الاستحواذ في كرة القدم..جرائم عديدة ارتكبت باسمه!

الاستحواذ في كرة القدم..جرائم عديدة ارتكبت باسمه!

منذ 8 سنوات

الاستحواذ في كرة القدم..جرائم عديدة ارتكبت باسمه!

 "نبارك لأرسنال الفوز، لكن هناك مباراة أخرى في ملعبنا. لقد أدوا لقاء كبيراً، ونجحوا في تحقيق الثلاث نقاط. حاولنا السيطرة على المجريات، وخلق الفراغات المطلوبة أمام المرمى، لكن لم ننجح بشكل كامل ولم نحرمهم كلياً من الكرة. هكذا هي تفاصيل اللعبة، من الممكن أن تكون جيداً في أجزاء، وغير موفق في أجزاء أخرى. المباراة في النهاية عبارة عن عملية كاملة، كل جزء مرتبط بالآخر، والنتيجة النهائية هي الإجابة لمدى تكامل كل هذه العناصر".

كانت هذه هي تصريحات بيب غوارديولا بعد مباراة ملعب الإمارات أمام أرسنال في لندن، حينما تفوق فريق فينغر بامتياز، وسجل هدفين في مرمى نوير، رغم أن كافة التوقعات مالت إلى البافاري قبل القمة، لتذهب عناوين الصحف وتعليقات المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، ويتحول النقاش إلى ما بين مؤيد ومعارض للاستحواذ، رغم أن كرة القدم في النهاية ليست مجرد رقم، يعبر عن أسباب الفوز، ونقاط الخسارة.

حقق بايرن ميونخ نسبة استحواذ في مباراة لندن وصلت إلى 69 %، وخسر في النهاية بهدفين، بينما في مباراة الأليانز أرينا، وصل الاستحواذ إلى ما يقارب 66 %، وفاز بخمسة أهداف كانت قابلة للزيادة، وبالتالي يبقى السؤال المُلح، هل فارق الـ 3 % كفيل بتحويل الخسارة إلى انتصار ساحق.

يعني الاستحواذ، باختصار، حصول الفريق على الكرة وحرمان المنافس منها، لا أكثر ولا أقل، فقط يندرج هذا المصطلح على هذه القيمة الكروية، لكنه لا يضمن أبداً فوزاً، ولا يتسبب بالمقابل في خسارة، لأن مباراة كرة القدم تشبه العملية متعددة الأجزاء، ويجب أن يقترن هذا الاستحواذ بعوامل أخرى أعمق تكتيكياً، كالتمركز، التحركات، خلق الفراغ، التحكم في المرتدات، ضبط التحولات، والتوقيت المثالي في التمرير، المسافة بين اللاعب وزميله، وضعية الخصم دفاعا وهجوما، ومسميات عديدة يطول شرحها.

حتى عدد التمريرات لا تعبر أبداً عن النتيجة النهائية، فبايرن لعب عدداً كبيراً منها خلال المباراة الأولى، وكرر غوارديولا نفس العدد تقريباً، 677 تمريرة صحيحة في مباراة الأليانز أرينا، والفارق في النهاية شاسع على مستوى التهديف. لذلك ليست العبرة بالاستحواذ أو التمرير، ولا تعتبر أبداً هذه النقاط دليلاً على قوة الفرق الهجومية أو ضعفها، لأننا بهذا التصنيف نغلق الدائرة على أنفسنا، وننسف بقية قواعد التكتيك الحديث.

عندما تقرر الهجوم، عليك فوراً تجهيز لاعب يكون قادراً على التضحية لصالح الغير، أن يتحرك باستمرار ويقف في موقع، يمنعه من الظهور الإعلامي، أو الحصول على تحية الجماهير، وبكل تأكيد تسجيل هدف، لكن وجوده في هذا المركز المنسي، يجعل غيره في مكان أفضل، وهذا يطبقه أكثر من لاعب، من أجل إتاحة الفرصة أمام أصحاب المهارات، لترجمة الأفضلية والسيطرة إلى فرص حقيقية ثم أهداف.

يقول غوارديولا بين مباراتي الإمارات والأليانز، "تحتاج كرة القدم إلى لاعب يفك شفرة مواقف الـ 1 ضد 1، لأن الفراغات أصبحت قليلة ونادرة، ودون الحصول على هذا اللاعب المهاري، من الصعب جداً مواصلة الاختراق نحو مرمى المنافس"، وبالمقارنة بين الحالتين، سنجد أن كومان كان أحد نجوم مباراة الخمسة، رغم أنه لم يلعب بشكل أساسي في اللقاء الذي خسره فريقه بثنائي.

ليس السؤال هل تستحوذ أم لا؟ ولكن يجب أن يكون، هل تستطيع تحريك الخصم أم تجعله يدافع بأريحية أمام مرماه؟ الخصم هو المراد وليس الكرة، عن طريق دعوته للضغط على من يملك الكرة، ويتناقلها من جانب إلى آخر، لذلك يقوم المدافع بعمل هجومي محوري، عن طريق صعوده بالكرة إلى نصف ملعب الخصم، وحينما يتم الضغط عليه، يمررها إلى لاعب آخر، الذي يقوم بدوره برمي كرة طولية إلى الأمام. رقمياً، يلعب بواتينغ مثلاً 12 كرة طولية كل مباراة.

يخسر هذا الفريق مباراة كبيرة، تتحول أصابع الاتهام سريعاً إلى "الاستحواذ السلبي"، وعندما يفوز نفس الفريق خلال مباراة أخرى كبيرة، يتحول الاتهام إلى ثناء مبالغ فيه، أو ينتقل الانتقاد إلى عامل آخر يشبه الاستحواذ، لتتحول الفكرة تدريجياً إلى الحكم وفق نتيجة المباراة، مع نسيان كامل لكل تفاصيل هذا اللقاء، ومدى تأثير العوامل الأخرى على نتيجته.

"النتيجة هي مجموعة من البيانات، أنت تناقش العملية وليس النتيجة النهائية، لأن النتائج لا تُناقش. هل أنت تذهب إلى الملعب لمدة تسعين دقيقة من أجل مشاهدة لوحة النتائج في نهاية المباراة؟ أم لكي تشاهد المباراة نفسها؟" يتساءل خوانما ليّو في حوار قديم عن تابوهات النتائج، والحكم الذي يختلف من جولة إلى أخرى، وفق الرقم المكتوب على لوحة الملعب.

الخبر من المصدر