برعاية

حكايات بين الـ3 خشبات : بارما إلى ما لا نهاية !

حكايات بين الـ3 خشبات : بارما إلى ما لا نهاية !

لكل منا حكاية مع كرة القدم سواء كنت مشجع لاعب مدرب أي فرد بمنظومة كرة القدم أو خارجها، هذه الحكاية تكون بها تقلبات الحياة بكافة أشكالها دراما ودموع الحزن والفرح لحظات الانكسار التي يتولد منها النصر ورفع البطولات وأوقات الحزن في الخسارة واستلام الفضة " الرخيصة " في كتب التاريخ، لذلك في " حكايات بين الـ3 خشبات " نتناول حكايات كرة القدم مع نجوم صنعت كرة القدم علامة فارقة في حياتهم فصنعوا علامة فارقة في التاريخ وفي نفوس مشجعي كرة القدم.

الزمـان : الثاني عشر من أذار " مارس " 1999 ميلاديآ.

المكان : منزل عائلة الطبيب المُتقاعد (أليسندور)،إقليم إيميليا -رومانيا- عاصمة مقاطعة بارما، شمال إيطاليا.

حالة من الصخب تعم أرجاء المكان، المنزل تملئ اركانه حركة مستمرة -في كل الجهات- لا تهدأ، الكُل في الإنتظار، الأذان تتأهب لسماع صوت صُراخ شهير، دام إنتظاره تسعة أشهر كاملة، صراخ من شأنه أن يُعلن وصول عضوٌ جديدٌ في عائلة (أليسندرو).

ذلك الصغير أطلق إنذاراته مُنذ قليل ليُخبر بها الكافة أنه على وشك الخُروج إلى عالمهم الكبير خارج رحم أُمه، كُل اهالي هذه المقاطعه الصغيرة يتواجدون بجانب الأم للمساعدة كعادتهم في ظروف مثل هذه، بالإضافة إلى جدة المولود -من أبيه- التي كانت تتمنى الا تُفارق الحياه قبل أن تتمتع عيناها برؤية هذا الصغير.

وفي ظل ذلك الإنتظار وبشكل مفاجئ، إذ بصرخة عالية للغاية تغير الحالة العامة للموجودين، فقد كانت مدوية حقاً ولكنها ليست بالصرخة المُنتظر خُروجها من المولود، بل كانت من حناجر الأب (باولو) و الجد الأكبر (أليسندرو)، صرخة دبت الحياة في عروقهم من جديد، إنها فرحة الهدف الأول، الذي سُجل في شباك مارسيليا.

ففي إحدى جوانب ذلك المنزل الصاخب كان هناك جزء لا يشغله نفس ما يشغل الباقيين تقريباً، كان ذلك الجزءٌ يتلون بالأصفر و الأزرق وليس سواهما، لا يعلو فيه صوتاً إلا صوت بارما، حيث تزامن وقت الولاده مع موعد اللقاء النهائي لكأس الإتحاد الأوربي " الدوري الأوروبي حالياً " بين الجالوبلو بارما و نادي مارسيليا الفرنسي.

صرخات مجانين بارما تلك لم تدم طويلاً فسرعان ما قطعها صراخ المولود الجديد (كريسبو)، هكذا قرر حينها الأب و الجد ان يسموه، و ذلك تخليداً لهدف الأرجنتيني (هيرنان كريسبو) الأول الذي جاء في نفس لحظة الولادة.

إطلاق هذا الاسم على المولود الجديد جعل هذا اليوم و ما فيه من أحداث، خالداً في ذاكرة ذلك الصغير والأسرة بالكامل، (كريسبو) الصغير شرب حب الفريق الإيطالي حتى قبل أن يتجرّع رضعته الأولى، فالطبع انتقلت بعض الجينات الوراثية من الجد إلى الإبن إلى الحفيد، وبالتأكيد لن تحمل هذة الجينات من صفاتٍ، أهم من حُب بارما لتنقلها لمولودهم الجديد.

ذلك بالإضافة إلى أن الأب (باولو) ظل يكرر قصة الولادة تلك امام إبنه كل يومٍ تقريباً وذلك بالطبع بمُباركةٍ من الجد (أليسندرو)، كان في كُل مرة يحكيها بنفس اللهفة والشغف ولم يتغير فيهما شيئ، وكان قبل أن ينتهي (باولو) من روايته المعتادة في كل مرة كان يقطع عهداً على الصغير أن يستمر في قَصْ هذه القصة أمام أولاده و أحفاده، حتى لا تُمحى من تاريخ العائلة، وكان يقوم الطفل بوعد أبيه بالتنفيذ.

استمرت السنين في ذلك المنزل تباعاً، تغير كُل شيءٍ فيه تقريباً،  ما عدا بضع الثوابت وهي، تشجيع الجالوبلو، الرواية الخاصة بلحظة وصول(كريسبو) إلى الحياة، والوعد الذي يقطعه الفتى على نفسه يومياً، بدأ الأمر كأنه روتين او عادة لدى الأسرة حتى أصبحت تلك الإجرائات اليومية أسلوب حياه لدى كل فرد فيها، حتى وصل ذلك اليوم المشئوم الذي لم يكن في حسبان الجميع.

أستيقظ الفتى من نومه صباح ذلك اليوم، خرج من غرفته متجهاً نحو مائدة الإفطار حيث يُلاقي أبويه ليجد الحزن يُخيم على وجه أبيه أثناء قراءته للصحيفة اليومية، وجهٌ شاحب تملئه الدموع حتى وإن لم تكن سقطت بعد، بالتأكيد هُناك خبر لا يَسُر في تلك الصحيفة الملعونة.

الفتى حاول في البداية ان يُفكر في كُل الأخبار التي قد تُصيب والده بتلك الحالة من الحُزن الشديد، ماذا يُمكن أن يُصيب أباه أكثر من موت جده وجدته اللذان فارقا الحياة مُنذ سنين ليست بالقليلة، بالتأكيد الخبر يختص بالمُحبب الأول في المنزل، إنه بارما.

وقد كان!! فالخبر كان بغاية السوء، حيث قرر إتحاد الكالتشيو الذي يُنظم كُرة القدم بإيطاليا، هبوط فريق بارما إلى الدرجة الرابعة من الدوري، وذلك بسبب الديون التي تمكنت من الفريق تماماً ولا يُوجد أي مفر منها.

بعد أن قرأ (كريسبو) ذلك الكلام الصادم، رفع رأسه تجاه أبيه ليسمعه يقول:

"ماتت الأسطورة ، ماتت ولن تعود بعد أن آثرت كُل قُلوبنا معها."

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا