برعاية

«هنري كاسبرزاك» يفتح قلبه لـ «الشّروق»:مكره على الاستنجاد بالمحليين لأننا لا نملك نجوما في أوروبا

«هنري كاسبرزاك» يفتح قلبه لـ «الشّروق»:مكره على الاستنجاد بالمحليين لأننا لا نملك نجوما في أوروبا

أنا سيد نفسي... الجامعة وفرت سبل النجاح وأتمنى أن يتجنب الجميع الخلافات والاشاعــــــــــــــــــــات

موريتانيا خصم عنيد لكن من العيب أن نخشاه

«قال لا»... بقير الفتى المدلل والخزري رهيب

نواجه ضغط الرزنامة لكن تذمر اللاعب التونسي غير مفهوم

عيّروه بالشّيب وهو وقار. قالوا إنه عائد من الزّمن الغابر وغير قادر على النّهوض بـ«النّسور» التي تكسّرت أجنحتها منذ رحيل «الجنرال» «لومار». أقسموا بأغلظ الأيمان بأن صاحب الانجاز الكبير في «كان» جنوب افريقيا «ظلم» نفسه، وقد ينسف تاريخه المشرّف مع المنتخب بعد قرار العودة إلى الخضراء إثر غياب طويل دام أكثر من 17 عاما للقيام بمهمّة وصفتها بعض الأطراف بـ«الانتحارية»، بالنّظر إلى الظّروف الاستثنائية التي تعيشها الكرة التونسية، ومزايدات أشباه اللاعبين على الرّاية الوطنية، وانشغال المسؤولين بالخلافات الجانبية.

الثّابت تاريخيا أن «هنري كاسبرزاك» لاعب كبير ومدرّب قدير. فقد كان شاهدا على العصر الذّهبي للكرة البولونية. وعاشر العملاق «لاتو» الذي يتذكّره جيّدا حارسنا العملاق مختار النايلي وبقية أبناء عبد المجيد الشتّالي الذين صنعوا المجد في الأرجنتين. والثابت واقعيا أن «كاسبرزاك» ترك بصمة واضحة في الكرة التونسية. ويعدّ حتما ضمن أفضل الفنيين الأجانب الذين لهم علاقة «عضوية» بالجمهورية التونسية أمثال «أندري ناجي» و«روجي لومار»... وقد فتح لنا مدرب الـ»نسور» قلبه، ومكتبه في المنزه. وتحدث دون قفازات. وأجاب عن كل الأسئلة راجيا أن تنتهي الخلافات و»التفاهات» وتتوحد كلّ الأطراف خلف المنتخب.

تلح بعض الأطراف إلحاحا على عقد المقارنات بين مسيرتك مع المنتخب في التسعينات، وتجربتك الجديدة مع الـ«نسور» فهل أن هذا الأمر يجوز؟

أنا شخص يؤمن بالتغيّر والتطوّر. وأرفض العيش في أسر الماضي السّعيد. أعتقد أن نجاحنا في تحقيق انجاز خالد في جنوب افريقيا وتفاخر به الأجيال المتعاقبة ينبغي أن نستلهم منه معاني الصّبر والتّضحية والارادة القوية والعزيمة الفولاذية. لقد حوّلنا «نكسة» 1994 في تونس إلى نجاح باهر في 1996. ومن المؤكد أن هذا الأمر يبعث على الاعتزاز، وبوسعنا كما قلت أن نجعله نموذجا نأخذ منه الايجابيات مع ضرورة مراعاة خصوصيات المرحلة الحالية، ذلك أن الظّروف مختلفة (الوضع الآن صعب ومعقّد حسب «كاسبرزاك») ومواهب الجيلين متباينة، والمقارنة بين مؤهلات اللاعبين السابقين والعناصر الحاليين «ظالمة». (منتخب «كاسبرزاك» في التسعينات خاض نهائي كأس افريقيا للأمم بتشكيلة تضمّ «أسودا» يشكل بعضهم محطات تاريخية مهمّة في مشوار الـ«نسور» و«الرباعي الكبير». وكانت تركيبة «هنري» في ذلك اليوم المشهود من عام 1996 على النحو التالي: الواعر – بوقديدة – بالرخصية – شوشان – جاب الله – الغضبان (الحنيني) – بيّة – الفقيه – البوعزيزي (بن حسن) – عادل السليمي – بن سليمان

حتّى لا نضيع في دهليز الذكريات الجميلة، كيف تقيّم وضع اللاّعبين، وواقع الـ«نسور» بعد أربع مواجهات بين وديات ورسميات، وقد أقنع فريقك أحيانا وأصابنا أحيانا أخرى بالصّداع؟

المصافحة الأولى كانت في تصفيات الـ»كان» على أرض ليبيريا. وقد كنّا خارج الموضوع ولم يقدّم اللاّعبون الأداء المطلوب. وأظنّ أن مواجهة «مونروفيا» للنسيان، وذلك بغضّ النظر عن الأحداث غير العادية التي رافقت اللّقاء. أنا شخص يرفض تبرير الهزائم بحزمة من الأعذار التي قد تكون واهية في نظر الجمهور. وقد قمنا بعملية تقييم شامل لمشوار الـ«نسور» بعد مواجهات «الفهود» الغابونية (لقاء ودي) وليبيا والمغرب (اياب تصفيات الـ«شان»). ودوّنا كلّ الملاحظات من أجل تجاوز السّلبيات وهي كثيرة واستثمار الايجابيات. لقد حقّقنا المهمّ في تصفيات كأس افريقيا للاعبين المحليين. واقتلعنا ورقة العبور إلى نهائيات رواندا 2016. وأظنّ أنه لابدّ من التنويه بالحالة الذهنية العالية لأبنائي أثناء الوديات والرسميات وداخل المعسكرات، حيث أظهر كلّ اللاعبين تركيزا كبيرا ورغبة واضحة في تحقيق الأهداف المرسومة. فنيا أظهرنا نجاعة هجومية كبيرة أمام غابون «بيار أوباميانغ» في رادس. وكان الأداء مقنعا بشهادة الجميع. وسجلنا أهدافا جميلة. ونجحنا في الاستفادة من الكرات الثابتة. وترك بعض العناصر أفضل الانطباعات في صفوف الأنصار أمثال بقير و«فابيان بشير كامي» والفرجاني ساسي ويوسف المساكني والخزري ... وحرص اللاعبون على تطبيق التعليمات بحذافيرها. كما لا ينكر أحد أن الأجواء كانت نقيّة وممتازة بين اللاعبين وهو عامل آخر مهمّ يجسّم روح المجموعة ويبعث على الاطمئنان لأن القوة تكمن في الوحدة. وفي المقابل ينتظرنا عمل كبير لتجاوز الهنّات. ويمكن اختزال الثغرات في معضلة الدفاع (شباكنا تلقّت 7 أهداف في أربع مواجهات مع «كاسبرزاك»)، وتحسين الجانب البدني، ودفع اللاعبين الدوليين لتطوير مهاراتهم الفردية سواء في تحضيرات المنتخب أو مع جمعياتهم. ونبحث عن نجاعة أكبر في التوزيعات والتمريرات الحاسمة والتحكم في الكرة والحوارات الثنائية، وحسن التعامل مع اللّحظات الأخيرة من المقابلات وهذا فضلا عن انهاء الاشكال المتعلق بإهدار الفرص السهلة. ومازلنا ننتظر أداء أفضل من قبل بعض العناصر الموهوبين أمثال الشيخاوي والمساكني...

هل ضبطت الجامعة مهلة زمنية محدّدة يكون على اثرها منتخب «كاسبرزاك» في ثوب جديد، وكامل الأوصاف بعد سنوات الضّياع» مع السلف «الطّالح» «ليكنز» و»كرول» ومعلول؟

أنا مدرب «محترف»، وعلى اقتناع تام بأنني سأحاسب قبل كلّ شيء على النتائج والأداء. ومن هذا المنطلق فإننا أمام حتمية كسب الرهان على كلّ الواجهات رغم الصّعوبات والعراقيل، والتعامل مع كلّ لقاء على حدا، وهذا فضلا عن التفكير في المستقبل المتوسط والبعيد للـ»نسور» التي يريد الجمهور أن تحلّق عاليا في سماء القارة السمراء وأن يرتقي الأداء إلى مستوى انتظارات التونسيين، ويتماشى والتاريخ الكبير للمنتخب. أعرف أنني لا أملك عصا سحرية لتغيير حال الفريق بين عشية وضحاها. وأدرك أنني في حاجة إلى فترة معيّنة لجني الثمار، ويبلغ الفريق أعلى درجات التألق لكنني أعلم أيضا أن النتائج الايجابية تظلّ أولوية الأولويات.

لم تخف في حديثك الأوجاع جرّاء الدفاع. ويبدو أنك وجدت الحلّ في علاء الدين يحيى. وكنت تعتزم المراهنة عليه على أمل أن يكون آخر الدواء لكنه تخلف في نهاية الأمر، فما هو موقفك من هذا الملف؟

اتصلت بعلاء الدين يحيى المحترف في صفوف «كان» الفرنسي. وأشعرته بأن المنتخب في حاجة إلى خدماته خلال المرحلة الحالية بالنظر إلى خبرته الطويلة، وفي ظل المشاكل التي يعاني منها الدفاع. ولا ننسى أيضا احتجاب أيمن عبد النور وهو عنصر له ثقل كبير في صفوف الـ»نسور». وقد كان يحيى واضحا. وأعلمني بأنه أعطى الكثير للمنتخب وأن تركيزه منصبّ على مشواره مع ناديه في بلد الأنوار. ولا يسعنا إلا أن نحترم رأيه. ومن جهتنا نحن على يقين بأن الفريق لن يتوقف على أي لاعب. وسنعمل على تحسين أداء دفاعنا. وأؤمن بأن نجاح المنظومة الدفاعية مسؤولية مشتركة ينبغي أن يساهم فيها عناصر الهجوم والوسط والدفاع وحارس المرمى.

تفكيرك في دعوة علاء الدين يحيى وهو من اللاعبين «المخضرمين» (عمره 34 عاما) يقيم الدليل على أنك تؤمن بأصحاب الخبرة، وذلك في الوقت الذي تعالت فيه بعض الأصوات المنادية بـ«التشبيب» في سبيل تكوين فريق عتيد ويتّقد حيوية، ويكون جاهزا لكسب التحدي في مونديال روسيا 2018، فهل يعني هذا أنك بين سندان التمسك ببعض «الشيوخ» ومطرقة ضخّ دماء جديدة في الفريق؟

من المستحيل أن أنظر إلى مضمون ولادة اللاعب، أو أن أهتم للجمعية التي ينشط في صفوفها، وإنما أراهن على قدراته ومؤهلاته وجاهزيته وذلك بغض النّظر عن سنه. ومن المؤكد أن المواجهات السابقة أثبتت للجميع أنه لا فرق عندي بين الـ«كبار» والـ«صّغار».

كيف تفسّر إذن إقصاء حسين الرّاقد وهو من أصحاب الخبرة؟

قلت مرارا إنه تمّ ابعاده لأسباب إدارية بحتة.

ويبدو أن الأسباب ذاتها جعلت حمدي الحرباوي «محروم» من حقّ العودة إلى منتخب بلاده، أليس كذلك؟

نحن نتابع عن كثب كلّ المحترفين. وسنستقطب حتما جميع «الطيور المهاجرة» التي تمتلك المؤهلات الضّرورية لاعلاء الرّاية الوطنية. وقد اطلعنا على ملف حمدي الحرباوي العائد إلى «لوكارن» البلجيكي الذي يدربه الربّان السّابق للـ«نسور» «جورج ليكنز». ونظنّ أن أبواب المنتخب مفتوحة للجميع سواء تعلق الأمر بالمحليين أوالمحترفين أو الناشطين مع الـ«كبار» أوالذين يلعبون مع الـ«صغار»، وأكبر دليل على ما أقول أنني وجّهت الدعوة في التربصات السّابقة إلى عناصر من خارج «الرباعي» المعتاد كما هو الحال بالنسبة إلى أبناء سيدي بوزيد و«البقلاوة» وبنزرت... أنا لا أؤمن أبدا بـ«المركزية»، ومنفتح على كل الجمعيات. (منتخب «كاسبرزاك» في التسعينات لعب في المنزه وسوسة وزويتن...)

بما أننا فتحنا ملف «المحترفين»، فإن كلّ المعطيات والوقائع تؤكد أن بعضهم وقع في فخّ الحسابات و«المزايدات» على المنتخب. ونستحضر على سبيل الذّكر لا الحصر نجم بوردو وهبي الخزري، فما تعليقك على هذه الظّاهرة السلبية؟

لست لسان دفاع عن الخزري، ولكن لا أحد ينكر أنه لاعب موهوب و»رهيب». وأعتقد أنه سيكون من المحترفين التونسيين القلائل الذين بوسعهم اللعب في أكبر الجمعيات الأوروبية. قد يكون وهبي دخل في لعبة الحسابات لكنني أراهن كثيرا على مؤهلاته الكبيرة. وأؤكد أنه لا يوجد لاعب واحد الآن لم ينخرط في الحسابات بسبب الضغوطات الكبيرة المفروضة على الجميع من قبل أنديتهم.

هل من تبرير مقنع للحضور الكبير للاعبين المحليين في رحلة موريتانيا مقابل تمثيل متواضع لأبنائنا القادمين من وراء البحار للمساهمة في ردّ الإعتبار لـ»نسور قرطاج»؟

(مكره أخاك لا بطل). القاصي والداني يعلم أن تونس تفتقر إلى محترفين من الوزن الثقيل، ويعلبون مع جمعيات كبيرة في القارة العجوز. ومن هذا المنطلق فإنه لا بديل عن الأقدام المحلية التي كسبنا بفضلها الرهان في تصفيات الـ«شان» على حساب «فرسان المتوسط» و«أسود الأطلس». ونال بعض اللاعبين إعجاب المتابعين أمثال «الجوكار» سعد بقير الذي أصبح بمثابة «الفتى المدلل» في المنتخب.

قيل كلام كثير عن قوّة الموريتانيين الذين سيصطدمون بتونس في اطار المرحلة الثانية من تصفيات المونديال يومي 13و17 نوفمبر الجاري، فهل أن منتخبنا جاهز لايقاف توسّعات «المرابطين»؟

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا