برعاية

"إلبولبو".. ريشة فرنسية ساحرة تؤثث لوحة الـ"كالتشيو"

"إلبولبو".. ريشة فرنسية ساحرة تؤثث لوحة الـ"كالتشيو"

من اليسير اكتساب لقب "الواعد" على كثرته في هذا العصر الذي يعيش زخماً في خامات "مغازلي" الجلد المدور من الأجيال الصاعدة، لكن العسير أن تتبوأ مكانة الريادة، ليس بينهم فحسب، بل وسط زحام النجوم المتراكمة التي تزخر بها ملاعب العالم على اختلاف أجناسها.

عادة ما يكون اختزال الزمن كناية عن مهارة خارقة، والنجومية المبكرة دلالة عن نبوغة استثنائية.. وعندما يجتمع الشقان من الحتمي أن نشهد ميلاد اسم عصي عن التقليد بوأوه شعار "الإمبراطور الثائر في مملكة الوسط".. لتنشأ بالتالي "هبة السمراء لبلد الأنوار".. بول بوغبا.

"أولد ترافورد" محطة أولى خسر رهانها الـ"سير"

من جذور غينية، أبصر "بول لابيل بوغبا" النور على تراب فرنسا في 15 آذار/مارس من عام 1993، ولم يستغرق وقتاً لكي يخرج موهبته للعلن في سن السادسة حيث انتمى إلى نادي "رواسي أون بري" ليشبع ساقيه من مداعبة الكرة حتى ربيعه الثالث عشر، الذي حل به في نادي "تورسي" إذ قضى موسمين فقط لينتقل بعدها إلى محطة "لوهافر" التي شهدت فعلياً بروزه على مستوى يافعي أوروبا "المغمورين"، حيث كان قائد الفريق لما دون 16 سنة، وهو ما لفت كشافي "مان يونايتد".

كعادة "الاضطهاد" التي دأب عليها كبار القارة العجوز، استخدم "الشياطين الحمر" سياسة ملتوية لكسب ود اللاعب "الهاوي" والظفر بتوقيعه بشكل مثير للجدل دون علم ناديه، وهو ما أثار حفيظة النادي الفرنسي وقتها، ورغماً عن أنف مكتشفيه انضم بوغبا إلى مركز الشبان التابع للنادي الإنكليزي بترخيص ظرفي من طرف الـ"فيفا"، قبل أن يتوصل الفريقان لحسم المسألة عبر اتفاق ودي في 2010.

على الرغم من "الضوضاء" التي صبغت قدومه إلى "مسرح الأحلام، لم يكن مشوار الفتى الأفريقي مع "ريد إفلز" مشرقاً كما كان متوقعاً له، فمنذ أن خاض مباراته الأولى أمام ليدز يونايتد لحساب كأس الرابطة الإنكليزية، والتي نزل فيهاً بديلاً للقيصر الويلزي رايان غيغز في 20 أيلول/سبتمبر 2011، لم يشارك في تشكيلة السير أليكس فيرغسون سوى في 7 مناسبات فقط، زد على ذلك تعقد وضعيته في الفريق عقب تعرضه لإصابة خطيرة في الكاحل في نيسان/أبريل 2012، ما عجل بإقلاع "سفير الديوك" من أرض الضباب إلى بلد الـ"كالتشيو" بعد رفضه تمديد عقده، ليرتمي في أحضان "السيدة العجوز" موقعاً عقداً في 3 آب/أغسطس 2012، مدته أربع سنوات ونصف، ليعلن القدر نشأة "إلبولبو".

"بوغ بوم" يولد من جديد في تورينو

مستنيراً بمزيج بين فكر، سليل مولده، نابليون بونابرت "المحارب لقاموس المستحيل" وفلسفة الصيني كونفوشيوس الذي عرف العظمة على أنها فعل النهوض مجدداً بعد السقوط وليس عدم السقوط أبداً، طوى بوغبا صفحة يونايتد المعتمة، وفتح باب أمل جديد في مدينة طورينو التي كانت المنعرج الحاسم في حياته والتي انتقلت به فعلياً من ظلال نكر الذات إلى تصدر أروقة الشهرة.

منذ موسمه الافتتاحي مع الـ"بيانكونيري" الذي وقع فيه 5 أهداف في 37 مواجهة خاضها، والذي ساعد فيه الفريق على التتويج بلقب الـ"سكوديتو" لخص بوغبا مقولة الرجل المناسب في المكان المناسب، إذ انفجرت طاقاته سريعاً واستحوذ بعطاءاته الغزيرة وأسلوبه الراقي على قلوب جماهير اليوفي التي أطلقت عليه مجموعة من الألقاب يبقى أكثرها شيوعاً "إلبولبو" أي الديك نسبة لديوك فرنسا و "بوغ بوم" في إشارة إلى التسديدات الصاروخية والدقيقة التي تميزه.

موسم بوغبا الثاني على مسرح "أولمبيكو دي طورينو"، كان موسم التأكيد حيث جذر النجم الجديد اسمه في التشكيل الأساسي لكتيبة أنطونيو كونتي، حتى أنه كان اللاعب الأكثر خوضاً للمباريات في بداية الموسم الحالي (8 مباريات متتالية)، ليصبح خليفة "باتريك فييرا" بامتياز. كما يعتبره الكثير من المحللين، العنصر الجوهري الذي لا ينتظم وقار "لا فيكيا سينيورا" دون حضوره.

مع معدل محسن مقارنة بالموسم الماضي قوامه 7 أهداف في 29 مباراة، آخرها نموذج حي من تسديدة رائعة وقع فيها رابع أهداف يوفنتوس في مرمى ضيفه سامبدوريا السبت الماضي، لا يزال بوغبا يدير الرقاب إليه بلا هوادة.

ألق بوغبا استمر في صفوف "الديوك"، فعلاوة على تتويجه مع منتخب ما دون 20 سنة بلقب كأس العالم التي أقيمت بتركيا عام 2013، والذي حصل فيها على جائزة الكرة الذهبية كأحسن لاعب في البطولة، حصد "قائد" شباب الـ"تريكولور" جائزة أفضل لاعب واعد في أوروبا عن العام ذاته، بتاريخ 4 كانون الأول/ديسمبر 2013.

إنجازات بوغبا حفزت المدرب ديدييه ديشان على توجيه الدعوة إليه في التصفيات المونديالية الماضية للمرة الأولى، حيث لعب دور المساهم الفعال في بلوغ بلاده محطة البرازيل عبر بوابة الملحق.

بصمة مونيه في لوحة الكرة

أناقة بوغبا وآدائه الساحر في وسط الملعب، لفت الكثير من متابعيه ولعل أقربهم وكيل أعماله الإيطالي، كارمين رايولا المشهور باسم "مينو"، والذي يعتبر أحد أشهر وكلاء اللاعبين في العالم.

وصف "مينو رايولا" سحر بوغبا في إحدى تصريحاته لصحيفة "لاغازيتا ديلو سبورت"، مشبهاً إياه بلوحات الرسام الفرنسي المشهور كلود مونيه، وهو ما يمكن اعتباره أبلغ وصف عن قدرات النجم الأسمر.

الخبر بالكامل
رأيك يهمنا