برعاية

جيروم بواتينغ... "كوارترباك" التكتيك الجديد

جيروم بواتينغ... "كوارترباك" التكتيك الجديد

يتذكر جمهور اللعبة لبواتينغ سقوطه أمام ميسي، في أشهر لقطة كروية خلال عام 2015، حينما مر الأرجنتيني بجواره مثل البرق، ليسجل هدفاً أسطورياً في شباك بايرن، ويصعد برشلونة إلى نهائي الشامبيونز من بوابة ليلة كامب نو الساحرة. وبعيداً عن لعبة ليو التي لا تتكرر كثيراً، يقدم المدافع جيروم بواتينغ أداء نموذجياً هذا العام، ويستحق بكل تأكيد تسليط الضوء على نسق أدائه التصاعدي، مع البافاري والمانشافت.

"حينما لا تسجل الأهداف، لا تنظر إلى هجومك، عليك أولا النظر إلى خط دفاعك، إنهم في الغالب أقل في ما يخص بناء الهجمة"، يتحدث اللوكو الأرجنيتي بيلسا عن أهمية التحضير من الخلف، وبزوغ فكرة البناء من الخلف في الكرة الحديثة، كسلاح تكتيكي فعال وقوي، خصوصاً أمام الفرق الدفاعية، مع زيادة انتشار ظاهرة المرتدات أو ما يعرف بالـ "كونتر أتاك".

وتوجد طرق عديدة في بناء الهجمة من الخلف، فلويس فان غال يُعرف عن فرقه كثرة التمريرات أمام مرماه، لذلك يلعب مانشستر يونايتد مؤخراً بطريقة بها قدر كبير من التمرير العرضي والخلفي، أملاً في فتح فراغ ما خلال نصف ملعب المنافس، وإذا لم يترك الخصم أي مساحة، تستمر حلقة التمرير لكي تبدو وكأنها بلا نهاية، مما يتسبب في انتقادات عديدة تطول الهولندي وفريقه.

بينما يعتمد غوارديولا على استفزاز خصومه، بدعوتهم إلى الضغط، وفي حالة عدم الاستجابة، يذهب المدافع مباشرة إلى نصف ملعب الفريق الآخر، وذلك من أجل إجباره على الخروج من مناطقه، ومحاولة الحصول على الكرة، وفي حالة حدوث استجابة، يمرر المدافع الكرة إلى زميله بشكل عرضي، والذي يمررها هو الآخر إلى زميل ثالث، لكن هذه المرة بطريقة عمودية طولية إلى الثلث الهجومي، في وبين الخطوط.

لعب جيروم بواتينغ هذا الموسم 12 مباراة في البوندسليغا، وتطور أداؤه كثيراً مع بيب غوارديولا، لدرجة أن قلب الدفاع الألماني وصف مدربه الكاتالوني بأنه أحد أكثر الأشخاص الذين يعرفون كرة القدم، وله فضل كبير على تحسين مستواه، بعد العمل والتعاون بين الثنائي خلال التدريبات قبل وبعد المباريات.

لم يسجل بواتينغ أي هدف في الدوري، وصنع فقط هدفين، أرقام تبدو معقولة لمدافع صريح في الخلف، لكن اللافت للنظر دقة تمريراته، والتي وصلت إلى نسبة 89%، مع براعة واضحة في التمريرات الطولية، لدرجة أن المدافع لعب 80 تمريرة طولية صحيحة "Long Ball" خلال 12 مباراة، أي نحو 6.6 تمريرات في المباراة الواحدة، مع متوسط 22 متراً كطول للتمريرة.

يقول بواتينغ عن هذه الأرقام، "فعلاً، التمريرة الطولية أصبحت جزءا رئيسيا في طريقة لعبنا، نتدرب عليها كثيراً، ونحاول ضرب التكتلات الدفاعية عن طريق عنصر المفاجأة، وفي حالة صعوبة الاختراق، فإن لعب كرة طويلة يكون بمثابة الحل السحري، لكسر خطوط المنافسين".

الظهير الخلفي في كرة القدم الأميركية، هو عضو من الفريق الهجومي ويصطف مباشرة خلف خط الهجوم. ويعتبر الظهير الخلفي قائد الفريق الهجومي، وهو في أغلب الأحوال مسؤول عن تحديد طريقة اللعب خلال الهجمة، من خلال نقله الكرة قبل الضغط، إلى النقاط الخطيرة، هذا اللاعب يعرف باسم الـ Quarterback، مع وفرة خطط اللعب في كرة القدم، من 4-4-2 إلى 4-3-3 أو 4-2-3-1، زاد لاعب وسط إضافي في المنتصف، دخلت فكرة "التخصص" إلى التكتيك، بمعنى تقسيم مهام الوسط بين أكثر من لاعب. قاطع الكرات أو الارتكاز الدفاعي في ما يعرف باسم الـ Holding Mid ولاعب الوسط الهجومي الصريح أو صانع اللعب الأمامي أو الـ ACM 10، وبينهما لاعب الدائرة الذي يربط خطوط الفريق الثلاثة.

ويقوم هذا اللاعب بإيصال الهجمة من الدفاع إلى الهجوم، لكن بسبب التعقيدات الكروية الجديدة، وإغلاق معظم الفراغات أمام الفرق الهجومية، تضاعفت الحاجة إلى لاعب في الدفاع يشبه "الكوارترباك"، من خلال قيامه بإرسال الكرات الطولية إلى خط الهجوم، ويقوم بواتينغ خلال الفترة الأخيرة بهذا الدور، من منظور صحيفة "البيلد" الألمانية، والتي أكدت عبر صفحاتها الورقية، المقارنة الفنية بين طريقة لعب بايرن، ونظيرتها في الملاعب الأميركية.

لعب غوارديولا بتشكيلة غريبة بعض الشيء أمام هيرتا برلين، من خلال الدفع بخطة أقرب إلى 5-4-1، بتواجد ثلاثة مدافعين في الخانة الأساسية، بواتينغ، بنعطية، وخافي مارتينيز، لكن لعب جيروم في مركز جديد بعض الشيء، بتقدمه إلى الأمام في منتصف الملعب، وعودة مارتينيز بجوار اللاعب العربي أمام المرمى.

لعب بواتينغ كلاعب وسط مائل لليمين، وفي العمق تمركز ألونسو، بينما حصل فيدال على الفرصة في الرواق الأيسر، لتتحول الخطة هجومياً إلى 4-3-3، مع تقدم الثنائي فيليب لام ورافينيا على الأطراف، نظراً لتغطية كل من بواتينغ وفيدال أسفل الأطراف، مما جعل الفريق يظهر بشكل متوازن أثناء الدفاع والهجوم.

تميز بواتينغ بالكرة ومن دونها، نقطة إيجابية صبت في صالحه، وجعلته لاعبا قريبا من "بروفايل" غوارديولا، لذلك يلعب الألماني في كافة مراكز التكتيك، قلب دفاع، ظهير حقيقي، لاعب ارتكاز، وبكل تأكيد وسط صريح مائل إلى الطرف، كما حدث بالنص في المباراة الأخيرة بالبوندسليغا.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا