برعاية

أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي

أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسله مقالات (عصير الكره) عن افضل وابرز ما كتب حول اسرار الساحره المستديره وعالم نجومها، ونستكمل معاً الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان ابراهيموفيتش.

البيت كان خاليا، والاهم الثلاجه كانت خاليه دائما.. كنت اخرج العب كره القدم واسرق الدراجات.. واعود متعبا وجائعا كالذئب، وقبل ان افتح الثلاجه اقول: ارجوك، ارجوك، اريد ولو شيئا بسيطا بداخلك.. لكن لا.. افتحها ولا اجد شيئا.. وعندما اجد شيئا، اجد اشياء معتاده: حليبا، زبده خبزا.. وفي احسن الاحوال عصيرا موضوعا في حاويات عربيه، لانها كانت الارخص.. بالاضافه الي البيره بكل تاكيد.. كارلسبيرغ.. وفي احيان كثيره لا اجد في الثلاجه سوي البيره فقط.. كان هناك الم بداخلي من تلك المرحله لن انساه.. اسالوا هيلينا، فانا اخبرها عن ذلك دائما.

والدي كان متقلبا معي بسبب الشراب، كان يشرب كثيرا والبيره كانت متواجده في كل مكان في البيت، في بعض الاحيان اعرف انهُ من غير المجدي الطلب منه، خاصه عندما يشرب، واحيانا يكون كريما ويمنحني بعض النقود.. كنت اشتري علبه لبان، ويمنحوني معها ثلاث صور للاعبين كبار.. كنت اتحمس: اووه ساحصل علي صوره من، مارادونا؟.. لكن يخيب املي غالبا.. خاصه اذا ما حصلت علي صور نجوم مملين من السويد لا اعرف عنهم شيئا.

في مرحله ما فقدت صبري وبدات الشجار مع ابي حول وضعيته: "ابي، انت تشرب كثيرا.. كانت تحدث مشاجرات كبيره جدا، وكان الصراخ يتعالي من البيت عندما يشرب، كان يهددني اذا تكلمت: "ساطردك من البيت".. لكنني لم اتوقف عن الجدال معه لانني اردت ان اظهر ان بامكاني ان اتحدث عن نفسي.. كان يشتمني، لكنهُ لم يضربني ابدا ابدا.. حسنا، مره وحيده رفعني لمسافه قدمين في الهواء ومن ثم اطاح بي علي السرير بسبب سانيلا اختي.. لكنهُ رغم كل ذلك، وبعد ان كبرت ادركتُ انهُ الشخص الالطف في العالم، اخي كان يقول لي: "والدي يشرب لكي يتجاوز احزانه".. وعلي الرغم من ان هذا لا يخبر الحقيقه الكامله، الا ان والدي عاني كثيرا من الحرب.

الحرب! لم افهمها.. لم اكن اعرف شيئا عنها.. والدي كان منخرطا فيها.. فجاه اري والدتي تلبس الاسود حزنا، ومن ثم بعض العلامات التي لا افهمها.. جدتي ماتت بانفجار قنبله في كرواتيا، وكان هناك نعي كبير لها.. بالنسبه لي، لم يكن يزعجني ما يحدث لانني لم افرق بين الصرب وبين الكروات وبين البقيه.. لكن المشكله الكبري كانت لوالدي.

والدي جاء من بيليينا من البوسنه وحصل علي عمل هنا، لكنهُ ترك اصدقاءه وعائلتهُ هناك في البوسنه، بعد ذلك قام الصرب باعدامات واغتصاب في مدينه بيليينا باكملها، قتلوا واعدموا الكثير من المُسلمين هُناك.. ولا عجب ان والدي اطلق علي نفسه لقب مسلم مره اخري.. لقد قتلوا الكثير من اصدقائه واهله، واستولوا علي بيوتهم هناك، وتحديدا سلبوا مستودعا خاصا لوالد ابي.. فهمت ان والدي لم يكن لديه الكثير من الوقت لاجلي، كان هناك دائما امام التلفاز يتابع الاخبار.. يغلق الابواب ويعاقر الشراب.. كنت اعيش عالمين مختلفين، عند ابي، الابواب مغلقه وانا وهو فقط، مع امي كنت اعيش في فوضي، اناس قادمون وخارجون.. خاصه بعدما انتقلت للعيش في الطابق الخامس مع عمتي هانيفا وانا وسانيلا وكيكي.

اتذكر انهُ في احدي المرات، كنا نعتقد ان امي قد تجاوزت هذه المشاكل، كنت هناك معها احتفل بعيد ميلادي، ولقد قامت بشراء هديه لي.. واثناء ذلك الاحتفال، اردت الذهاب الي الحمام في شقتها الخاصه.. اوقفتني فجاه ومنعتني وبدات بالبكاء.. ادركت ان هناك شيئا ما وانها كانت تخبئ المخدرات في الحمام.. استمرت تلك المشاكل.. وكنت دائما اقول لنفسي: لديهم مشاكلهم، ولدي اشيائي: كره القدم، دراجاتي، واحلامي بـ محمد علي كلاي، وبروس لي.

والدي كان لديه اخ اكبر منه يدعي صباح الدين، كان في يوغوسلافيا حينها.. كان ملاكما، كان موهوبا حقا وكان يشكل املا كبيرا للعائله لانه في ذلك الوقت كان قد حصل علي بطوله يوغوسلافيا مع فريقه الخاص.. لكن فجاه بعدما تزوج وهو بعمر الـ 23 عاما ذهب ليسبح في نهر نيريتفا، حصلت له بعض المشاكل في القلب وغرق.. تخيلوا حجم الصدمه لعائله ابي ولابي نفسه.. الذي تاثر كثيرا في الامر.. لكنه اصبح اكثر تحررا بعد ذلك، واتذكر ان والدي كان يقتني جميع العاب الفيديو وبعض الاشرطه لـ بروسلي ومحمد علي وتايسون وايضا جاكي شان.

كان عمري 20 سنه عندما شاهدت اول فيلم سويدي، لم نكن نشاهد التلفاز السويدي، ولم اكن اعرف عن الابطال السويديين ابداً.. خاصه الابطال الرياضيين، لكن بالنسبه لبطل مثل محمد علي كلاي: اووه نعم .. يا لهُ من اسطوره.. لم يكن يهتم لما يقال عنه، لم يكن يعتذر، كان بطلا كبيرا بالنسبه لي واعتقد انني قررت ان اقلده.

عدت الي الركض والتحرك في كل مكان، كان هناك شيء يحترق في داخلي، وابي كان يحذرني باسلوب غير لطيف، تعلمت الكثير من التضحيه.. اتذكر ان ابي ذهب بي الي ايكيا لكي يشتري لي سريرا جديدا صغير.. بعدما اشتراه لم يكن يملك المال لتوصيله للمنزل.. كان مبلغا بسيطا لكن لم يكن يملكه.. لهذا قرر ان يضع السرير علي ظهري! انطلقنا طوال تلك المسافه حتي وصلنا وهو يساعدني علي ذلك الامر.. كان لديه هذا الاسلوب الغريب.. كان يلبس احيانا ملابس رعاه البقر وياتي الي اجتماع الاباء في المدرسه.. كان الجميع يلاحظه: من هذا؟ كان يخيفهم.. خاصه المدرسين الذين لم تكن لديهم الجراه لمعاقبتي بسببه.

 بعد كل هذا.. ربما يسالني شخص ما: ما الذي كنت ستفعله لو لم تصبح لاعب كره قدم؟ لا اعلم في الحقيقه.. ربما كنت ساكون مجرما! نعم.. في ذلك الوقت كانت الجريمه تحيط بنا اكثر من اي شيء اخر.. كنت اسرق، واكثر ما كان يسرني ان والدي لم يكن يعلم بذلك الامر.. كان يشرب نعم لكن لديه بعض الخطوط الحمراء: يجب علي الرجل الا يفعل الاشياء السيئه ومنها السرقه.. كان سيقتلني لو علم بانني احترفت السرقه حتي.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا