برعاية

حبيبة الغريبي تروي لـ «الشروق» قصة نجاحها:طريق المجد يمرّ عبر «الأسلاك الشائكة»

حبيبة الغريبي تروي لـ «الشروق» قصة نجاحها:طريق المجد يمرّ عبر «الأسلاك الشائكة»

ميداليه دايفو... هي ميداليه المراه التونسيه، والثورة التونسية

كنت قادره علي الفوز بالذهب في بيكين 2015 ولن اعتزل الا بعد طوكيو 2020

انا مدينه لمدربي في صفاقس وبصفه خاصه لنوريسكو والقمودي وفتحي حشيشه وشقيقتي عائشه

السبسي وعدني باعلي وسام للجمهوريه اذا فزت بالذهبيه في ريو 2016

ربما تكون صحيفتنا «الشروق» من اكثر وسائل الاعلام متابعه لمسيره النجمه الاستثنائيه حقا حبيبة الغريبي، علي الاقل منذ احرازها فضيه بطولة العالم بدايفو في اوت 2011.

وبحكم مواكبتنا الشخصيه لهذه البطله الفريده من نوعها منذ سنه 2009 ارتاينا في خضمّ الغزو الاعلامي الذي يستهدفها منذ عودتها الي أرض الوطن بعد احرازها فضيه مونديال بيكين 2015 ان تكون مقاربتنا في الحديث عنها ومعها مغايره لما هو متعارف عليه وبالاتفاق مع المكلف باعمالها الزميل شاكر بلحاج الذي يقف منذ سنوات وراء كل كبيره وصغيره في مسيره حبيبه، بوّبنا اللقاء الي اربعه محاور علّنا بلك نتوصل الي تسليط الضوء اكثر ما يمكن علي حبيبه الطفله فحبيبه البطله فحبيبه الانسانيه فحبيبه المسؤوله، لان في عودتنا الي مسيرتها وفي استشرافنا الي مستقبلها وبحكم معرفتنا لجل ان لم نقل كل الرياضيين المتميزين يمكننا التاكيد علي ان حبيبه هي افضلهم علي الاطلاق لانها تجمع فعلا بين المعاناه والصبر والمثابره والتحدي وقوّه الشخصيه والحرفيه والجديه والمسؤوليه.

من صفاقس الي المعهد الرياضي

في محور المحطات المضيئه تؤكد حبيبه ان بدايه المجد انطلقت في صفاقس لما كانت تمارس رياضه كره السله في المعهد قبل ان تشارك صدفه في سباق مدرسي فازت به بسهوله فاقتنع مكتشف مواهبها محمد بن بلقاسم بضروره تحويلها الي العاب القوي وكان المدرب محمد بهلول من اسعد الناس انذاك باحتضانها في فرع العاب القوي بالنادي الصفاقسي كما كان السيد محمد بلغيث من اكثر الناس دعما لها في بداياتها مع النادي الصفاقسي.

ولم تمض سنه علي تلك المحطه الصفاقسيه لتجد حبيبه نفسها امام اول امتحان حقيقي في حياتها والمتمثل في ضروره الاختيار بين ان تبقي بصفاقس مع ابويها وعائلتها وان تتحول الي العاصمه لطرق باب المستوي العالي.

تقول حبيبه: «كنت متاكده في قراره نفسي من انني ساختار الحل الصعب ولكن الاصعب كان اعلان القرار لوالدي.

قلت لهما بان لا خيار لي سوي الالتحاق بالمعهد الرياضي بالمنزه وبانني واثقه من النجاح ووعدتهما بانني ساهدي لهما تتويجي».

وانتقلت حبيبه في الخامسه عشر من عمرها الي المعهد الرياضي بالمنزه لتحقق بعد مشوار طويل وشائك حلمها وحلم والديها.

اصبحت حبيبه في الواحد والثلاثين سنه من عمرها ابرز عداءه في العالم في سباق 3000 م موانع بعد ان فازت بفضيتي بطولتي العالم لدايفو 2011 وبيكين 2015 وفضيه الالعاب الاولمبيه لندن 2012 وتحقيقها سنه 2015 مرتين علي التوالي افضل وقت في العالم في ملتقيي الدوري الماسي Diamond league لموناكو وبروكسال حيث حققت 3د و5ث و39من الاعشار والاكيد انه سيصعب جدا مستقبلا علي ابرز منافساتها بلوغ هذا الرقم.

تقول حبيبه: «لازلت اتذكّر وانا اعلن قرار التحوّل الي تونس نظره والدي اليّ.

كان مغرما كثيرا بالبطل محمد القمودي. كان ينظر اليّ وبمخيلته صوره البطل محمد القمودي وهو يجتاز خط الوصول في الطليعه لسباق 5000م في اولمبياد مكسيكو 1968».

ما كان حلم حبيبه ووالدها ليتحقق وما كان لابنه الشرارده بالقيروان ان تفي بوعدها ازاء ابويها وتهديهما اداء مناسك الجح بعد تتويجها في بيكين، لولا اتخاذها لثاني اصعب قرار في حياتها والمتمثل انذاك في مغادره تونس في اتجاه العاصمه الفرنسيه بحثا عن ظروف افضل لرفع التحدي. كان ذلك سنه 2007.

شاءت الصدف ان يحملها حبّ المغامره الي ناد صغير في ضواحي باريس وهو فرنكوفيل حيث حظيت بكل العنايه والتقدير. واصبحت حبيبه تشارك في كل الملتقيات الفرنسيه.

بلحاج ـ بن حسن ـ الزريبي

نشاط حبيبه مع فرنكونفيل لم يكن يحظي والحقيقه تقال بمتابعه تذكر من قبل جامعه العاب القوي.

من حسن الحظ ان كان احد الزملاء في الصحافه الرياضيه متابعا شرسا لكل رياضيي النخبه خاصه منهم من ينشط خارج الوطن.

يقول شاكر بلحاج: «لقد اكتشفت اكاد اقول صدفه عبر الانترنات ان حبيبه الغريبي حققت خلال ملتقي رسمي للجامعه الفرنسيه وقت 9د و36 ث وكنت اعلم انه وقت كاف للتاهل الي الالعاب الاولمبيه فسارعت الي مكتب السيد شكري بلحسن بالوزاره حيث كان يشغل خطه رئيس مكتب الاعداد الاولمبي ثم طرقنا باب السيد محمد الزريبي المدير العام للرياضه انذاك وادّت المساعي الي تسجيل حبيبه الغريبي ضمن قائمه الوفد الرياضي المشارك في الالعاب الاولمبيه بيكين 2008.

تقول حبيبه بانها تلقت الخبر انذاك بكل فخر بل انها شعرت بنوع من الاخذ بالثار ولكن الاهم بالنسبه لها كان الا تفرّط في فرصه خوض الاولمبياد دوّن البروز وكان لابدّ لها ان تحاط باوفر شروط النجاح ومن بينها ان تعوّل علي تاطير فني من المستوي العالمي.

مره اخري تؤكد حبيبه قوّه شخصيتها: «نعم! فرضت استقدام الروماني كونستنتان نوريسكو للاشراف علي اعدادي للالعاب الاولمبيه بيكين 2008».

للتاريخ لابدّ من التذكير بان نوريسكو كان قد اعلن صراحه قبل مغادرته تونس في المره الاولي سنه 2006 بان حبيبه الغريبي سيكون لها شان كبير في عالم العاب القوي.

عاد نوريسكو واشرف علي تاطير حبيبه الي حدود سنه 2014.

في بيكين 2008 تمكنت حبيبه الغريبي من التاهل الي نهائي سباق الاولمبياد (3000د/ موانع بتوقيت 9د و25ث واصبحت بذلك اول رياضيه تونسيه في تاريخ العاب القوي تشارك في نهائي الالعاب الاولمبيه.

مؤشر واعد لكل من يتابع العاب القوي الا ان ذلك المؤشر لم يحرّك ساكنا في اصحاب القرار لضخ الاموال اللازمه لبطله من طينه خاصه جدّا.

المهم ان واصلت حبيبه مسيرتها لوحدها الي ان خاضت بطوله العالم ببرلين سنه 2009.

كادت حبيبه الغريبي ان تحقق المفاجاه لولا تعثّرها في اخر حاجز ونجحت في الدخول في المركز السادس من النهائي بتوقيت 9د و12ث.

وكان من جمله متتبعي السباق السيد فتحي حشيشه، الرئيس الجديد لجامعه العاب القوي.

عاد حشيشه الي تونس وكلّه عزم علي اقناع اصحاب القرار بضروره وضع الامكانيات اللازمه لمؤازره البطله الواعده.

لنضع حلقه 2010 بين قوسين وسنعود اليها في محور الفترات الصعبه.

بلغت حبيبه اذن محطه بطوله العالم دايفو 2011 بكوريا الجنوبيه.

كنت مع الزميل شاكر بلحاج اتابع نهائي سباق 3000د. ما كنّا نصدّق ان تحلّ في المركز الثاني وتهدي تونس ما بعد الثوره اول ميداليه عالميه.

لحظات تاريخيه عشناها عند مشاهده بطلتنا وهي تقوم بالدوره الشرفيه حامله العلم المفدي.

اوقات لا تمحي من الذاكره قضيناها في الندوه الصحفيه التي تلت السباق.

قالت الفائزه بالسباق الروسيه كلمتين امام ممثلي وسائل الاعلام العالميه وما ان تكلّمت صاحبه المركز الثاني حبيبه الغريبي حتي ابهرت الجميع بتلقائيتها وعفويتها وتحمّسها.

اذكر جيدا حبيبه وهي تقول: «انها ميداليه النضال، ميداليه المراه التونسيه ميداليه الثوره التونس، ميداليه الشعب التونسي».

اذكر جيدا ان الندوه الصحفيه اصبحت مخصصه كليا لحبيبه الغريبي ودامت اكثر من ساعه حيث تناوبت الاذاعات والتلفزات العالميه لتسجل صوت الحريه، صوت الديمقراطيه، صوت المراه التونسيه، صوت حبيبه..

لم يعد هناك اي مجال للشك، حبيبه الغريبي اصبحت فعلا من طينه كبريات العالم والدليل علي ذلك انها اصبحت واعيه اكثر من قبل انها معرّضه للمتاعب والالام وهو الصعود علي منصه التتويج الاولمبيه. وها انها تؤكد بنفسها: «التحدي الاكبر هو ان اصمد امام المغريات العديده للحياه وان اواجه معاناه الغربه وان اكون منضبطه بنسبه مائه بالمائه في الاكل والنوم. يمكن للبعض المقاومه لفتره معينه اما ان تعيش علي هذه الوتيره لمده سنوات متتاليه فذلك هو الصعب الا انني ادرك جيدا انه لا خيار لي فطريق المجد يمرّ عبر الاسلاك الشائكه والتضحيه».

وفعلا بلغت حبيبه المجد في العاب لندن الاولمبيه في صائفه 2012 باحرازها الميداليه الفضيه في سباق تاريخي فازت فيه نفس الروسيه بطله العالم البالغه انذاك 36 سنه من عمرها.

ولئن لم تفز بعد بالمرتبه الاولي لا في نهائي بطوله العالم ولا في نهائي اولمبي فمن المنتظر ان ينصف الاتحاد الدولي لالعاب القوي واللجنه الدوليه الاولمبيه في المستقبل القريب حبيبه الغريبي باسنادها ذهبيتي دايفو 2011 ولندن 2012 بعد انتزاعهما من الروسيه جوليا من اجل تناولها المنشطات في كلتا المناسبتين.

وفي انتظار ذلك تواصل حبيبه الغريبي مسيرتها بكل ثبات رافعه التحدي تلو الاخر.

ان ما يزيد النجاحات التي حققتها حبيبه الغريبي قيمه وجداره هي قطعا المصاعب العديده التي اعترضت مسيرتها والتي جعلتها في كثير من الاحيان وخاصه قبل دايفو 2011 تعزف علي انفراد واثقه في قدراتها عازمه علي تحقيق حلمها وحلم والدها وعلي ادخال البهجه والسعاده في بيوت كل التونسيين.

«نعم! لن انسي انني غادرت تونس اضطرارا سنه 2007 بحثا عن ظروف افضل للتدريب وهو ما يجعلني اقول واكرّر دائما ان الرياضات الفرديه جديره بعنايه اكبر لانني علي يقين من ان الظروف السائده قديما وحاضرا لا تساعد علي تكوين الابطال».

وطبعا لا تنسي حبيبه الغريبي الراحه الاجباريه المطوّله التي سلطت عليها سنه 2010 قبيل مونديال دايفو لما حكم عليها بضروره اجراء عمليه جراحيه شائكه جدّا علي مستوي اصبعي الرجل والمقرّبون من حبيبه يذكرون كيف كانت مصرّه علي اجراء العمليه بالرغم من دقتها وهي في هذا الصدد لا تنكر فضل رئيس الجامعه انذاك فتحي حشيشه الذي بحث عن افضل جرّاح مختص للقيام بالعمليه.

وقضت حبيبه عشره اشهر دون نشاط لم يكن احد متاكدا من عودتها اثرها. ومره اخري تؤكد حبيبه الغريبي قوه شخصيتها ورباطه جاشها لتعود وفي ظرف وجيز جدّا من الباب الكبير في مونديال دايفو.

في مناي عن التجاذبات الانتخابيه

وتذكر حبيبه ان ميدالياتها الاولمبيه التي احرزتها في العاب لندن 2012 تبعتها فتره حرجه جدّا حيث وجدت نفسها مره اخري تعزف لوحدها امام تعاقب المكاتب المؤقته للجامعه حيث عرفت جامعه العاب القوي من 2012 الي 2014 اربعه مكاتب مؤقته لم يتسنّ لاي منها لا فتح ملف العاب القوي بصفه فعليه ولا معالجه ملف تحضيرات حبيبه الغريبي بصفه ناجعه.

والاغرب من ذلك ان بقيت وصيفه بطله العالم وصاحبه الفضيه الاولمبيه دون عقد اهداف الي حدود سنه 2013.

كلها ذكريات... وذكريات سيئه لا محاله في سجل حبيبه الغريبي غير انها كانت بمثابه الدروس التي استخلصت منها البطله العبر من اجل مزيد التضحيه والعزم علي التالق.

الذهب في ريو 2016 وبعد...

تتحدث حبيبه الغريبي لنا عن ميداليتها الفضيه في مونديال بيكين 2015 فتقول: «كان بامكاني الفوز باللقب العالمي وبالرغم من فوزي بالميداليه الفضيه فانني اشعر دائما بخيبه امل لما اتذكّر السباق.

ولكنني سعيده جدّا بالفوز بعد عشره ايام بالدوري الماسي لبروكسال».

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا