برعاية

البحث في ماضي بينيتيز.. مقامرة بيريز الأخيرة

البحث في ماضي بينيتيز.. مقامرة بيريز الأخيرة

"نتفهم تماماً غضب مشجعينا بعد مباراة السبت، لكن علينا مواصلة العمل بكل حزم وهدوء"، هذه هي رسالة فلورنتينو بيريز الرئيسية في المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس ريال مدريد، ليعلن بشكل تام دعمه للمدرب رافا بينيتيز، بعد الخسارة الكبيرة في الكلاسيكو الأخير، ليضع الرئيس نفسه أمام الرأي العام المدريدي، وتصبح الجولة القادمة عبارة عن طريق ذي اتجاه واحد، مع مقولة واحدة، إما النجاح التام أو الخروج من الباب الضيق للجميع!

بينيتيز مدرب واقعي إلى أقصى درجة، معقد جداً على الصعيد التدريبي، لا يهتم أبداً بصنع شيء جديد، لكنه يتفنن في إخراج المباريات وفق منظوره الخاص، ويحاول هدم خطط منافسيه، قبل البدأ في الهجوم، لذلك لا يعتبر مدرباً مبادراً، بل "كوتش" يلعب أكثر على استراتيجية رد الفعل.

وبالعودة إلى تجاربه السابقة، سنجد أنه فاز بالدوري من قبل مع فالنسيا مرتين، كذلك يبقى إنجازه الأشهر في نهائي دوري أبطال أوروبا 2005، بعد أن قلب ليفربول النتيجة تحت قيادته من التأخر بثلاثة أهداف، إلى تعادل إيجابي، ومن ثم انتصار تاريخي بركلات الجزاء، أمام ميلان الرهيب مع كارلو أنشيلوتي.

لذلك سواء في انتصاراته أو انكساراته، يعتبر فكر رافا أقرب إلى الأسلوب "المتحفظ"، ومن الممكن القول إنه مدير فني دفاعي، لا يلجأ إلى الطريقة الجمالية في اللعب، ويحاول فقط بناء نظام تكتيكي صارم، من أجل الوصول إلى جماعية الأداء، وتحقيق أكبر مكاسب ممكنة، جراء هذه الفلسفة الكروية التي يؤمن بها.

يؤخذ على رافا بينيتيز سمعته غير الجيدة مع الفرق حاملة البطولات، فالرجل لم يستمر طويلاً مع إنتر ميلان، بعد تحقيق الثلاثية مع مورينيو. كذلك أيضاً استمر سنوات طويلة مع ليفربول، ورغم فوزه بعصبة الأبطال، إلا أنه فشل على المدى الطويل في تحقيق لقب الدوري المحلي، ليرحل عن مقاطعة ميرسياسيد دون الهدف الأهم.

لذلك يعاني رافا في المواجهات الكبيرة بالبطولات طويلة المدى، وهذا وضح بشدة في رحلته مع نابولي، فالنادي الإيطالي فقد الكثير من شخصيته على أرضه، بعد أن كان ملعب السان باولو بمثابة الكابوس المرعب أمام كافة الفرق العظيمة. وفي بطولات الدوري، فاز رافا فقط ببطولتين مع فالنسيا.

لكن الإسباني رائع بحق في مواجهات الذهاب والإياب، ويعرف من أين تؤكل الكتف في هذه البطولات، لذلك فاز ببطولات عديدة في هذا المجال، لدرجة تسميته بـ"اختصاصي الكؤوس". بالإضافة إلى تفوقه على مدرب بقيمة مورينيو في الأبطال، بعد أن تواجه الثنائي في 6 مباريات، انتهت 3 بالتعادل، و2 بفوز رافا، ومباراة واحدة لصالح جوزيه.

أحب جمهور نابولي دييغو أرماندو مارادونا كثيراً، لأنه يُشبههم في صخبه، احتفاله، عصبيته، خروجه عن النص، وربما جنونه الزائد عن الحد. ويتحدث أحد مشجعي نابولي عن حبه الشديد لمارادونا، مشدداً على التناغم والانسجام بين الحالتين، نابولي المدينة المتمردة، ودييغو الأرجنتيني المبدع، الخارج عن المألوف، إنها ثنائية لا تتكرر حقاً.

وبالطبع لا يوجد وجه للمقارنة بين مارادونا كلاعب وبينيتيز كمدرب، لكن من الطبيعي جداً فهم أسباب عدم نجاح الإسباني مع فارس الجنوب الإيطالي، فالتحفظ التكتيكي لا يُجدي ولا ينفع مع جماهير تريد فقط كرة ممتعة ومختلفة، لذلك كان الطلاق الكروي أمراً متوقعاً للغاية، بعد تجربة لم تكن ناجحة أبداً.

قدم نابولي نفسه كمنافس حقيقي على لقب السيريا آ بعد يوفنتوس، وحينما تمت الاستعانة بخبرات رافا، حدث العكس لأن طبيعة النادي كوحدة ولاعبين وجمهور تختلف عن شخصية رافا. وتحدد دراسة هذه الملاحظات جانباً مهماً من طبيعة العلاقة بين بينيتيز وريال مدريد، فمن أوصى بالتعاقد مع هذا الرجل، لا يفكر في طريقة أداء جمالية، بل انتصارات، انتصارات فقط!

هناك مشاكل في الشعور بين رافا بينيتيز والنجوم الكبار، فالمدرب عُرف على مر تاريخه بعداوته للأسماء الشهيرة، ورغم عدم اكتمال هذه المعلومة، إلا أن تصريح النجم التاريخي للريدز ستيفن جيرارد يعبر بوضوح عن تفاصيل هذه العلاقة، عندما قال النجم الإنجليزي إنه يشعر وكأن بينيتيز يكرهه، دون إبداء أي تفسيرات حول هذه المشاعر.

الغريب أن بينيتيز حقق نتائج أفضل مع ريال مدريد هذا الموسم، مع لاعبين أقل شهرة، كخيسي، فاسكويز، وكاسيميرو، وكانت باكورة الأفضلية في مباراة سيلتا فيغو، حينما فاز الريال ولعب فاسكويز مباراة رائعة. لكن مع عودة النجوم الكبار، خسر الملكي بالثلاثة أمام إشبيلية، في حضور غاريث بيل، وجاء السقوط المدوي في الكلاسيكو، بمشاركة كافة الأسماء الرنانة في الثلث الهجومي الأخير.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا