برعاية

الكرة السعودية.. عندما تتقاذفها أقدام المحبطين وأقلام المتعصبين إلى المجهول!!

الكرة السعودية.. عندما تتقاذفها أقدام المحبطين وأقلام المتعصبين إلى المجهول!!

من الغريب ان يغضب الشارع الرياضي السعودي بعد الخروج من نهائيات كأس آسيا 2015، حتي يعتبر الامر غير مالوف، بينما الواقع يقول: (ما العمل المفيد علي ارض الواقع الذي رايناه حتي يصاب فجاه بالاحباط وخيبه الامل ولوم الحظ العاثر وتحميل المسؤوليه لطرف معين؟)، اهات واحباطات وانكسارات وتبادل تُهم وملاسنات والكل يضع نفسه (ابو العريف)، تشكيل لجان وتبادل كراسي واقالات مدربين وتغيير اداريين وتبديل اعضاء منذ (ثمانيه المانيا الشهيره) في مونديال كوريا واليابان 2002 مروراً بنهائيات اسيا 2004 بالصين، وبطولات ومشاركات لا تعد ولا تحصي والسيناريو يتكرر والاعذار حاضره والوعود تتجدد وفق تجدد الظروف والمكان والزمان وعلي الرغم من ذلك لم يات الطبيب الامين المختص والجراح الماهر الذي يستاصل داء الكره السعوديه ويعيد الحياه الي شرايينها وضخ الدم النقي الي جسمها المنهك بالعلل، عشرات الاعوام والشارع الرياضي الغيور علي الكره الخضراء يُستغفل بالمسكنات والابر حتي اصابه التبلّد من الفشل، كل ما اشرقت شمس التفاؤل في محيطه واقترب موسم حصاد النتائج جاءت غيوم الاخفاقات والازمات لتحجبها، وتميط اللثام عن واقع جديد اسوا من الذي قبله يضاعف من الالام والحسره واليقين بصعوبه العلاج.

يتبدل الاشخاص ويتم تبادل المراكز والمسؤوليه ولكن لا يتغير الفكر والحال نحو الافضل، الكل يفتي ويعلن انه هو الطبيب المتمكن والرجل الخبير المؤهل في التصدي للعلل، وتقديم رياضه محترفه وكره متطوره فيقع بما وقع فيه سلفه واشد سوءاً فتصرخ الرياضه من شده المها ومعاناتها وضياعها ومسخ شخصيتها وتضييع هويتها، ظننا ان العله بالانديه فقط واذ بالاتحاد السعودي متعبًا هو الاخر بالكثير من العلل فينطبق عليه المثل (جيتك ياعبدالمعين تعين طلعت ياعبدالمعين تنعان)!

لن يتغير الحال والرياضه تدار بعقليه الهواه في زمن الاحتراف وضروره تحويلها الي استثمار وصناعه تدر الملايين حتي تشق طريقها الي الواقع المنشود والنتائج المرجوه والغايات المنتظره، هنا لوائح وهناك انظمه، ولكن الفارق انهم هنا (حبر علي ورق) وهناك ونعني الدول المحترفه تطبق النظام بحذافيره، لا يمكن للمسؤول ان يعد اكثر من ان يخلف ولا للاعب ان ياخذ اكثر مما يعطي، ولا يمكن للاداري ان يصرح ويتصدر وسائل الاعلام اكثر مما ينتج، وليس بمقدور المدرب ان يوقع عقده بملايين الدولارات اكثر من ان يضع بصمته الايجابيه ودوره المؤثر وعمله الراسخ في اذهان الاجيال وعشاق عالم المستديره، هنا محترفون بلا فكر وتطبيق، وهناك عقول تدير اللعبه وفق اصولها وقواعدها وانظمتها والطرق الصحيحه التي تمكن من يعمل لبلوغ النجاح، والمتكاسل من الجلوس في المدرج.

هنا في الوسط الرياضي يوجد اكثر من 27 مليون شخص؛ الكل منهم خبير والكل منهم محلل رياضي والكل منهم مدرب، تنظيرات ليس لها اول ولا اخر، لذلك لن تنجح الرياضه ومن يدير العمل في جل الوسط الرياضي هم (الاخوياء) ونعني بذلك الذين لا ياتون للعمل في الانديه او اللجان او الاتحادات عن جداره ولكن حسب العلاقات والميول، وقربهم من المسؤول ودرجه التاثير عليه، في اول الليل ضيوف علي البرامج وفي اخره تجدهم ضمن "جلسه الانس" لدي سعاده الرئيس فلا تدري مَنْ العاقل ومَنْ المجنون؟، ومن المصيب ومن المخطئ؟، عقليات تدعي المثاليه والحياد والتمتع بالفكر الاحترافي فتجدهم عقولاً فارغه، قليلا من ذره الحياد والادب والمثاليات لايتمتعون بها، برامج "تعج" بالمترديه والنطيحه ومقالات تزدحم بتواقيع ارباب التعصب فتضطر للسؤال (مَنْ يدير مَنْ.. ومَنْ ينصح مَنْ؟)، والكارثه ان الراي العام يتاثر بهم ليس لانهم اكفاء ويقولون الحقيقه ويتحدثون بالواقع ولكن لان الميول مشتركه والغايات متطابقه، منذ متي ونحن نسمع ان الحكم يعلن عن ميوله والاعلامي يجاهر بتعصبه والعضو يطوع عمله الذي يفترض ان يكون للجميع لمصلحه ميوله لو ان هناك مسؤول صارم ، حدث هذا الشيء عندما تُرك الحبل علي الغارب واصبح المجنون هو من يوجه العقلاء بل يتطاول عليهم ويقزمهم ويرميهم باسوا التهم، لا عليه من النظام ولا تهمه العقوبات ولاتعنيه مصلحه البلد ولاتردعه اخلاقيات المهنه، المهم ان يكون ناديه في المقدمه، اما منتخبات الوطن فبالنسبه له (في خبر كان) وسعادته الكبيره تكمن عندما يفوز فريقه ويخسر المنافس!

انتخابات الفزعات بحاجه الي فزعه!

لماذا اصبح يحدث هذا الشيء؟ .. لان اصحاب الحل والربط والقرار في الوسط الرياضي لم يعد لديهم قدره علي بسط نفوذهم، اتحاد الكره غارق في مشاكله، فحتي يتصدي للعبث الذي يخرج من الانديه واللاعبين والاداريين عليه، اولا ان يتصدي للعبث الذي يحدث داخل لجانه وفي اروقه المنتخبات الوطنيه، تصوروا من يشرف اداريا علي احد المنتخبات وضمن اعضاء الاتحاد تم شطبه قبل فتره بسبب تجاوزاته الخطيره.. كيف وصل هذا ومن اوصله لولا ان (الدرعي ترعي)، وهل كل من تجاوز الانظمه وضرب بها عرض الحائط تخول له الانتخابات ان يكون صاحب قرار وفي منزله مربيّ الاجيال؟ هذا لا يمكن حدوثه الا لدينا والسبب المجاملات المكشوفه والتكتلات التي لا تستهدف اصلاح الخلل ورسم سياسه وتحديد مسار وخطط بعيده الامد ولكنها تكتلات مبنيه علي مصالح شخصيه وميول مشتركه؛ لذلك جاءت "الفزعات" في الانتخابات فضاع كل شيء وسقط الفازع والمستفزع وخاب امل من كان ينتظر، لذلك من الطبيعي ان يكون هناك "لوبي" في كل لجنه واتحاد ليس توافقا علي رسم الخطط والانسجام نحو معانقه واقع رياضي مختلف ومتقدم ولكن لان عقلياتهم وتصوراتهم بنوها مسبقا ان الفتره محدوده والعمل (في الاساس غير مؤسساتي) فالكل يقول (اكمل مهمتي) ثم اغادر بغنيمتي .. ولكن بعد ماذا؟.. بعدما ينهار سقف الطموح ويتم تدمير المكتسبات التي من المفترض الحفاظ عليها.

قبل ان نقرا فكر اللاعب ونطالبه بان يكون محترفاً في كل شيء، هل عرفنا بماذا يفكر المسؤول وماهي الخطط التي من الممكن ان ينفذها علي مراحل محدده بالاعوام والتواريخ؟ المسؤول نفسه لا يطبق النظام فكيف تطلب من اللاعب ان يكون ملتزماً في اوقات التدريبات والاكل والنوم وحتي في لباسه، مع الاسف ان الاحتراف زُرع في ذهن اللاعبين "ثقافه الملايين"، ومجرد ان يصل الفريق الاول واحيانا قبل وصوله تستقبله العقود الخياليه، والرضوخ لمطالبه فالذي يستحق نصف مليون ريال تجده يقفز بارقامه الي عشرات الملايين التي لا يقابلها اي مردود علي المستوي الفني والنتائج، والمصيبه ان الانديه توافق علي هذه الارقام وهي تعاني من الديون والشكاوي والازمات الماليه وبعضها ربما لا يجد قيمه معسكر لمده اسبوع في احدي الدول المجاوره خشيه ان يخطفه النادي المنافس وهنا ياتي تضخم العقود بلا فائده، هل هذا احتراف يُرجي منه تطوير فكر ومستوي اللاعب وفق ضوابط صارمه، هذا مشروع تدمير وليس مشروع تطوير، لان هذه الملايين تستنزف اولا خزائن الانديه فضلا عن كونها لم تُصرف نحو هدف يستحق وفوق ذلك تجعل اللاعب السعودي الذي يفتقد لاساسيات كره القدم واصولها حتي وهو يقترب من نهايه مشواره الرياضي يُصاب بالغرور فيتمرد علي ناديه والمنتخب ويتكبر علي الاعلام ويعيش احلاماً لا يمكن ان تؤهله للاحتراف في احد انديه الدول المجاوره التي تتسابق انديتنا لجلب لاعبيها والاحتراف هنا.

عشرات الاعوام والاتحاد السعودي يطبق الاحتراف والنتيجه ماذا؟ .. لا الاتحاد طور نفسه وطبق انظمته ولا اللاعب اهتم بما يجعله يطمح الي الاحتراف في اوروبا والدول المتقدمه، والمضحك ان مئات المدربين الاجانب قدموا الي الدوري السعودي والكل منهم يؤكد ان اللاعب السعودي غير محترف ويفتقد لاساسيات كره القدم، ماذا يعني هذا؟.. يعني ان التعاقد مع هؤلاء مجرد عقد لفتره معينه وقد لا يكملها بسبب خساره نتيجه مباراه مع فريق منافس بغلطه حكم او خطا لاعب، هنا التخصص الفني غائب بمعني انه لا يوجد خبراء في الانديه والمنتخبات يقيمون العمل الفني بدلا من تفرد الرئيس وقناعات الاداري ورده فعل الجماهير والاعلام، حتي المدربين الاجانب عرفوا "اللعبه" فهم لا يابهون بالطريقه التي سيؤدون بها العمل، لا يمكن ان يرسمون خططاً بعيده الامد لعملهم اولا لان مستقبلهم علي كف عفريت..

هذه المعاناه تشكل حجر عثره في طريق الرياضه السعوديه، واذا ما استمرت علي هذا النهج ستمر بما مرت به جارتها الرياضه الكويتيه، وسياتي اليوم الذي لا نجد فيه القدره علي المنافسه الا مع الجيران، علي الرغم ان الكثير منهم يخطط ويتقدم.

العقوبات لا تطبق وفق حجم الخطا ولكنها حسب لون الفريق وقدرته وتاثيره علي اللجان وتغلله داخل اروقتها، الاتحاد نفسه ربما لا يفرض كلمته علي لجانه، لذلك من الطبيعي ان يكون الانفلات الرياضي في الداخل والاخفاق والفشل الذريع في الخارج والاحتقان الاعلامي والجماهيري والسبب وجود اتحاد ضعيف ولجان تحتضن بعض المشجعين..

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا