رسالتي إلى الرئيس العام: تحويل رؤية القيادة إلى واقع ملموس
تلقي الوسط الرياضي قبيل شهر رمضان خبر تعيين الامير عبدالله بن مساعد رئيساً عاماً لرعايه الشباب، ليكون خلفاً لاخيه الامير نواف بن فيصل بن فهد الذي شغل هذا المنصب الوزاري علي مدي اربعه عشر عاماً بذل فيها الجهد لخدمه شباب الوطن داخلياً وتمثيلهم خارجياً. وفي هذا المقام نرفع الشكر الجزيل للرئيس العام "السلف" ونبارك بالثقه الملكيه الغاليه للرئيس العام "الخلف".
ومن باب الامانه والولاء للوطن وشبابه ورياضته، وكاحد المتابعين للرياضه السعوديه داخلياً وخارجياً من خلال العمل في الاتحادات والهيئات واللجان السعوديه والاسيويه والدوليه، اجد من واجبي ان اكتب رؤيتي للرئيس العام كمساهمه صغيره في الحوار الهادف للصالح العام، ولذلك اختصر حديثي في النقاط التاليه:
اولاً: الوضع الحالي: تحتل الرياضه السعوديه ولله الحمد مكانه مميزه بفضل الدعم اللامحدود من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله)، ولعل الهبات الملكيه المتتاليه للرياضه والشباب تمثل صوره واضحه لوقفات "ابو متعب" مع شباب الوطن، كان اخرها الامر ببناء احد عشر ملعباً نموذجياً في مختلف مناطق المملكه.
عليه ينتظر من الرئيس العام لرعايه الشباب ان يحقق رؤيه القياده بتحويل هذا الدعم وتلك المشروعات الي واقع ملموس يشعر به الشباب الممارسين للرياضه والمتابعين لها، مع اليقين بان الادوات المتوفره الان قد لا تكفي لتحقيق متطلبات العصر، حيث ان شباب اليوم يختلف كلياً عن شباب الامس من خلال الرؤيه والتطلعات ووسائل التواصل وتلقي المعرفه، فاصبح شبابنا يطالب بملاعب ومسابقات وانشطه وخدمات تحاكي مثيلاتها في اوروبا وشرق اسيا وجميع الدول المتقدمه رياضياً لقناعتهم بان المملكه العربية السعودية هي الاغني والاقدر علي اختصار الزمن متي توفرت الاراده والادوات المنفّذه للرؤيه العصريه.
لقد اعجبني "الرئيس العام" وهو يعطي نفسه مهله ثلاثه اشهر لدراسه واقع الرئاسة العامة لرعاية الشباب وتشخيص حاله المؤسسات الرياضيه قبل ان يستخرج ادواته ويبدا عمليه التطوير التي من اجلها منح الثقه الملكيه الغاليه، ولعل في ذلك مدخل للنقطه الثانيه:
ثانياً: المستقبل القريب: حيث انك ـ يا الرئيس العام ـ اكثر الناس خبره بالخطط القصيره والمتوسطه والطويله الاجل، فانني ابدا بمتطلبات المرحله القريبه واعني بها السنتين الاولي والثانيه من توليكم هذا المنصب القيادي الهام، ويقيني ان الاستثمار في الكوادر البشريه هو حجر الزاويه في المنظومه الرياضيه في اي مكان بالعالم، مع ضروره توفير البيئه الرياضيه المناسبه لتطوير تلك الكوادر وتطوّر الرياضه معها.
عليه، فالانطلاقه ستبدا من السعي لتحويل الرئاسه العامه لرعايه الشباب الي "وزاره الشباب والرياضه"، فقد كنت ومازلت وساستمر اكثر المطالبين بهذا التغيير الهام الذي يعطي للرياضه بعداً رسمياً يماثل الدول المتقدمه من ناحيه، ويمنح معالي الوزير فرصه الدفاع عن مطالب الشباب كل اسبوع في مجلس الوزراء، وسيحسب للرئيس العام انجاز يحفظه التاريخ اذا تم تحويل الرئاسه الي وزاره في عهد الامير عبدالله بن مساعد.
يتبع ذلك ضروره دراسه الهيكل الاداري الحالي الذي كان في السنوات الاخيره مفتقداً لمنصب "نائب الرئيس العام" مما تسبب في فراغ اداري كلما سافر "الرئيس العام"، ولعلي اقترح ان يكون لقطاع الشباب والرياضه نائبان للرئيس، احدهما "نائب الرئيس العام لشؤون الشباب" والاخر "نائب الرئيس العام لشئون الرياضه"، دون ان يؤثر ذلك علي بقيه الهيكل الاداري الذي يشمل الوكلاء والوكلاء المساعدين، مع ضروره اعاده النظر في تخصصات وصلاحيات كل وكيل وفق متطلبات المرحله الحاليه التي تستوجب استقلال الاتحادات الرياضيه تحت مظله اللجنه الاولمبيه السعوديه وايجاد صيغه واضحه لطبيعه العلاقه بينها وبين الرئاسه العامه لرعايه الشباب.
ومن المؤكد ان استقاله الامير "نواف بن فيصل" من جميع المناصب الدوليه يشكل خساره للثقل السعودي الدولي، وعليه يفترض تقييم تلك المناصب واهميتها لاتخاذ القرار المناسب حيالها، ولعل "عضويه اللجنه الاولمبيه الدوليه" هو المنصب الذي ينبغي السعي للحفاظ عليه من خلال عمل سريع ومكثف مع اختيار البديل المثالي وحشد الجهود لضمان بقاء هذا المنصب القيادي الهام، ثم بعد ذلك ياتي التفكير في رئاسه الاتحادين الاسلامي والعربي لكره القدم واللجان الاولمبيه الاسلاميه والعربيه.
كما اقترح في هذه المرحله من بدايات عمل "الرئيس العام" تمكين شركه عالميه مثل "ديلويت" او "كي بي ام جي" او غيرهما من الدخول الي اعماق عمل المؤسسات الرياضيه من خلال القيام بالتنظيم الاداري والمالي وتقديم تقارير دوريه واخري سنويه اسوه بالمنظمات الرياضيه العالميه التي تفتخر بتقديم حساباتها للعالم للدلاله علي الشفافيه والاحترافيه والعمل المنظم، ويقيني ان الشركه العالميه ستقدم المشوره المطلوبه والصحيحه لتطوير المنظومه الرياضيه من الكوادر والهيئات والانديه والمسابقات والممارسين والمتابعين وغيرهم دون الحاجه الي اعاده اختراع العجله فالتجارب العالميه الناجحه قابله للتطبيق والنجاح في كل مكان متي توفرت الاراده وتم تسخير الامكانات.
ثالثاً: المستقبل البعيد: واعني به فتره العشر سنوات القادمه، حيث يفترض ان تظهر بصمات الرئيس العام علي كافه مفاصل المنظومه الرياضيه بمؤسساتها واتحاداتها وانديتها ومنشاتها وكل ما يتعلق بها، ولذلك اري من واجبي التفصيل في الحديث عن متطلبات خطه السنوات العشر والتي تتضمن الكثير من المحطات الهامه في مسيره الرياضه السعوديه علي كافه الاصعده التي ساختصرها علي الرئاسه واللجنه الاولمبيه واتحاد كره القدم:
الرئاسه العامه لرعايه الشباب: تتمحور الحاجه فيها للكوادر البشريه والمنشات، وقد تم ابتعاث اكثر من ثلاثين شاباً من منسوبي الرئاسه للدراسه بالجامعات العالميه، وهؤلاء يمثلون نواه جيده لتجديد الدماء وتطوير الاداء اذا تم الاشراف عليهم اثناء فتره الدراسه وتوجيه تخصصاتهم حسب احتياجات الرئاسه بحيث تكون مواقع العمل مجهزه لهم فور عودتهم بالشهادات باذن الله، كما ينبغي استثمار "معهد اعداد القاده" في اقامه الدورات الداخليه لكثير من الموظفين في الجوانب التي يحتاجونها، مع ربط العلاوات والترقيات بالنقاط التي يحصل عليها الموظف من حضور تلك الدورات، بحيث تكون الافضليه دائماً للموظف الذي يسعي لتطوير نفسه وقدراته ليكون عنصراً افضل واكثر فاعليه.
اما فيما يخص المنشات فتكون البدايه من مكرمه خادم الحرمين الشريفين ببناء احد عشر استاداً رياضياً والتي اتمني ان تكون بلا مضامير حتي نضمن متعه الحضور الجماهيري، وسيكون حلّ معضله المنشات الرياضيه باضافه صاله العاب رياضيه متعدده الاغراض بجوار الاستاد يتم استثمارها بالطريقه المناسبه، ويقيني ان الرئيس العام هو ادري الناس بشؤون الاستثمار، ولعل الحلم ان تحاكي صالاتنا الرياضيه تجربه "مادسن سكوير قاردن"، بحيث تتولي تلك الصالات الصرف علي نفسها من مداخيل الانشطه المقامه فيها.
اللجنه الاولمبيه السعوديه: وهي المظله المشرفه علي جميع الاتحادات الرياضيه مما يزيد من اهميه العمل المنظم وفق خطط دقيقه لانعاش تلك اللجنه التي مازالت تبحث عن ميداليتها الاولمبيه الذهبيه الاولي، وسيكون العمل من القاعده هو الاساس لصناعه البطل الاولمبي مع ضروره تقييم الاتحادات وتصنيفها الي فئات حسب العطاء والمنجزات، وبناء عليه يتم تحديد الميزانيه الممنوحه لكل اتحاد ثم يعاد التقييم نهايه كل عام واعلانه لزياده المنافسه بينها داخلياً وخارجياً، مع العمل الجاد علي استضافه الفعاليات والمسابقات والدورات الاولمبيه الاقليميه الخليجيه والعربيه والغرب اسيويه والاسيويه والاسلاميه وغيرها.
وياتي التمثيل الخارجي للرياضه السعوديه مطلباً ملحاً ينبغي العمل علي تحقيقه، فلا يوجد سعودي واحد يراس اي اتحاد اسيوي في اي لعبه، بينما تفتخر دول خليجيه مجاوره بان في تاريخها اكثر من عشره رؤساء لاتحادات قاريه في العاب مختلفه تاتي في مقدمتها كره القدم، ولعل السعوديه مؤهله لرئاسه الاتحاد الاسيوي بالالعاب التي نتفوق بها مثل الكاراتيه والفروسيه والعاب القوي، والسعي للفوز بمناصب قياديه بالاتحادات القاريه يحتاج خلطه سياسيه ـ رياضيه مع عمل منظم يمكن تسليمه لجهات متخصصه او التعلم من تجارب الجوار.
كلنا يعلم ان كره القدم هي اللعبه الشعبيه الاولي بالمنطقه، وان نجاح العمل الرياضي السعودي مرتبط ـ شئنا ام ابينا ـ بنجاح كره القدم السعوديه علي مستوي المنتخبات والانديه، وقد كنا نتمني استضافه كاس اسيا 2019 ولكن تاخر بعض الجهات الحكوميه عن تقديم الضمانات المطلوبه حال دون اكمال الملف السعودي وما زال في الامل بقيه ان رغب الرئيس العام في انقاذ الفكره، والا فعلينا ان نلعب دوراً رئيساً في التعاون مع الاشقاء بالاتحاد الاماراتي لمساعدتهم علي الفوز بالاستضافه ليكون للاتحاد السعودي دوره القيادي والريادي في المنطقه، مع ضروره التخطيط لتنظيم العديد من الفعاليات المرتبطه بكره القدم علي الاراضي السعوديه سواء البطولات او المؤتمرات او المعارض وغيرها.
ومن المفرح ان يكون الرئيس العام من المتخصصين في الاستثمار الرياضي والعارفين بتنميه الموارد التي ياتي في مقدمتها النقل التلفزيوني الذي يمثل حجر الزاويه في بناء الاستثمار الرياضي في جميع الدول المتقدمه رياضياً، ولعلنا لا نفتي ومالك في المدينه ولكن نذكّر بضروره تقسيم حقوق النقل التلفزيوني الي حزم مثلما تفعل الدول المتقدمه والناجحه في جعل حقوق النقل حجر الزاويه في بناء الاستثمار وتنميه موارد الاتحاد والرابطه والانديه، ولذلك فان تقسيم كره القدم السعوديه الي حزمتين علي اقل تقدير قد يكون البدايه الحقيقيه لنقله نوعيه في هذا الملف الساخن، بحيث يتم التمديد للقنوات السعوديه الرياضيه موسماً واحداً فقط مع المسارعه في طرح كراسه الشروط في مده اقصاها شهر اكتوبر القادم لخمسه مواسم قادمه، وتكون حزمتين رئيسيتين للنقل التلفزيوني المباشر الاولي للدوري فقط والثانيه لكاسي الملك وولي العهد والفئات العمريه، مع وجود حزمه خاصه بالبث عن طريق الانترنت واخري لملخص المباريات يتم بيعها اما مباشره عن طريق مالك الحقوق الاصلي او من يشتري الحقوق او باتفاق الطرفين حتي لا تؤثر علي قيمه الحقوق الاساسيه بالحزمتين.
نجاح الاستثمار الرياضي مرتبط بوجود اداره تسويق متفرغه مدعّمه بافضل المتخصصين من الشباب السعودي والعربي، مع وجود لجنه تسويق فعّاله بالإتحاد السعودي لكرة القدم اسوه بالاتحادات المحليه والقاريه والدوليه، ولعل ذلك يدعو لاعاده النظر في الهيكل التنظيمي للاتحاد السعودي لكره القدم وتدعيمه بدماء شابه جديده متخصصه متمكنه من لغات العصر وادواته كي ينهض الاتحاد ويواكب النهضه التي ينتظرها القطاع الرياضي.
ولعل الحاجه اصبحت ملحّه بشكل كبير في انشاء مبني نموذجي للاتحاد يلبي كافه احتياجاته من قاعات ومكاتب وملاعب ومناطق مسانده، وقد سبق وطرحت الفكره واقترحت الاستئناس بتصميم الاتحادين الدولي والاسيوي لكره القدم كخيار اول، او نموذج الاتحاد الاماراتي لكره القدم كخيار اخر لاتحاد محلي يشبه الاتحاد السعودي لكره القدم وبينهما كثير من القواسم المشتركه.
رابعاً: المستقبل الابعد: وهنا ينطلق الحديث ليحاكي الرؤيه اليابانيه 2050، ولا اريد التفصيل هنا، بل اكتفي باقتراح التواصل مع الاتحاد الياباني لكره القدم وطلب نسخه من الرؤيه اليابانيه ودراستها لتطبيقها بعد اجراء التعديلات الضروريه التي ارجو الا تكون كبيره بحجه الخصوصيه السعوديه، ويقيني ان التجربه اليابانيه قابله للتطبيق حيث بدات مع بدايه التسعينات وتم تطويرها اكثر من مره حسب المستجدات، حتي تمّ مؤخراً وضع الرؤيه التي تهدف لاستضافه وتحقيق كاس العالم 2050م.
المجتمع السعودي يزداد شباباً مع مرور السنين بتزايد نسبه من هم دون سن العشرين، والحل المثالي للرياضه السعوديه هو تبني النموذج الامريكي في ربط الرياضه بالتعليم، بحيث تكون المدارس والجامعات حاضنات للرياضيين في مختلف الالعاب من خلال وضع تنظيم للبطولات المدرسيه والجامعيه ينتج عنها تفريخ المميزين في الالعاب المختلفه وفي مقدمتها كره القدم، ولعل البدايه تكون بالتفاته الرئيس العام رئيس اللجنه الاولمبيه للاتحاد الرياضي للجامعات واستحداث اتحاد اخر للمدارس بحيث تكون اشبه بلجان اولمبيه مصغّره ترتبط باللجنه الاولمبيه السعوديه وتمد جسور التواصل مع الاتحادات والانديه الرياضيه بهدف توحيد الرؤي والسعي الجاد لصناعه وصقل المواهب الرياضيه.