برعاية

أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!

أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!

يستكمل"العربي الجديد"تقديم سلسله مقالات (عصير الكره) عن افضل وابرز ما كتب حول اسرار الساحره المستديره وعالم نجومها، نستكمل سويّاً الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان ابراهيموفيتش.

في تلك الرحله، ونحن في الطريق، لم اكن استوعب ما حدث، فكل شيء حدث بسرعه كبيره.. قبل فتره بسيطه كنت فتي المشاكل في فريق الشباب، والان كل شيء يدور حولي.. انطلقت انا وهاس بورغ اولاً الي مركز تدريب نادي آرسنال الانجليزي.. عندما وصلنا، رايت باتريك فييرا وتييري هنري وايضاً دينيس بيركامب.. لكن الشيء الاكبر هو انني رايت أرسين فينغر.. وعندما دخلت الي مكتبه احسست بانني مجرد طفل صغير.. كنت انا ومعي هاس بورغ ووكيل اعمال نسيت اسمه.. فينغر كان يراقبني بنظرات حاده منذ ان دخلت. كان يحاول ان يكتشف شخصيتي مبكراً. انهُ من نوعيه المدربين الذين يحاولون اخذ نظره مبدئيه عن اي لاعب يراه. يحاول ان يكتشف هل هو ثابت عاطفياً، وامور كثيره كهذه.

لم يكن مباشراً، فكان يقف بعض الوقت، ومن ثم يذهب لمشاهده الخارج من النافذه، ثم يعود لمكتبه، لكن بعد ذلك تحدث: "بامكانك ان تذهب هُناك وتجرّب مع اللاعبين، بامكانك ان تحاول"، هذه الكلمات زادت من حماسي فانفجرت: "اعطني حذائين، وساتدرب امامك، ساقوم بكل شيء بالطريقه الصحيحه".. ثم تحدث بورغ: "توقف، اهدا.. هذا الامر سنعمل علي حله، انت لن تتدرب، ابداً".. فهمت ما يقصده بورغ، لانهُ بغض النظر عن رغبتي، مجرد التدرب مع النادي يجعلنا في موقف ضعف، لهذا عدنا لفينغر: "عذراً سيد فينغر.. لكننا لسنا مهتمين بهذا العرض".. دار بعض الحديث عن هذا الامر بعض الوقت، لكنني متاكد بانهُ كان القرار الصحيح في ذلك الحين.

عدت الي معسكر فريقي مالمو.. فجاه ثلاثه اشخاص من اياكس يتابعونني.. مساعد المدرب ايضاً وصل الي المعسكر.. وبورغ اخبرني بان هناك اشخاصاً اخرين قادمين.. كنا سنلعب في اليوم التالي مباراه وديه ضد فريق نرويجي.. ولقد علمت بان مدرب اياكس ادريانز والمدير الرياضي للنادي ليو بينهاكر سيحضران ايضاً.

لم اكن اعرف اي شيء عن ليو بينهاكر، لكن ما ادركته من النظره الاولي هو ان بينهاكر شيء كبير حقاً.. لقد كان يرتدي قبعه كبيره تحت اشعه الشمس ويدخن سيجاراً عريضاً.. كان بشعر ابيض، كان يبدو بانهُ يجمع بين الهدوء والقوه.. كان يشبه في الحقيقه رجال المافيا، وانا احب ذلك.. فهذه هي النوعيات التي نشات معها.. ولم تفاجئني اطلاقاً معلومه انه قد درّب الريال وفاز معه بالثنائيه في ذلك الوقت.

علمت ان ليو بينهاكر كان يحاول مع بورغ ان يخفض سعري، لكن بورغ كان يرفض كل عروضه: "هذا الفتي ليس للبيع".. كانت لعبه ذكيه لكن ايضاً خطيره.. بينهاكر قال: "اذا لم تقل لي سعراً محدداً للاعب، فلن اتي الي لامانجا".. كان ذلك قبل ان ياتي.. وبورغ رد عليه: "هذه مشكلتك، لا تاتي اذاً".. لكن بينهاكر جاء فوراً الي اسبانيا، اول شيء تابعه كان مباراه ضد نادي موس النرويجي.. اتذكر انني لم ارَ ليو بينهاكر في المدرجات عندما بدا اللقاء، كان بالتاكيد في مكان ما في الاعلي لكي يحصل علي منظر افضل في المتابعه.

مع بدايه اللقاء، اتذكر بانني استقبلت كره من اليمين، كانت الرياح قويه وكنت علي مشارف منطقه الجزاء. لم تبدُ تلك الوضعيه خطيره علي مرمي المنافس.. لكن بلمحه سريعه لم افكر فيها كثيراً، استقبلت الكره بلمسه واحده ورفعتها من فوق لاعبين، تجاوزتهم بسرعه ورايت نفسي في موضع مثالي للتسجيل في تلك اللحظه، لكنني تجاوزت مدافعاً اخر، ومن ثم سددتها "علي الطائر" وسجلت. اعتقد ان هذا الهدف موجود علي اليوتيوب، كانت واحده من افضل اللقطات التي قمت بها علي الاطلاق. ركضت فرحاً بالهدف، اصرخ ويداي مرفوعتان.. الصحافيون في الملعب كانوا يعتقدون انني كنت اصرخ: "زلاتان، زلاتان".. لكن هل يعقل ان اردد اسمي؟.. لقد كنت اقول: "Showtime Showtime".

ليو بينهاكر ادرك انه في حال وجود اي كشاف لاي نادي اخر وشاهد ذلك الهدف، فان ما سيحدث هو حرب عروض بين الانديه.. لهذا بينهاكر قرر ان ينهي الامر فوراً.. قفز الي هاس بورغ وطلب منه ان يقابلني: "اريد الاجتماع بذلك الفتي فوراً".

بورغ وافق، وقررنا ان نجتمع في الفندق الذي يسكنه اداريو نادي أياكس.. كان بعيداً بعض الشيء عن المعسكر. دخلت انا وهاس بورغ الي ذلك الفندق، كنت ابتسم، واتذكر انني قلت امامهم بانني اريد ان اقدم كل ما لديّ لكره القدم رغم انها عمل صعب، ثم باغتني ليو بينهاكر قائلاً: "اذا كنت ستتلاعب بي، سارد واتلاعب بك مرتين".. وبالطبع اعجبتني طريقه كلامه. هذا هو نوعي المفضّل حينها في الحديث.. الاجتماع فقط استغرق 15 دقيقه تقريباً.. اتذكر انني عندما عدنا للفندق، لم يحسم كل شيء.. فكما تعملون، هناك مباراه في الملعب، وهناك مباريات اخري في سوق الانتقالات، وانا احب هذه الالعاب، واعرف بعض الخدع فيها ايضاً.. اعلم متي احتاج ان اكون هادئاً، ومتي احتاج لان ابدا الحرب.. لكنني تعلّمت ذلك بالطريقه الصعبه.. في البدايه لم اعرف اي شيء، كنت مجرد فتي يريد لعب كره القدم.. لكن الامور تغيّرت بعد ذلك.. بالنسبه لاياكس، بعد ذلك الاجتماع، لم اسمع اي كلمه عنه لفتره طويله.

عدنا الي مالمو.. الهاتف يرن، لقد كان هاس بورغ.. لم تكن رؤيه رقمه امراً غريباً، لانه يتصل بي دائماً، لكن عندما بدا التحدث، كان مختلفا بعض الشيء:

- "هل انت مشغول الان؟".

- لم اكن قادراً علي ان اقول له انني مشغول بالفعل.. لكنهُ عاد وسالني: "هل انت مستعد؟".

- قلت له: "نعم بالتاكيد.. ماذا تريد؟".

- قال: "يتواجدون هُنا الان، تعال بسرعه الي فندق يورجن، نحن بانتظارك".

انطلقت الي هُناك فوراً، وبالتاكيد كانت ضربات قلبي تتسارع. ركنت سيارتي هُناك وكنت اعلم بان الامور قد حدثت. اتذكر بانني اخبرت بورغ بانني افضّل الانتقال برقم قياسي. اريد ان ادخل التاريخ. اتذكر ان لاعباً سويدياً انتقل للارسنال بـ40 مليون كراون سويدي)، وهناك ايضاً جون كارو من النرويج انتقل لفالنسيا بـ70 مليون كراون، كنت اريد تحطيم الارقام الاسكندنافيه.

هاس بورغ كان متوتراً جداً.. الادرينالين مسيطر علي جسمه.. لكنهُ اظهر الهدوء وقال: "اهلا زلاتان، هل تري؟ لم يكن بامكاننا الحديث عن هذا الامر حتي قدومك، هل تريد الانتقال لاياكس؟ انهم يريدونك". كنت متحمساً وقلت: "بالتاكيد، اياكس مدرسه رائعه". الجميع ابتسم حينها.. لكن رغم ذلك شعرت بان هناك شيئاً غريباً يجري. بينهاكر غادر مع محاسبه المالي قبلنا، ومن ثم بقيت انا وبورغ وحدنا، تساءلت.. ما الذي يجري يا هاس؟ بورغ كان يخفي ابتسامه كبيره، ومعه الكثير من الاوراق، اعطاني اياها.

قرات الاوراق، وكان مكتوبا فيها انني ساستلم 160 الفاً في الشهر..  كان مالاً كثيراً، لكنني لم اعلم هل هذا جيد بالنظر الي السوق؟

لم اكن مقتنعاً.. كان هناك احساس لديّ بان هذا الشعور بالغرابه لم ياتِ من فراغ. كنت اعتقد ان بورغ صديق وملهم. كان بمثابه الاب الاخر. لم اكن اعرف بانهُ كان يفكر في شيء واحد فقط: توفير اكبر مبلغ للنادي من الصفقه.. بالتاكيد استغرقت وقتاً طويلاً لاعرف السبب الذي جعلني اشعر بالغرابه في غرفه الاجتماعات. كنت متاكداً من ان الاشخاص الاضافيين في تلك الغرفه كان لهم دخل في القضيه.

ادركت ما حدث: ناديا اياكس ومالمو لم يتفقا علي سعر محدد لي، وسبب استدعائي الي غرفه الاجتماعات تلك كان من اجل تحديد مرتبي ووضع توقيعي عليه، ومن ثم استئناف المفاوضات مع وضوح اكبر، لانهُ، وكما تعرفون، اذا تمكنت من جعل اللاعب يوقع علي المرتب الاقل في الفريق، فانك سوف تتمكن من الحصول علي قيمه اجماليه اكبر لصفقه الانتقال. بكل بساطه.. لقد تم استغلالي في تلك المفاوضات، لكنني لم اكن اعرف حينها، كنت قد نزلت في اللوبي وانا في فرح عارم وبهجه لا حدود لها.. لكن اتذكر انني كنت جيداً في ابقاء فمي مغلقاً.. لم اخبر اي شخص سوي والدي.. وبحكمته كان والدي حذراً، ولم يكن يثق بالناس.. لكن بالنسبه لي، جعلت الامر يمضي بدون تفكير.

كنت اشعر بانني امشي علي الغيوم.. ذهبت حينها الي بورغ وسالته: "ما هي قيمه انتقالي؟".. فكانت الاجابه التي لن انساها طوال حياتي.

كان يجب عليه ان يعيد مراراً وتكراراً قبل ان افهم واستوعب ما قالهُ لي.. في المره الاولي كان يقولها رقمياً ولم افهم.. لكنهُ اراني الرقم علي تلك الورقه: وبالفعل صُدمت وذُهلت.. كان امراً لم اتوقعه علي الاطلاق.. كانت القيمه 85 مليوناً (بالعمله السويديه).. والشيء الاهم من ذلك، هو انه لم يكن هناك اي لاعب اسكندنافي قد انتقل بقيمه اكبر تاريخياً.. لقد تجاوزت رقم هنريك لارسون وجون كارو.. كان امراً عظيماً.. لكنني بعد تفكير بسيط.. ادركت ان هذا سيشكل ضغطاً كبيراً عليّ.

في اليوم التالي، اشتريت الصحف وبدات اقرا: كان الامر جنونياً لان كل الصحف كانت تتحدث عني انهُ فتي الاموال، زلاتان الرائع، زلاتان المميّز، والي ما هنالك من هذه الامور الجميله.. كنت اقرا واستمتع بالامر.. كانت مثل هذه الامور تعجبني.. اتذكر عندما كنت في بوراس ذهبت مع بعض زملائي الي مقهي قريب لنحظي بالصودا.. جاءت مجموعه من الفتيات بالعمر نفسه تقريباً، واحداهن قالت بخجل: "هل انت فتي الـ85 مليوناً؟".. كيف بامكانك ان تجيب عن هذا السؤال حقاً؟ قلت لها: "نعم بكل تاكيد، هو انا".. وهاتفي بعد ذلك لم يهدا اطلاقاً.

اقرا ايضاً: انا زلاتان(1).. . غوارديولا اشتري فيراري واستعملها كـ"فيات"!

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا