برعاية

أسامة السلامي في حوار مطول لـ«الشّروق»:كابوس الاصابات وظلم الحكام وراء «سقوط» الافريقي

أسامة السلامي في حوار مطول لـ«الشّروق»:كابوس الاصابات وظلم الحكام وراء  «سقوط» الافريقي

المستوى الحقيقي للافريقي سيظهر بعد أن عودة المصابين

قرار رجوع الكوكي «قديم» ومدروس و»دانيال» مشكور على كل ما قدمه  

متفائل بعمل بن تونس، المطلوب تنقية محيط «البقلاوة» والحداد لا يستحق حتى مجرد الحديث عنه

الأوليــــة المطلقـــــــة للمنتخبات لكن الكنزاري وقع في فخ الحسابــــــات

ترعرع في «البقلاوة» وهي مدرسة الفنانين والموهبين وموطن سيّد الميادين نور الدين ديوة. ونال شرف اللّعب في قلعة العظماء «عتّوقة»والشيابي والجديدي بفضل يسراه الذهبية التي سجل بها أحسن الأهداف. وأسعد بواسطتها المحبين في الـ»دربيات» غير عابىء بالاشاعات التي تردّدها بعض الألسن، وغير مبال بتجاهل المدربين المتعاقبين على «نسور قرطاج»، ذلك أن ضيفنا لم يأخذ - مثله مثل العديد من العناصر المبدعين - حظّه مع المنتخب.

المؤشرات المقدمة لا يمكن إلا أن تكون في دفتر أسامة السلامي الذي رفع الألقاب في باردو و»باب الجديد» قبل أن يفتح له الأفارقة مرّة أخرى أبواب الحديقة للعمل مع الشبان، وهو ما عبّد أمامه الطريق ليحظى بثقة رئيس الجمعية سليم الرياحي الذي عيّنه مديرا رياضيا لبطل تونس. «الشروق»التقت أسامة في حديقة المرحوم الرّمز منير القبائلي. وقد وجدناه «زاهدا» في الدنيا، جالسا في مكتب متواضع، وقد لا يعكس أبدا المنصب الرفيع الذي يشغله، وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وهو ما تثبته حزمة الملفات التي كان بصدد معالجتها. ووجدنا أسامة عارفا بأمجاد صاحب الرباعية التاريخية، متألما جرّاء المهازل التحكيمية المرتكبة في حقّ البطل، ومتفائلا في المقابل بمستقبل ناديه الذي يكمن حسب رأيه في شبانه الصّاعدين، وفي البرامج التي سطّرها المسؤولون للارتقاء بالفريق العريق، وصاحب الشعبية الجارفة إلى مستوى انتظارات المحبين. والحقيقة أن حوارنا مع السلامي دحض الأفكار المسبّقة التي سبقتنا من «جون جوراس» إلى الحديقة «أ» بحكم أننا كنا نعتقد خطأ أن الرجل موجود في هذا المنصب لأنه سليط اللّسان، وأن قرار تعيينه كان الهدف منه وضعه في الواجهة لتحريك الجماهير والتهجم على الحكام والمسؤولين كما يفعل بعض المسؤولين في رابطة «المحترفين» عبر تصريحاتهم النارية التي تصمّ الآذان، وتثير الاشمئزاز.

لو نستهل الحوار بسؤال عن منصبك في الحديقة في ظل الجدل الكبير الذي أثاره هذا الموضوع، فماذا تقول حتّى يزول الغموض بخصوص «خليفة» الوحيشي؟

يخطىء من يتصوّر أن هذا المنصب يصنّف في خانة الأعمال الشكلية، أو أنه يأتي في اطار «موضة» المديرين الرياضيين الرائجة في تونس (أسامة من مواليد عام 1979)، وإنما تحتل هذه الخطة مكانة مهمة داخل أسوار الحديقة منير القبائلي. ويوفر المدير الرياضي في نادينا كل ما يحتاجه فريق الأكابر، ويعمل على تذليل كلّ العراقيل التي قد تعترض اللاعبين والفنيين في طريقهم للقيام بالتحضيرات، واجراء الرسميات في ظروف طيبة. ولا يقتصر دور المدير الرياضي على الفريق الأوّل بل يشمل أيضا الفرع الأهم والأكثر تعقيدا وهو قطاع الشبان، حيث يوجد في الحديقة خزّان لا ينضب من اللاعبين الموهوبين الذين يتمّ تكوينهم على أسس علمية صحيحة وفي ظروف مقبولة. أنا على يقين بأن النادي الافريقي قدره المراهنة على الألقاب، واعتلاء منصات التتويجات في كل الفترات، وفي مختلف الاختصاصات، لكن ذلك لا يعني مطلقا أن نغفل عن تكوين الشبان لأنهم مستقبل الفريق. وأتذكر شخصيا أنني تحدثت منذ فترة ليست بالقصيرة في بعض الاذاعات والتلفزات عن قدرة فريق «باب الجديد» على تحقيق اكتفائه الذاتي من اللاعبين على المدى البعيد (في غضون ثلاث أو أربع سنوات)، غير أن المتلقين سخروا من كلامي. والحقيقة أنني ألتمس لهم أكثر من عذر بحكم أنهم يجادلون بغير علم بأن الافريقي يعجّ بالعناصر الموهوبين. وسنستحضر على سبيل الذكر لا الحصر بعض النماذج من العناصر الصاعدين والواعدين لنقيم الدليل على ما نقول. ونكر في هذا السياق حسام ومعتز وشهاب الجبالي وبسام الصّرارفي وصبري العكروت وماليك توري و.. و....

لقد لاحظت في سؤالك عن خطّة المدير الرياضي للافريقي استفسارا ضمنيا عن مدى جدارتي بهذا المنصب. وفي هذا السياق، أؤكد أن القاصي والداني يعرف أنني أعوّل كثيرا على توظيف خبرتي الطويلة في الميادين وهو أمر قد لا يزايد عليه أحد (مسيرة السلامي مع صنف الأكابر بدأت في النصف الثاني من التسعينات، وتواصلت حتى 2014). لقد تدربت تحت اشراف عشرات المدربين أثناء مسيرتي الكروية وهو ما جعلني أراكم خبرة واسعة. وتصوّروا أنني استفدت من كلّ فني دربني بفكرة واحدة. ولم يقتصر الأمر على تجربة الميادين وهي طويلة وثرية، وإنما نلت شرف العمل مع شبان فريق «باب الجديد» الشيء الذي جعلني على اطلاع كبير بكلّ الأصناف والفئات العمرية الناشطة داخل أسوار القلعة الحمراء والبيضاء، وعلى دراية تامة بمؤهلات كلّ العناصر تقريبا. وأؤكد أن مهمتي الأساسية تتمثل في السهر على تأمين كل ما يحتاجه أبناء النادي من فنيين ولاعبين في سبيل نجاح الفريق في تحقيق الأهداف المرسومة، وليس من الضروري أن أظهر وسائل الإعلام للحديث عن العمل الذي أقوم به في خطتي كمدير رياضي، ولا أظن شخصيا أن الجمهور الذي يعشق البطولات الأوروبية، ويتابع بانتظام مقابلات الجمعيات الكبيرة يعرف المديرين الرياضيين صلب هذه الفرق.

خطتك مزدوجة وتجمع بين المسائل الادارية والأمور الفنية، فأين تبدأ صلاحياتك، وأين تنتهي، وبعبارة أوضح هل من مسافة أمان بينك وبين المدرب الأول للنادي؟

أعتبر نفسي طرفا في مجموعة موسعة يعمل كل من ينتمي إليها بتفان كبير، وفي انسجام تام من أجل أن تدور عجلة النادي. وأحرص على توفير جميل سبل النجاح للاطار الفني واللاعبين بالتنسيق مع أهل الحلّ والعقد، وذلك دون أن أتجاوز حدودي، ومن المؤكد أن آراء المدرب قد تختلف أحيانا عن مواقف المسؤولين لأن كرة القدم ليس بالعلم الصحيح، لكن توجد بعض المسلمات التي لا جدال حولها. ولا يعقل مثلا أن يوهمنا المدرب بأن صابر خليفة لا يصلح للعب في التركيبة الحمراء والبيضاء...كما توجد بعض النقاط الجوهرية التي تهم السياسة العامة للنادي، والتي لا يعقل عدم تنفيذها والالتزام بها من قبل الفنيين والمسؤولين واللاعبين.

ماردّك على المدرب السابق «دانيال سانشيز» الذي تبرأ من مسؤولية الانتدابات. وقال إن المسؤولين هم من أجروا التعاقدات وأبرموا الصّفقات، وهو ما يفتح بابا آخر حول مدى موضوعية «محاسبة» الفنيين خاصة أنه لا نقالة لهم ولا جمل في ملف الوافدين (وهذا الأمر يهم كلّ الجمعيات)؟

أعتقد أن «دانيال» نال شرفا عظيما بتدريب فريق «باب الجديد». وتوّج الرجل مع فريقنا باللّقب المحلي خلال الموسم الماضي، وطالما أنه تقمص أزياء النادي العريق، فإنني أشكره على العمل الذي قام به، وأسكت عن الكلام في هذا الموضوع.

تعاقدتم مع نبيل الكوكي وسط ضجّة كبيرة أثارها رئيس الهلال أشرف الكردينال فهل أن الابن السّابق للـ»باجية» والأفارقة تتوفر فيه كلّ الأوصاف للنجاح مع نادي «باب الجديد»؟

قد يخفى على البعض أننا فكرنا منذ فترة طويلة في إعادة نبيل الكوكي إلى مركب المرحوم منير القبائلي. وكان القرار مدروسا. ولم يقع اتخاذه بين عشية وضحاها. وتأجل الحسم في الموضوع احتراما لالتزاماته القارية، وطموحاته الرياضية المشروعة في رابطة الأبطال الافريقية مع «زعيم» الكرة السودانية الذي بلغ المربع الذهبي في النسخة الماضية من هذه الكأس القارية. لقد رجع نبيل، ونحن على يقين أنه الرجل المناسب في المكان المناسب. وأقول هذا الكلام استنادا إلى العمل الذي يقوم به في التمارين والانسجام الكبير بين اللاّعبين، وهذا فضلا عن التجربة التي اكتسبها خلال الأعوام الأخيرة من خلال المحطات التي مرّ بها سواء في تونس أوخارجها (مع الافريقي والنادي الصفاقسي و»البقلاوة» وبنزرت وبوعريريج والهلال...). ولابد للإشارة إلى أن أعضاء الاطار الفني الموسع للنادي يعملون في انسجام تام، وتناغم كبير خاصة أنهم جميعا تقمصوا أزياء الفريق كلاعبين (الكوكي كمدرب وفوزي الرويسي كمساعد و»الثعلب» سامي التواتي كمرافق وهذا فضلا عن المدير الرياضي أسامة السلامي).

تعددت القراءات، واختلفت التفسيرات حول رحلة العناء لبطل تونس في مستهل الموسم الحالي، حيث خاض فريقكم سبع مواجهات انهزم خلالها في ثلاث مناسبات، وجمع 8 نقاط فحسب، فهل من تبرير واضح لهذه الانطلاقة المتعثرة؟

لقد اجتمعت عدّة عوامل عدّة عوامل داخلية وأخرى خارجية، وحالت دون تحقيق الهدف المأمول خلال الجولات الأولى من سباق البطولة المحلية. ويعرف القاصي والداني أن عيادة النادي الافريقي مزدحمة بالمصابين وهو عائق أثّر سلبيا على نتائج الفريق. والحقيقة أنني أعيش للمرة الأولى في مسيرتي الرياضية الطويلة مثل هذا الكابوس المزعج. وسنعدد المصابين في الفريق لندرك حجم المعاناة، والتي أجزم بأنه لا توجد أي جمعية قادرة على تجاوز هذا الاشكال مهما كان ثراء زادها البشري. وطارد شبح الاصابات أمهر وأحسن اللاعبين في كل الخطوط. وتضم قائمة المصابين: الجزائري عبد المؤمن جابو وصابر خليفة وأسامة الحدادي وحمزة العقربي وابراهيم الشنيحي والتيجاني بلعيد وياسين الميكاري وسليمان كوليبالي ومراد ووسام يحيى ووليد الذوادي وعلاء بن دحنوس وسيف تقا...

ونبذل قصارى جهدنا للتغلب على هذا العائق من خلال بعض الحلول البديلة كما حصل أمام القوافل، وهذا فضلا عن السعي إلى استغلال مؤهلات بعض العناصر والاستفادة منهم في أكثر من مركز كما هو الشأن بالنسبة إلى علاء الدين البوسليمي. والثابت واقعيا أننا سنفعل المستحيل لاقتلاع نقاط الفوز في الجولات القادمة وذلك في انتظار أن نسترجع أكبر عدد ممكن من المصابين.

يبدو أنه يوجد عائق آخر عرقل بدوره مسيرة البطل، وأثار غضب الأفارقة وهو التحكيم، أليس كذلك؟

لا يختلف عاقلان حول الظلم الصارخ الذي تعرض له النادي الافريقي خلال الموسم الحالي من قبل التحكيم. حصل ذلك في لقاء الأجوار (تعرض فيه الميكاري للإقصاء على يد الكردي). وتكرّر السيناريو في جرجيس مع ياسين حروش، وذلك قبل أن نعيش مهزلة جديدة في قفصة في اللقاء الذي أداره الحكم أمير لوصيف (نفس الحكم هضم حقّ «القوابسية» في نهائي الكأس). لقد تضرر فريقنا كثيرا من التعيينات الخاطئة على مستوى الحكام. والحقيقة أن هذا الملف أصبح لغزا محيرا. وعجزنا عن تفسيره ونخشى أن يكون نادينا بصدد التعرض إلى تصفية حسابات وهو رأي ترسخ في صفوف العديد من الأطراف.

تحدثت عن عائق الاصابات، وظلم الحكام، وهو أمر تؤكده الوقائع، لكن ألا تعتقد أيضا أن بعض العثرات مردها الأخطاء الفنية وأداء اللاعبين وهذا فضلا عن غياب الاضافة المأمولة للوافدين؟

من المعلوم أن النادي الافريقي خسر أبرز ركائزه بسبب الاصابات. كما تأخر اندماج الوافدين في «الميركاتو» الصيفي داخل المجموعة لأسباب مختلفة. وبالمختصر المفيد لم يتمكن فريق «باب الجديد» حتى يومنا هذا من التعويل على تشكيلته المثالية. وتؤكد المعطيات مثلا أن التركيبة التي راهن عليها نبيل الكوكي أمام القوافل لا تضم سوى قلة قليلة من المجموعة التي كانت تحت تصرف النادي خلال الموسم الماضي مثل العيفة وبن مصطفى وناتر، وبناء عليه فإنه سيكون من الإجحاف الحديث عن الأمور الفنية في ظل هذه المعاناة جراء الإصابات والغيابات، وهذا فضلا عن هفوات الحكام. المنطق يفرض أن نحاسب المدرب ومساعديه بعد أن يصبح أغلب اللاعبين تحت تصرفه، وليسوا خارج الخدمة كما هو الحال في الجولات السابقة. أما بخصوص الوافدين في «ميركاتو» الصيف، فأظن شخصيا أن مهاجما مثل بوهان توزغار يملك مؤهلات كبيرة وأرشحه شخصيا ليصبح أحد أفضل المهاجمين في بطولتنا. كما أن وسام يحيى قيمة ثابتة. وسيستعيد بريقه بمجرد أن يتجاوز فترة الفراغ التي مرّ، بها وأيضا التخلص من بعض الكيلوغرامات الزائدة. وأعتقد أن بقية العناصر يملكون أيضا امكانات محترمة. أظن أن الأمر مسألة وقت لا غير.

سيخوض الافريقي خلال الموسم الحالي «معركة» قوية على ثلاث واجهات فهو أمام حتمية الانتفاض دفاعا عن تاجه المحلي، وهذا فضلا عن الطموح الجامح في رابطة الأبطال والرغبة الكبيرة في المنافسة على الكأس المحلية، فهل تظن أن الفريق سيكون جاهزا لكسب جميع التحديات؟

من منطلق تجربتي كلاعب، ومن خلال موقعي الحالي في الحديقة «أ» كمسؤول لا يساورني الشكّ في قدرة النادي على استعادة توازنه المعهود، والمنافسة كعادته على الألقاب، وذلك بمجرد أن نسترجع خدمات المصابين. وأعتقد أن الافريقي يملك زادا بشريا ثريا. وقد لا يحتاج سوى لعنصر أو اثنين في «الميركاتو» الشتوي وسيقع طبعا تحديد التعزيزات المطلوبة بالتنسيق مع الاطار الفني للنادي.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا