تحليل : غوارديولا وثورة البايرن …الدوافع والأسباب
لم يكن تعاقد نادي بايرن ميونخ مع غوارديولا تعاقداً عادياً …بل كان ثورة بكل ما للكلمة من معنى لأن فكر المدرب الكتلوني غير تقليدي بالمرة ويعاكس الفكر الألماني القائم على الانضباط والكلاسيكية إن صح التعبير …ولهذه الثورة أسباب سنحاول أن نناقشها في السطور التالية .
بداية لنستعرض التغييرات التي قام بها غوارديولا مع البايرن …فبداية غير التشكيل الخططي من 4-2-3-1 إلى 4-1-4-1 ليكون حلاً وسطاً بين الخطة القديمة وخطة 4-3-3 التي تتيح له تطبيق أفكاره براحة لأنك في النهاية تدرب فريقاً فاز بكل شيء وليس من الحكمة تغيير كل شيء دفعة واحد أو بشكل الصدمة …لكنه شيئاً فشيئاً بدأ بإدخال التغييرات التي تناسب فكره الثوري …فأدخل فيليب إلى منتصف الملعب ليحل محل شفاينستايغر المصاب في دور غير مسبوق على النجم الألماني، كما أعطى دوراً أكبر لشاكيري ولعب بغوتزة كمهاجم وهمي بدلاً من من اللعب خلف المهاجم الرئيسي ماندزوكيتش،ولم تخلو مسيرة غوارديولا من القرارات المفاجئة كالإبقاء على روبن الذي اعتقد الجميع بانه سيكون خارج الفريق لأنانيته،والقرار المفاجئ الثاني كان عدم اعتماده على طوني كروس الذي يراه الكثيرون من أفضل لاعبي الارتكاز في ألماني..أما على صعيد الأسلوب فقد رسخ أسلوب الاستحواذ على الكرة وبناء الهجمات بناء على التمريرات القصيرة وتغير مستمر للمراكز …وهذه التغييرات ثورية جداً بالنسبة لأسلوب البايرن الفعال والبدني المعتمد على المباشرية باستخدام التمريرات العميقة والطولية، وهذه التغييرات ليست ثورية تكتيكياً وحسب بل ايضاً على المستوى الذهني كذلك لأنها تناقض العقلية الألمانية الفعالة والمنضبطة على اعتبار أن هذا الأسلوب يعتمد كثيراً على المبادرات الفردية لأعضاء الفريق …أي أنه يمتاز بحرية تكتيكية أكبر .
قد يتساءل الكثيرون كما تساءلنا نحن في بداية الموسم …لماذا تخاطر الإدارة بفريق بطل فاز بكل شيء فتقوم بثورة تكتيكية وذهنية فيه قد تدمر كل ما تم بناؤه ..وللجواب شقّان الأول موجود في السؤال نفسه بأنه(أي الفريق) فاز بكل شيء، وبالتالي هو بحاجة للتجديد في ظل أنه سيكون مرصوداً من جميع المنافسين وكل تحرّكاته ستكون مقروءة ومدروسة من قبل جميع مدربي العالم، كما أن الإدارة ترغب بإعطاء الفريق أبعاداً تكتيكية وذهنية جديدة لتبقي الفريق في القمة على اعتبار أنه أساساً ناجح في الأسلوب الكلاسيكي المعهود،وليس هناك أفضل من غوارديولا الذي صنع ثورة برشلونة ليقوم بهذه المهمة ، وبالتأكيد أن الإدارة درست مع غوارديولا استراتيجية التغيير مدعومة بالأرقام والإحصاءات عن قدرة اللاعبين على تطبيق الأفكار الجديدة، ورغم كل التشكيك في المدرب الشاب وقدراته على توليف أفكاره مع لاعبي البايرن المختلفين تماماً عن لاعبي برشلونة إلا أنه استطاع أن ينجح في التحدي ويجد الطريقة المناسبة ليقود البايرن بنجاح حتى الآن ..لكن الحكم الحقيقي في نهاية الموسم ووقتها يمكن القول إن كان غوارديولا قد نجح بشكل أسطوري كما فعل مع برشلونة أم لا .