقودنا إلى روسيا، حيث موسكو وفيكتور ماسلوف. القادم أعمق!

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا