برعاية

على هامش بطولة العالم للمعوقين:... عندما يعزف النشيد الوطني 11 مرّة أمام ممثلي 164 دولة

على هامش بطولة العالم للمعوقين:... عندما يعزف النشيد الوطني 11 مرّة أمام ممثلي 164 دولة

أبطالنا أذهلوا العالم فمتى تلتفت إليهم رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة؟

في خضمّ المشهد القاتم الذي يشوّه صورة تونس وينخر كيانها في جميع الميادين، السياسية منها بالخصوص، بما يحصل من تناحر في حزب نداء تونس وتدنّ غير مسبوق في الممارسات والمعاملات وآخرها ما جدّ في قضية الوزير ياسين ابراهيم وأيضا في قضية جامع اللخمي حيث تداس كل القيم الانسانية، ولكن أيضا في المجال الرياضي الذي طالته بل شوّته معارك التموقع والكراسي والذي تضرب فيه كل المبادئ الأولمبية والرياضية من أجل الانفراد بالسلطة كما هو الحال في معركة الجامعة التونسية لكرة القدم واللجنة الوطنية للتحكيم الرياضي، في خضمّ حيرة التونسيين حول مصيرهم أمام هذا اللاوعي الجماعي الذي وصلت إليه ما يسمّى بنخبهم.

في خضمّ هذا الانشغال اللامسؤول بأتفه الأمور ضمانا للمصالح الضيّقة، يمرّ الحدث الابرز في تاريخ الرياضة التونسية والذي تحقّق خلال بطولة العالم لألعاب القوى في رياضة المعوقين التي دارت من 21 الى 31 أكتوبر الماضي بالدوحة بجانب اهتمامات الدولة ولولا الهجمة الاعلامية التي خص بها الأبطال إثر عودتهم الى أرض الوطن لتواصل نكران الجميل لسفراء فوق العادة كان من المفروض أن يحظوا منذ وجودهم بالدوحة باعتراف رفيع المستوى.

ـ الحدث يا سادة ويا سيّدات السياسة البارعين في الكلام باسم الوطن والفاشلين في تجسيم وعودكم الواهية تمثل في عزف النشيد الوطني ولأول مرة في تاريخ تونس المستقلّة، احدى عشرة مرّة بالتمام والكمال بين 164 دولة في أرقى محفل رياضي خاص بذوي الاعاقة ضمّ 4273 رياضيا من كافة أنحاء العالم.

ـ الحدث تمثّل في احتلال تونس المرتبة الخامسة في الجدول النهائي لتوزيع الميداليات بمجموع 15 ميدالية (11 ذهبية و3 فضية وبرونزية واحدة) وراء الدول العظمى الاربع الصين وروسيا والولايات المتحدة وبريطانيا، متقدّمة على البرازيل وألمانيا وكندا وفرنسا وهولاندا واليابان واليونان والهند علما بأن 62 دولة من جملة 164 اعتلى رياضيوها منصة التتويج على الأقل في مناسبة واحدة.

ـ الحدث تمثل في تحقيق هذا الانجاز بوفد لا يتجاوز عدده تسعة رياضيين بينما شاركت بعض البلدان بوفود حاشدة من الرياضيين، علما بأن الوفد التونسي الذي شارك في بطولة العالم لسنة 2013 والتي دارت بمدينة ليون الفرنسية كان يتكوّن من 11 رياضيا تحصّلوا أنذاك على 11 ميدالية من بينها 8 ذهبية.

التونسي وليد كتيلة الأفضل عالميا

ـ الحدث أيضا والذي لم ينتبه إليه حتى صانعه تمثّل في انهاء التونسي وليد كتيلة بطولة العالم الدوحة 2015 في أعلى ترتيب المتوجين باحرازه اربع ميداليات ذهبية كاملة في سباقات 100م و200م و400م و800م متقدما على الصيني ليو كيكنغ الذي أحرز بدوره أربع ميداليات ذهبية واحدة منها في سباق التناوب (4 * 100م)، وهو ما يجعل وليد كتيلة يظفر بلقب أفضل رياضي لمونديال الدوحة 2015 من جملة 4273 مشاركا.

أفضل انجاز في تاريخ الرياضة التونسية

تكفي هذه الأرقام والمعطيات لتؤكّد أن هذه الحصيلة هي الافضل في تاريخ الرياضة التونسية إذ أنه لم يسبق لأي اختصاص رياضي تونسي أن حقق مثل هذه النتائج في محفل دولي واحد فإضافة الى نجم مونديال الدوحة وليد كتيلة حققت مروى ابراهيمي ميداليتين ذهبيتين اثنتين في الرمي واحتلت المرتبة 24 في ترتيب أفضل المتوجين تماما مثل زميلتها روعة التليلي التي تحصلت بدورها على ميداليتين ذهبيتين أما سمية بوسعيد فقد أحرزت ذهبية وفضية واحتلت المركز خمسين في الجدول العام لتوزيع الميداليات شأنها شأن زميلها عباس السعيدي المتحصل على ذهبية الـ1500م وفضية الـ800م.

كما لا يجوز أن نغض الطرف على تحطيم رقمين قياسيين عالميين من طرف ممثلينا في مونديال الدوحة وذلك بفضل روعة التليلي في رمي الصحن برمية بلغت 29م و70صم وهنية العايدي في رمي الرمح برقم 18م و86صم.

كل ذلك كان يتحقق في الدوحة بعيدا عن الأضواء التونسية ولولا شغف بعض الاعلاميين القلائل الذين كانوا ينشرون النتائج تباعا عبر الشبكات الاجتماعية لما كنا ندرك أن تونس كانت بصدد التميز في بطولة عالم وكانت الأخبار تأتينا حول ردود فعل بعض كبار المسؤولين في دول أخرى ازاء تألق ممثليهم في الدوحة فمثلا علمنا أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولوند سارع إلى مخاطبة المتوجين الفرنسيين عبر الهاتف لتهنئتهم وتشجيعهم كذلك فعل أمير دولة الكويت.. أما نحن فلا حياة لمن تنادي، لا مكان ولا وقت إلا للسياسة والجري وراء الكراسي.

وطبعا! سيتهاتف السياسيون خلال هذا الأسبوع من نواب الشعب وقياديي أحزاب وأعضاء حكومة للتكفير عن ذنوبهم وليتذكروا أن هناك من يناضل فعلا من أجل تونس دون حساب وسوف تراهم يزاحمون للفوز بتكريم الأبطال علهم يظفرون بصورة معهم تنشر في الصحف والمواقع الالكترونية أو بلقطة تبثت عبر الشاشات التلفزيونية..

ولعله قد حان الوقت لأن يرفض هؤلاء الأبطال مثل هذه الاهانات المغلّفة بقناع التكريم.

حان الوقت للاعتراف بجميل هؤلاء المناضلين الحقيقيين الذين ما فتئوا يرفعون راية تونس منذ عشرات السنين.

حان الوقت لاعتبارهم على قدم المساواة مع الرياضيين الأسوياء الذين فاقت مشاكلهم ومطالبهم انجازاتهم.

حان الوقت لأن يحظى أبطال ذوي الاحتياجات الخاصة بنفس المعاملة التي يتمتع بها أسامة الملولي وحبيبة الغريبي وفيصل جابالله وغيرهم من رافعي راية الوطن.

نداء للسبسي والصيد وبن ضياء

أملنا إذن أن يسارع كل من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي ورئيس الحكومة الحبيب الصيد ووزير الشباب والرياضة ماهر بن ضياء بتكريم هؤلاء الأبطال وذلك أولا، وثانيا والأهم أن يأذنوا بالترفيع في جراية هؤلاء الرياضيين المحترفين الذين ولئن يتمتع معظمهم برتبة منشط رياضي، فإن جراية الاحتراف لكل منهم لا تتجاوز 180 دينارا وهو ما يتقاضاه على سبيل المثال صاحب الميداليات الذهبية الأربعة وليد كتيلة.

كما يتعين مراجعة منحة التألق التي ترصد للرياضيين المعوقين والتي لا تتجاوز 10 آلاف دينار للميدالية الذهبية العالمية وهي منحة زهيدة مقارنة بما يرصد للمتوجين في رياضة الأسرياء.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا